رواتب «سخية» وتجديدات باهظة.. سوء إدارة مالية يثقل كاهل برج إيفل

كشفت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن تقارير رسمية أظهرت أن الشركة المشغّلة لرمز السياحة الفرنسية الأشهر، برج إيفل، تغرق في العجز المالي منذ سنوات، رغم الإقبال الكبير الذي يشهده المعلم الباريسي من ملايين الزوار سنوياً.
في عام 2024، استقبل البرج أكثر من 6.3 ملايين زائر، ما جعله من أكثر المواقع الثقافية زيارة في فرنسا.
ومع ذلك، تكشف غرفة الحسابات الإقليمية لإيل دو فرانس في تقريرها الصادر في أكتوبر/تشرين الأول، أن الوضع المالي للبرج "في المنطقة الحمراء" منذ سنوات، متأثرًا بجائحة كوفيد-19 التي شلّت الحركة السياحية وتسببت بخسارة 149 مليون يورو من مداخيل التذاكر خلال فترة الإغلاق الممتدة بين عامي 2020 و2022.
لكن الجائحة لم تكن السبب الوحيد. فقد أدّى ارتفاع تكاليف الصيانة والاستثمار إلى تفاقم الأزمة، خصوصًا خلال حملة الطلاء العشرين التي خضعت لقوانين جديدة بشأن معالجة الرصاص، ما رفع كلفتها إلى 42 مليون يورو بين عامي 2019 و2021، أي ما يعادل ربع إيرادات التذاكر في الفترة نفسها.
عجز هيكلي مزمن
خلال الفترة الممتدة من 2019 إلى 2024، بلغ إجمالي عجز التشغيل 121 مليون يورو (141.1 مليون دولار)، ما اضطر بلدية باريس إلى ضخّ أموال لإنقاذ الشركة مرتين، بقيمة إجمالية بلغت 75 مليون يورو (87.5 مليون دولار).
وجاء في تقرير الغرفة أن "الزيادة الأولى في رأس المال عام 2021، بقيمة 60 مليون يورو (70 مليون دولار)، امتصّت خسائر الشركة، فيما تبعتها أخرى في 2024 بقيمة 15 مليون يورو (17.5 مليون دولار) لدعم السيولة".
وفي محاولة لإعادة التوازن، تم توقيع ملحق جديد لعقد التشغيل عام 2024 يتضمن رفع أسعار التذاكر وتمديد مدة الامتياز لعام إضافي وزيادة رسوم البلدية.
وهذه الإجراءات يُفترض أن توفّر 139 مليون يورو (162.2 مليون دولار) إضافية حتى عام 2031، لكن الغرفة المالية حذّرت من أن الخطة "تعتمد على قدرة مثالية في ضبط النفقات، وهو ما لم تُظهره الشركة بين 2019 و2023"، متوقعة عجزاً نهائياً يفوق 31 مليون يورو (36.2 مليون دولار) بحلول نهاية العقد.
سياسة أجور "سخية" وانتقادات إدارية
إلى جانf ذلك، يسلّط التقرير الضوء على سياسة رواتب داخلية مثيرة للجدل، إذ ارتفعت كتلة الأجور من 41 إلى 53 مليون يورو (47.8 - 61.9 مليون دولار) بين 2019 و2024، أي زيادة بنسبة 31%، مدفوعة بارتفاع عدد الموظفين (12%) ومتوسط الأجور (17%).
وقالت الغرفة في تقريرها إن موظفي الشركة "يستفيدون من سياسة تعويض سخية ومنح مالية لا ترتبط دائمًا بأداء فعلي"، مشيرة إلى أن كل يورو مفقود يعني حاجة متزايدة إلى رساميل جديدة.
إدارة ضعيفة ورقابة محدودة
رغم التزام الشركة بالقواعد الشكلية للمؤسسات العامة المحلية، فإن آليات الرقابة والحوكمة ما تزال موضع تساؤل.
فقد لوحظ أن اللجنة المكلّفة بمتابعة الاستثمارات توقفت عن الاجتماع منذ بداية الجائحة، ولم تُستأنف اجتماعاتها إلا في سبتمبر/أيلول 2024.
كما انتقد التقرير "ضعف الرقابة البلدية على الاستراتيجية العامة للشركة" و"خمول اللجنة المالية"، مشيرًا إلى أن الاجتماعات العامة غالبًا ما تُعقد دون نقاش فعلي
وبينما يستمر برج إيفل، الذي يُطلق عليه “سيدة الحديد”، بإضاءة سماء باريس كل ليلة، فإن البرج يُلقي في الوقت ذاته ظلالًا مالية ثقيلة على العاصمة الفرنسية، في وقت تواجه فيه المدينة تحديات اقتصادية متزايدة وعبئًا متناميًا لإدارة أحد أشهر معالم العالم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز