فرنسا تحرم الفائزين بجوائز نوبل من امتيازات ضريبية ضمن خطة للتقشف
إلغاء 23 امتيازا للمتقاعدين والمصروفات الدراسية والوقود

في خطوة جريئة تهدف إلى تقليص العجز العام وضبط الإنفاق، كشفت الحكومة الفرنسية عن مشروع موازنة 2026 الذي يتضمّن إلغاء 23 امتيازًا ضريبيًا تُعرف باسم "الثغرات الضريبية" (niches fiscales).
ويأتي ذلك في إطار خطة إصلاحية تهدف إلى توفير نحو 5 مليارات يورو لخزينة الدولة، وسط جدل سياسي واجتماعي متصاعد، بحسب صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية.
ووفقًا لوزير المالية الفرنسي سيباستيان لوكورنو، فإن هذه الإجراءات تأتي بعد مراجعة شاملة شملت 474 إعفاءً وضريبيًا خاصًا، اعتُبر العديد منها "قديمًا أو غير فعّال"، فيما تُقدّر التكلفة السنوية لهذه الامتيازات بـ 85 مليار يورو تمثّل خسارة مباشرة في إيرادات الدولة.
موازنة التقشّف 2026: القضاء على الامتيازات "غير الفعّالة"
وقال لوكورنو، خلال عرضه لمشروع الموازنة أمام البرلمان في 14 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن الحكومة تسعى إلى "تحقيق العدالة الضريبية" من خلال ترشيد الدعم والإعفاءات الموجّهة التي لم تعد تخدم أهدافها الاقتصادية أو الاجتماعية.
وأوضح أن إلغاء هذه الثغرات يندرج ضمن "إصلاح شامل للنظام الضريبي الفرنسي"، بهدف تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية، مؤكدًا أن "المواطنين والشركات سيُعاملون وفق قواعد أكثر وضوحًا ومساواة".
ويعيد هذا التوجّه إلى الأذهان تصريحات رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو، الذي دعا في يوليو/تموز الماضي إلى "ملاحقة الامتيازات الضريبية غير المجدية" في سبيل تحقيق وفورات مالية ملموسة.
المتقاعدون في مرمى الإصلاح
من أبرز المقترحات المثيرة للجدل إلغاء الخصم الضريبي البالغ 10% على معاشات التقاعد، وهو إجراء ظلّ من المحرّمات السياسية لعقود.
تُبرّر الحكومة هذا القرار بأن هذا الإعفاء يُشكّل "عبئًا ثقيلًا على المال العام" ويؤدي إلى "نتائج غير عادلة من الناحية التوزيعية"، إذ يستفيد منه الأكثر ثراءً أكثر من المتقاعدين محدودي الدخل.
كما تدرس الموازنة إلغاء إعفاءات أخرى تشمل المساعدات التي تُصرف في حالات المرض الطويل، إضافة إلى الاعتمادات الضريبية على المصروفات الدراسية التي يستفيد منها أولياء الأمور (61 يورو للمدارس الإعدادية، 153 يورو للثانوية، و183 يورو للجامعات).
ضرائب جديدة على الوقود الحيوي E85
ضمن الإجراءات المثيرة للجدل، تتضمّن الموازنة أيضًا زيادة الضرائب على وقود الإيثانول E85، الذي يُستخدم حاليًا في نحو 400 ألف سيارة فرنسية، ويُعتبر خيارًا اقتصاديًا لأن سعره يقلّ عن نصف سعر البنزين العادي.
لكن الخبراء يحذّرون من أن رفع الضريبة قد يُشعل غضبًا شعبيًا جديدًا، على غرار احتجاجات "السترات الصفراء" عام 2018، خاصة في المناطق الريفية التي تعتمد بشدّة على هذا النوع من الوقود منخفض التكلفة.
نهاية بعض الامتيازات الرمزية
ومن بين الامتيازات التي تطالها المقصلة الضريبية أيضًا الإعفاءات الخاصة بحائزي جائزة نوبل، والرياضيين المحترفين الذين ينتقلون إلى وظائف مدنية بعد الاعتزال، إضافة إلى بعض الإعفاءات المؤقتة التي لم تعد ذات جدوى، مثل تلك الممنوحة للشركات المتضرّرة من أزمة المياه في جزيرة مايوت عام 2023.
ورغم أن بعض هذه الإجراءات رمزيّة الطابع، يرى اقتصاديون أنها تمثّل "رسالة سياسية واضحة" بأن الحكومة عازمة على إنهاء الثقافة الضريبية الاستثنائية التي ميّزت النظام الفرنسي لعقود.
قلق اجتماعي ومخاوف من "قنبلة ضريبية"
في المقابل، أثار المشروع موجة من الانتقادات من النقابات العمالية والمعارضة اليسارية، التي حذّرت من أن القرارات الجديدة قد تمسّ الطبقة الوسطى والمتقاعدين والعائلات محدودة الدخل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA== جزيرة ام اند امز