جورجيا.. هل تنجر إلى حلبة الصراع الأمريكي الروسي؟
بين يوم وليلة، اتجهت الأنظار إلى جورجيا التي أصبحت حلبة جديدة للصراع بين روسيا وأمريكا.
وخرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع، مساء أمس السبت، في العاصمة تبليسي للاحتجاج مرة أخرى على مشروع قانون "التأثير الأجنبي" المثير للجدل، الذي تؤيده الحكومة وتعرض لانتقادات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتوجه المتظاهرون إلى ساحة أوروبا، ورفعوا أعلام جورجيا والاتحاد الأوروبي الذي تقول تبليسي إنها تريد الانضمام إليه، على الرغم من أن منتقدي النص يعتبرونه مستلهما من القانون الروسي بشأن "العملاء الأجانب"، و"يهدف إلى إسكات المعارضة"، وقد يؤثر على طموح البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
إشكالية "الحلم الجورجي"
وهتف عدد كبير من المتظاهرين "جورجيا، جورجيا"، وساروا على طول نهر كورا على الرغم من هطول أمطار غزيرة.
وقالت المتظاهرة مريم مونارجيا إنها جاءت لتظهر أن بلادها "تريد ببساطة أن تكون ضمن المجتمع الأوروبي"، مضيفة: "نحن نحمي مستقبلنا الأوروبي".
ومنذ التاسع من أبريل/نيسان، تشهد جورجيا الواقعة في القوقاز مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة بعد أن أعاد حزب "الحلم الجورجي" تقديم مشروع قانون "التأثير الأجنبي"، الذي يخالف طموحات تبليسي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، حسبما تقول انتقادات داخلية وخارجية.
وأثار مشروع القانون الذي مر بالقراءة الثانية في البرلمان، يوم الأربعاء الماضي، ولا يزال يحتاج إلى قراءة ثالثة، انتقادات دولية وغربية.
في هذا السياق، يقول الدكتور عاطف عبدالجواد المحلل السياسي الأمريكي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن المشكلة تكمن في أن حزب الحلم الجورجي الحاكم يريد تحقيق منافع متناقضة بين الرغبة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وفي نفس الوقت التحالف مع روسيا.
وأوضح أن مؤسس هذا الحزب ملياردير جمع ثروته خلال فترة الاتحاد السوفياتي السابق، التي تنافس إجمالي الناتج المحلي في جورجيا، ويرغب الحزب في تمرير قانون المنظمات على اعتبار أنه سيعزز شعبيته قبيل الانتخابات المقبلة.
ولفت عبدالجواد إلى أن هذا يأتي في ظل أن هذه الدولة تتلقى معونات من الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتالي لديهما مخاوف من تحولات محتملة نحو روسيا، وما يحدث يجري في إطار الصراع الاستراتيجي بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين من جهة وموسكو من جهة أخرى.
ويتوقع أن تستخدم رئيسة البلاد سالومي زورابيشفيلي، وهي في صراع مفتوح مع حزب الحلم الجورجي، حق النقض ضد القانون، إلا أن هذا الحزب يتمتع بغالبية كبيرة في المجلس التشريعي، ما يسمح له بتمرير القوانين والتصويت ضدّ الفيتو الرئاسي دون الحاجة إلى دعم أيّ من نواب المعارضة.
مواجهة بين روسيا وأمريكا؟
بدوره، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشأن الروسي إن مسألة الاحتجاجات بشكل أو بآخر تعبر عن جانب من المواجهات بين روسيا وأمريكا التي تأخذ طابع تشجيع الاحتجاجات بشكل متبادل.
وأضاف رشوان، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن ما يجب أخذه في الاعتبار أن روسيا لا يزال لها تأثيرها الكبير داخل جورجيا، واللغة الروسية لا تزال موجودة، فضلا عن العلاقات الاقتصادية، وبالتالي هناك تأثر بالتوترات بين واشنطن وموسكو.
وفي حالة إقرار القانون، فإنه سيلزم أيّ منظمة غير حكومية أو مؤسسة إعلامية تتلقى أكثر من 20% من تمويلها من الخارج، بالتسجيل باعتبارها "منظمة تسعى لتحقيق مصالح قوة أجنبية".
وتؤكد الحكومة أن هذا الإجراء يهدف إلى إجبار المنظمات على إظهار قدر أكبر من "الشفافية" بخصوص تمويلها.
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA== جزيرة ام اند امز