جنيف 4.. رأس في مواجهة ثلاثة رؤوس
بينما يمثل المعارضة السورية ثلاثة وفود في "جنيف 4"، يمثل نظام بشار الأسد وفدا واحدا
كيف يدير المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا المفاوضات في مؤتمر "جنيف 4" بين النظام السوري والمعارضة، بينما يوجد ثلاثة وفود للمعارضة، أحدهما يرى أن المفاوضات يجب أن تركز على رحيل بشار الأسد عن السلطة، بينما يرى وفدان آخران أن النقاش حول بقاء بشار الأسد أو رحيله، هو هدر للوقت؟
قد يتهم البعض دي ميستورا، أنه من أوصل المشهد إلى هذه الحالة بعد دعوته منصتي القاهرة وموسكو (المعارضة التي تشكلت في مؤتمرات عقدت بمصر وروسيا) للانضمام إلى المفاوضات التي تشارك فيها الهيئة العليا للمفاوضات ( منصة الرياض)، كممثل للمعارضة، ولكن الأحداث التي سبقت عقد "جنيف 4" تشير إلى أن المعارضة نفسها، هي من ساعدت على وصول المشهد لهذه الحالة.
وقبل انطلاق المؤتمر حذر دي ميستورا من أنه سيقوم بتحديد وفد المعارضة بنفسه ليكون شاملا قدر الإمكان، في حال لم تكن المعارضة جاهزة للمشاركة بوفد موحد بحلول الـ8 من فبراير/ شباط الحالي.
وانتقدت الهيئة العليا للمفاوضات وقتها دي ميستورا، وقال منسقها العام رياض حجاب في تغريدة على «تويتر»، إن «تحديد وفد المعارضة السورية ليس من اختصاص دي ميستورا"، مضيفا أن "أهم ما يجب أن ينشغل به الموفد الأممي هو تحديد أجندة للمفاوضات وفق بيان جنيف".
ودعت منصتا القاهرة وموسكو وقتها الهيئة العليا للمفاوضات للاجتماع في مقرها بالرياض لتشكيل وفد المعارضة، ولكن الهيئة لم تستجب وقتها لهذه الدعوة وعقدت خلال يومي 10 و11 فبراير/شباط اجتماعا من طرف واحد، أصدرت في ختامه بيانا، أعلنت فيه تشكيل المعارضة إلى "جنيف 4"، وقالت إنها استقرت على أن يكون نصف أعضائه ممثلين عن القوى العسكرية، إضافة إلى ممثلين عن المكونات السياسية في الهيئة العليا للمفاوضات، وعن منصتي القاهرة وموسكو.
"جنيف 4".. مفاوضات لن يتحاور فيها السوريون
دي ميستورا : لا أتوقع انفراجة في "جنيف 4"
اعتبرت منصتا القاهرة وموسكو أن عقد اجتماع تشكيل وفد المعارضة بدونهما يعتبر تجاوزا لحقهما، لأنهما يريان أن تشكيل وفد المعارضة يحب أن يقوم على قاعدة تضمن عدم إقصاء أحد وعدم هيمنة أي طرف من الأطراف على الوفد المشترك، وهو ما دفعهما إلى إرسال خطاب للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في يوم انطلاق مؤتمر الهيئة العليا للمفاوضات نفسه، وضعا فيه مقترحاتهما لتشكيل وفد المعارضة.
وجاء في الخطاب أنه "استجابة لطلب السيد دي ميستورا بضرورة تشكيل وفد واحد للمعارضة السورية، لمواجهة استحقاقات الجولة القادمة من المفاوضات، اتصلنا مع الهيئة العليا للتفاوض بهدف تشكيل الوفد الواحد على قاعدة تضمن عدم إقصاء أحد، وعدم هيمنة أي طرف من الأطراف على الوفد المشترك. إلا أن اتصالاتنا، مع الأسف، لم تفضِ حتى الآن إلى نتائج ملموسة".
وقالوا إنه "في حال تمسكت الأمم المتحدة والمبعوث الدولي بفكرة الوفد الواحد، وهو ما نتمناه ونراه أمرا صائبا، فإننا نقترح أن يتم تشكيل الوفد، بـ3 ممثلين عن كل منصة؛ وهي الرياض وموسكو والقاهرة؛ أي يصبح مجموعهم 9 أشخاص، إضافة إلى 3 ممثلين عن الفصائل العسكرية التي شاركت في مؤتمر أستانا، يضاف إليهم ممثل واحد عن منصة أستانا التي مثلت في جنيف، وتترك مقاعد لوفد من النساء".
المعارضة السورية تجدد ربط مفاوضات جنيف برحيل الأسد
الواقعية تقهر التفاؤل عشية "جنيف 4"
وأمام هذه الحالة تعذر تشكيل وفد موحد، الأمر الذي دفع دي ميستورا إلى تنفيذ تحذيره، وقام بتوجيه الدعوات لمنصتي القاهرة وموسكو، لتصبح المعارضة بـ3 رؤوس في مواجهة وفد واحد ممثل للنظام السوري.
وبدلا من أن تكون وظيفة المبعوث الأممي قيادة المفاوضات بين المعارضة والنظام، كان يتعين عليه في البداية قيادة المفاوضات بين أطياف المعارضة الثلاثة لجمعها في وفد موحد.
واشترطت الهيئة العليا للمفاوضات لضم منصتي القاهرة وموسكو ضمن وفدها توقيعها على مخرجات مؤتمر الرياض التي وصفوها بـ"ثوابت الثورة"، بينما رفضت منصتا القاهرة وموسكو هذا المطلب، وتمسكا باستقلالهما كوفدين منفصلين.
وكان من نتيجة هذه الحالة، خروج آراء مضادة لبعضها من رموز كل منصة، فبينما أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات تمسكها برحيل بشار الأسد، قال المعارض والفنان السوري جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة في وفد جنيف، إن النقاش حول بقاء بشار الأسد أو رحيله كلفت السوريين مزيدا من الصراع، مشيراً إلى أنه لا يرى جدوى في هدر الوقت في نقاش هذا الموضوع.
وعلى ذلك، تحولت مفاوضات جنيف من مشاورات بين طرفين (النظام والمعارضة) إلى مشاورات بين أطراف سورية متنازعة.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز