يبدو أن الوزير المستجد في عالم السياسة -ظاهريا- آثر على نفسه الانضمام إلى جوقة "كلن يعني كلن" مبكرا جدا.
وزير الإعلام اللبناني بحكومة ميقاتي جورج قرداحي، نسي نفسه في لحظة من اللحظات وأطلق العنان لما يجول في خاطره وقلبه، وصرح علانية بحقيقة موقفه تجاه المملكة العربية السعودية، التي تقود تحالف دعم الشرعية في اليمن، وكيف أنه يرى هذه الحرب "ضد الشعب اليمني"، وأن الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم"، غير أن فطنة قرداحي على ما يبدو غاب عنها أن المملكة العربية السعودية هي التي تدافع عن اليمن واليمنيين، وتقدم الغالي والنفيس نصرة للحق وللشعب اليمني.
وزير الإعلام اللبناني بتصريحاته، التي خرجت أخيرا إلى العلن، والتي لم يكن يصرح بها سابقا، كان قد عمل وعاش فترة طويلة من حياته العملية كمقدم برامج في مجموعة إعلامية "سعودية"، هي الأكبر في الوطن العربي، قد فتحت الباب له وقدمته للجمهور العربي الكبير، نسي بكل بساطة ما قدمته المملكة العربية السعودية له شخصيا ولبلاده لبنان وللدول والشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج، وضرب عرض الحائط بكل سمات الدبلوماسية "الكاذبة" على الأقل، بمجرد أن وصل إلى كرسي السلطة في لبنان.
لبنان، الذي يغرق سياسيوه يوما بعد الآخر أكثر فأكثر في محيط من العنصرية والطائفية والفساد، وتحكمه مليشيات "حزب الله" الإرهابي و"أمل" وفصائل وأحزاب طائفية اختطفت البلاد والعباد، هو ذلك البلد، الذي يقف على رأس إعلامه اليوم جورج قرداحي، الذي حاول "مرغما" "ترقيع" قوله، فجانب الكثير من الحقيقة في تعابيره، بل وأصر بشكل واضح على موقفه -الذي يمثل حقيقة ما يحجب في صدره- وهو الذي يمثل بالفعل الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان بمختلف أشكالها وألوانها.
وزير الإعلام اللبناني نسي على ما يبدو ما قدمته وتقدمه المملكة العربية السعودية لبلاده على وجه الخصوص من دعم مادي وسياسي لا محدود، وقد أعماه حقده الدفين الخفي عن قول الحقيقة الوحيدة حول الأزمة اليمنية، وهي التي تسبب بها بالأساس حلفاؤه الحوثيون من أذناب إيران في اليمن، بعد أن انقلبوا على الشرعية واستباحوا الأرض وأحرقوا الحرث والنسل، لتنفيذ مخططات الملالي هناك.
جورج قرداحي نسي أن حال لبنان اليوم يستدعي منه ومن حكومته تصحيح المسار السياسي للبلاد، والنظر إلى الأمور بحكمة السياسي الذي لا تهمه إلا مصلحة بلاده، وليس الانسياق خلف من تسبب بدمار بلاده ونشر الفساد والفوضى بها، ومصلحة لبنان لن تكون إلا مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، فهي التي عملت وتعمل دوما على عودة لبنان إلى الحاضنة العربية، وهي التي قدمت للبنان الكثير مما لا ينكره إلا جاحد أو جاهل.
في النهاية، فإن مواقف دول الخليج العربي مجتمعة خلف المملكة العربية السعودية، وجميع المواقف نابعة من حقيقة أن كل ما يمس السعودية يمس كل دول الخليج العربي، بل كل العالم الإسلامي، وهي رسالة واضحة للسياسيين في لبنان، بأن هذا الطريق، الذي يصرون على سلوكه، لن يزيد لبنان إلا عزلة وانهيارا، في وقت يعاني منه اللبنانيون أكثر من غيرهم نتيجة لمثل هذه السلوكيات والتصريحات.
Twitter: @tajalradi
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة