اغتيال مؤجل.. كيف نجى رئيس أمريكا الأسبق من رصاصتين نسائيتين؟

في خريف عام 1975 عاش الأمريكيون واحدة من أكثر اللحظات توتراً في تاريخهم السياسي الحديث، حين نجا الرئيس جيرالد فورد من محاولتي اغتيال
متتاليتين خلال 17 يوماً فقط، كلتيهما على يد امرأتين وفي الولاية نفسها: كاليفورنيا.
كان فورد قد وصل إلى البيت الأبيض قبل عام واحد فقط، بعد استقالة ريتشارد نيكسون في أعقاب فضيحة ووترغيت، وهو نفسه كان قد أصبح نائباً للرئيس إثر استقالة سبيرو أغنيو، بحسب تقرير لموقع هيستوري.
ورغم الشعبية الواسعة التي حظى بها في بداية توليه المنصب، إلا أن قراره المثير للجدل بالعفو عن نيكسون في سبتمبر/أيلول 1974 أفقده كثيراً من الدعم الشعبي، ليواجه في السنة التالية تهديداً مباشراً لحياته.
المحاولة الأولى: لينيت "سكوِيكي" فروم في ساكرامنتو
في صباح 5 سبتمبر/ أيلول 1975، كان فورد في طريقه من فندق "السيناتور" إلى مبنى الكابيتول بساكرامنتو للقاء الحاكم جيري براون. وبينما كان يسير في حديقة المبنى عند الساعة 10:04 تقريباً، تقدمت منه شابة ترتدي زياً غريباً يشبه "ذات الرداء الأحمر"، ورفعت في وجهه مسدساً من طراز "كولت" عيار 45 مليمتراً من مسافة خطوتين فقط. لكن المفاجأة أن حجرة الإطلاق في السلاح كانت فارغة، وهو ما أنقذ حياة الرئيس.
الشابة كانت لينيت فروم، البالغة 26 عاماً، وأحد أخلص أتباع تشارلز مانسون، زعيم الطائفة الدموية التي نفذت جرائم قتل مروعة أواخر الستينيات. ورغم أنها لم تشارك في تلك الجرائم، إلا أنها أرادت، بحسب روايات لاحقة، أن تنال رضا مانسون وهو خلف القضبان. وبررت فعلتها بأنها احتجاج على تدمير غابات الخشب الأحمر في كاليفورنيا.
خلال محاكمتها، رفضت فروم التعاون مع محاميها، وفي إحدى الجلسات ألقت تفاحة على المدعي العام. وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975 أُدينت بمحاولة اغتيال الرئيس، وحُكم عليها بالسجن المؤبد في سجن "ألدرسون" الفيدرالي بغرب فرجينيا.
ورغم تمكنها من الهرب لفترة وجيزة عام 1987، فقد أُعيدت للسجن بعد يومين، قبل أن تحصل على إفراج مشروط عام 2009 بعد 34 عاماً خلف القضبان.
المحاولة الثانية: سارة جين مور في سان فرانسيسكو
بعد أقل من ثلاثة أسابيع، وتحديداً في 22 سبتمبر/أيلول 1975، تعرض فورد لمحاولة اغتيال ثانية في سان فرانسيسكو.
كان قد أنهى خطاباً في فندق "سانت فرانسيس"، وعند خروجه في الساعة 03:30 عصراً اقتربت من الحشد امرأة تدعى سارة جين مور، ناشطة يسارية في الخامسة والأربعين من عمرها سبق أن عملت مخبرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي.
أخرجت مور مسدساً عيار 38 وأطلقت رصاصة أولى مرّت على بعد سنتيمترات من رأس الرئيس واخترقت باب الفندق.
وحاولت إطلاق رصاصة ثانية، لكن جندياً سابقاً في مشاة البحرية الأمريكية، أوليفر سيبل، أمسك بذراعها فانحرفت الطلقة لتصيب سائق تاكسي في فخذه. وألقي القبض على مور على الفور، فيما هرعت عناصر الخدمة السرية لإبعاد فورد الذي حافظ على هدوئه المدهش وسط الفوضى.
المفارقة أن الشرطة كانت قد أوقفت مور قبل يومين من الحادثة لحيازتها مسدساً عيار 44، لكنها أُفرج عنها بعد استجواب قصير. وبعدها مباشرة اشترت السلاح الذي استخدمته في محاولة الاغتيال.
لاحقاً بررت فعلتها برغبتها في إشعال ثورة ضد الحكومة الأمريكية، وقالت إن إطلاق النار بدا لها آنذاك "تعبيراً صحيحاً عن غضبها".
وفي جلسة تمهيدية، أدلت ببيان سياسي انتقدت فيه ما وصفته بازدواجية المعايير الأمريكية تجاه محاولات اغتيال قادة أجانب. في 15 يناير 1976 أقرت بذنبها وحُكم عليها بالسجن المؤبد، قبل أن يُفرج عنها بشروط عام 2007.
التداعيات والإجراءات الأمنية
أثارت المحاولتان صدمة واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها. وتلقى البيت الأبيض أكثر من 6500 رسالة، معظمها أعرب عن الارتياح لسلامة الرئيس، فيما انشغلت بعض الرسائل بالجدل حول قوانين السلاح وحماية الشخصيات العامة.
بعد الحادثتين، فرضت الخدمة السرية إجراءات مشددة، من بينها تزويد فورد بسترة واقية ومعطف ثقيل يزن أكثر من ثلاثة كيلوغرامات، وفرض مسافة أكبر بينه وبين الحشود، إضافة إلى تجهيز سياراته مسبقاً للانطلاق السريع. لكن فورد لم يخفِ انزعاجه من تلك القيود، وظل مصراً على أن الرئيس "لا ينبغي أن يعيش خائفا من قلة تريد أن تأخذ القانون بيدها".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA==
جزيرة ام اند امز