التوترات الجيوسياسية تكتب تاريخ المعدن الأصفر.. «الذهب» لقمة جديدة

مدفوعًا بتزايد التوترات الجيوسياسية حول العالم، إضافة إلى السياسة النقدية المتوقعة للفيدرالي الأمريكي يواصل الذهب تحقيق مكاسب قياسية.
فمع استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط، وتصاعد المخاوف الاقتصادية العالمية، بات الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين، مما دفع أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت حاجز 3055 دولارًا للأوقية للمرة الأولى في التاريخ.
حالة عدم اليقين
ولطالما اعتُبر الذهب ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، لا سيما بعد استئناف إسرائيل غاراتها الجوية على غزة، وتجدد المخاوف من توسع دائرة الصراع، تزايد الطلب على المعدن الأصفر كوسيلة للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية والسياسية.
كما أن تزايد المخاوف بشأن تداعيات الحرب التجارية بين أمريكا والصين واحتمالات فرض المزيد من الرسوم الجمركية عزز من جاذبية الذهب، حيث يسعى المستثمرون إلى حماية أصولهم من التقلبات الحادة في الأسواق المالية.
دفعة الفيدرالي الأمريكي
إلى جانب العوامل الجيوسياسية، لعبت السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي دورًا أساسيًا في دعم ارتفاع أسعار الذهب.
فبعد أن أبقى البنك المركزي الأمريكي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير، أشار إلى إمكانية إجراء خفضين للفائدة بمقدار 0.25 نقطة مئوية لكل منهما بحلول نهاية 2025.
وحضّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، الاحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة للحدّ من تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها وأثارت ردود فعل تضخّمية.
وجاءت هذه الدعوة من الرئيس الأمريكي بعد أن قرّر البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير.
وكتب ترامب على منصّته "تروث سوشيال" للتواصل الاجتماعي مخاطبا أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي "افعلوا الصواب".
وأرجأ البنك المركزي الأميركي خفض أسعار الفائدة، وخفّض توقعاته للنمو، ورفع توقّعاته للتضخّم.
هذا الإعلان عزز التوقعات باتجاه نقدي أكثر تيسيرًا، وهو ما يجعل الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول التي تدر عوائد مثل السندات، نظرًا لأن الفائدة المنخفضة تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب.
أرقام قياسية جديدة
وشهد العام 2025 موجة ارتفاعات غير مسبوقة للذهب، حيث سجل المعدن النفيس 16 مستوى قياسيًا جديدًا منذ يناير/كانون الثاني، 4 منها فوق حاجز 3000 دولار للأوقية.
ويرى محللون أن الذهب قد يواصل صعوده خلال الفترة المقبلة، مدعومًا بتزايد الطلب العالمي عليه، وخصوصًا من قبل البنوك المركزية التي تعزز احتياطياتها من الذهب لمواجهة الضغوط الاقتصادية.
المعادن النفيسة تلحق به
لم يكن الذهب وحده المستفيد من التقلبات العالمية، فقد شهدت المعادن النفيسة الأخرى أيضًا ارتفاعات ملحوظة.
حيث صعدت الفضة في المعاملات الفورية إلى 33.84 دولارًا للأوقية، بينما ارتفع البلاتين بنسبة 0.4% إلى 996.80 دولارًا، كما سجل البلاديوم مكاسب طفيفة ليصل إلى 959.65 دولارًا.
ومع استمرار الغموض الجيوسياسي، وتوقعات المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، يظل الذهب في موقع قوة لتحقيق مزيد من المكاسب.
ومع ذلك، يراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات جديدة من الفيدرالي الأمريكي أو تطورات التوترات الدولية، والتي قد تحدد المسار المستقبلي لحركة الذهب خلال الأشهر المقبلة.