وثائق ألمانية: فرق الاغتيالات الإيرانية بأوروبا عادت للعمل منذ 2017
وثيقة البرلمان الألماني تعود لـ18 ديسمبر 2018 وأكدت تنفيذ الاستخبارات الخارجية الإيرانية العديد من الهجمات على عناصر المعارضة بالمهجر
كشفت وثائق برلمانية ألمانية، عن استئناف فرق الاغتيالات الإيرانية في أوروبا عملها منذ عام 2017 بعد أن توقفت تحت ضغط محاكمات في برلين في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وقالت وثيقة للبرلمان تعود لـ18 ديسمبر/كانون الأول 2018، واطلعت عليها "العين الإخبارية"، إن "الاستخبارات الخارجية الإيرانية نفذت العديد من الهجمات على عناصر المعارضة في المهجر، وقتلت العديد من رموز المعارضة الإيرانية في النمسا وفرنسا وألمانيا بين ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي".
وتوقفت موجة الاستهداف الدموية للمعارضين بالخارج بعد تورط القيادة الإيرانية في محاكمة ببرلين على خلفية اغتيال 4 معارضين من أصول كردية عام 1992، بحسب الوثيقة.
وبدأت موجة جديدة من الاغتيالات، أو محاولات تنفيذها، منذ عام 2017، حيث استهدفت عناصر المعارضة الإيرانية والكردية في المهجر.
ووفق الوثيقة ذاتها، فإن الاستخبارات الإيرانية اغتالت في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، ناشطا من منظمة "النضال العربي لتحرير الأحواز" أمام منزله في لاهاي بهولندا.
وفي يونيو/حزيران 2018 اعتقلت السلطات الألمانية دبلوماسيا إيرانيا بتهمة توفير متفجرات لعميلين لاستخبارات خامنئي، لتنفيذ هجوم على فعالية ينظمها مجلس المقاومة الإيرانية المعارض في باريس، بحسب الوثيقة ذاتها.
وخلال العام نفسه، أحبطت المخابرات الدنماركية محاولة اغتيال لمتحدث باسم منظمة "النضال العربي لتحرير الأحواز" في كوبنهاجن.
وسجل يناير/كانون الثاني 2018، قيام الشرطة الألمانية بتفتيش منازل ومقرات شركات تخص عملاء إيرانيين في عدة ولايات، على خلفية التحقيقات في أنشطة "تجسس إيرانية" في الأراضي الألمانية.
ووفق مذكرة أرسلتها الحكومة الألمانية للبرلمان في يناير/كانون الثاني 2019، فإن الاستخبارات الإيرانية تركز على مراقبة واستهداف عناصر المعارضة في المهجر، خاصة المنتمين لمجاهدي خلق، ومجلس المقاومة الإيرانية، وشخصيات المعارضة الأخرى التي تنتمي للعصر الملكي السابق، والمعارضين الأكراد.
وتتمتع وزارة الاستخبارات الإيرانية بنفوذ كبير في ألمانيا، حيث تشتري معلومات عن معارضين من أشخاص عاديين في أوروبا، وفق الوثيقة ذاتها.
وأوضحت المذكرة أنه "على نقيض وزارة الاستخبارات، فإن فيلق القدس التابع للحرس الثوري يملك موظفين وعملاء وأتباعا في ألمانيا، ويركز على رصد أهداف لهجمات محتملة ضد الأهداف الغربية في هذا البلد الأوروبي؛ حيث يعد فيلق القدس قائما بهذه الأهداف لاستعمالها في وقت الحاجة".
وتعمل الاستخبارات الإيرانية بكل فروعها على استغلال هجمات القرصنة الإلكترونية التي تزايدت في ألمانيا منذ 2014، لجمع المعلومات، وفق المذكرة ذاتها.
وحددت المذكرة أهم قضايا التجسس لصالح إيران التي رصدتها السلطات الألمانية في السنوات الماضية، بداية من عميلين يتوليان جمع المعلومات العسكرية لإيران في يناير/كانون الثاني 2006، وثالث في 2008، ثم رصد عميلين بتهمة التجسس على المعارضة الإيرانية في ألمانيا في مارس/آذار 2016، وعميل سابع تجسس على الجمعية الألمانية الإسرائيلية ببرلين في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وتحقق السلطات الألمانية في قضية الدبلوماسي الإيراني المتهم بتوفير متفجرات لعميلين إيرانيين لتنفيذ هجوم في باريس، في 2018؛ حيث أكدت المذكرة أنه "لا يمكن استبعاد استهداف المعارضة الإيرانية في ألمانيا في الوقت الحالي".
وحول سبل التعاطي مع أي تهديدات لشخصيات إيرانية، قالت المذكرة الحكومية الألمانية إن هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" تملك معلومات عن أنشطة الاستخبارات الإيرانية ضد المعارضين، وتتابع هذه المعلومات والمستهدفين من خلال إجراءات خاصة.
وأضافت: "في حال وجود خطر داهم، فإن الهيئة ومكتب الشرطة الجنائية يتدخلان في مرحلة مبكرة لدرء الخطر". وتابعت: "هناك تعاون وثيق وتبادل دائم للمعلومات بين هيئة حماية الدستور والشرطة الجنائية حول هذا الملف".
وحول المنظمات المستهدفة من الحكومة الإيرانية، قالت إن جماعة المعارضة المعروفة باسم "مجاهدي خلق"، وذراعها السياسية "المجلس الوطني للمقاومة" ينشطان في ألمانيا، وهما هدف واضح لأنشطة استخبارات خامنئي.
وتتمثل أنشطة مجاهدي خلق في ألمانيا في تنظيم مظاهرات ضد الحكومة الإيرانية، وجمع التبرعات، وتنظيم حملات الدعم السياسي للمعارضة، وفق المذكرة ذاتها.
وتشمل جماعات المعارضة الإيرانية الأخرى النشطة في ألمانيا، المنظمة الإيرانية الشقيقة لـ"حزب العمال الكردستاني" (PKK)، وهي "حزب الحياة الحرة في كردستان" (PJAK). ولا تضم هذه المجموعة سوى عدد قليل من الأتباع الذين بالكاد يشاركون في المظاهرات، وفق الوثيقة ذاتها.
الوثيقة ذكرت أن الحكومة الفيدرالية احتجت بشدة في محادثات مع السفارة الإيرانية في أكثر من مناسبة على أنشطة أجهزة الاستخبارات الإيرانية في الاتحاد الأوروبي، وناقشت مرارا قضية الدبلوماسي المعتقل في ألمانيا بناءً على طلب السلطات البلجيكية وتورطه في التخطيط لشن هجمات على شخصيات معارضة في فرنسا.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، حذر النائب البرلماني البارز وخبير الشؤون الداخلية كونستانتين كوهل، في تصريحات صحفية، من تنفيذ إيران هجمات إرهابية على الأراضي الألمانية، انتقاما لمقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، في غارة أمريكية قرب مطار بغداد.
وسبق أن أكدت وزارة الداخلية الألمانية في مذكرة للبرلمان، عام 2017، أن الاستخبارات الإيرانية تعد الأكثر نشاطا على الأراضي الألمانية بعد نظيرتها الروسية، وتستهدف بالأساس معارضي نظام ولاية الفقيه والأهداف الغربية والإسرائيلية.
وفي تقرير نشرته في يونيو/حزيران الماضي، قالت صحيفة ذود دويتشه تسايتونغ الألمانية (خاصة) إن "القلق يملأ العواصم الأوروبية، ووصل إلى مقر المستشارية في برلين، بعد أن تبين أن إيران أرسلت مؤخرا فرق اغتيالات إلى القارة لاغتيال المعارضين".
وتابعت: "أجهزة الاستخبارات تعمل على فرضية أن إرسال تلك الفرق هو فقط البداية، وأن طهران تهدد أوروبا بموجة إرهاب جديدة".
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمها إن أجهزة الاستخبارات الأوروبية جمعت بالفعل معلومات ووضعت على أساسها قائمة بالهجمات الإيرانية المحتملة في القارة، وأهمها هجمات تفجيرية، وإعدامات في الشوارع، والتجسس على السياسيين، وهجمات قرصنة على الأوساط الأكاديمية والشركات ومراكز الأبحاث.
ويحذر محققون أوروبيون من أن الإيرانيين يركزون حاليا على جمع المعلومات وتحديد الأهداف في أوروبا، سواء أشخاص ومؤسسات، لمهاجمتها في حال اندلاع صراع عسكري واسع مع الغرب؛ إذ لم يتوقف الأمر فقط على المعارضين الإيرانيين لكن يمتد أيضا لمنتقدي النظام من الأوروبيين.