الحكومة الألمانية تتربع على عرش "لوفتهانزا" وتغضب الفقراء
الدولة الألمانية أكبر مساهم في "لوفتهانزا" بنسبة 20.05% من أسهم المجموعة في مؤشر "داكس" للشركات المتوسطة.
شغلت أزمة شركة الطيران الألمانية "لوفتهانزا" الرأي العام في أوروبا خلال الأشهر الماضية، وبعد تدخلات حكومية انتهت القضية بحصول الدولة الألمانية على نصيب الأسد في أسهم المجموعة.
وعصفت بشركة الطيران الألمانية تداعيات أزمة كورونا إلى حد التهديد بإشهار الإفلاس، وهو ما اضطر المفوضية الأوروبية إلى الموافقة على حزمة إنقاذ حكومية قيمتها 9 مليارات يورو.
وتربعت الحكومة الألمانية على عرش أكبر شركة طيران في أوروبا، بعد أن أصبحت أكبر مساهم في مجموعة "لوفتهانزا" للطيران بنسبة 20%.
وأزاحت الحكومة الألمانية، رجل الأعمال هاينز هيرمان تيله، من قائمة أكبر مساهم في شركة لوفتهانزا للطيران، والذي يمتلك حصة تبلغ 15.5%.
وأصابت الجائحة أعمال لوفتهانزا بالشلل تقريبا فيما عدا قطاع الشحن، وتشير توقعات لوفتهانزا، التي يبلغ عدد عامليها 138 ألف شخص، إلى أن تعافي الطلب في النقل الجوي سيسير بطيئا.
أكبر مساهم
وأصبحت الدولة الألمانية الآن أكبر مساهم في مجموعة "لوفتهانزا" الألمانية للطيران، بعد أن قالت المجموعة في إخطار إلزامي للبورصة الإثنين أن الدولة الألمانية تمتلك الآن 20.05% من أسهم المجموعة في مؤشر "داكس" للشركات المتوسطة عبر صندوق الاستقرار الاقتصادي الذي تم تأسيسه حديثا للحد من تداعيات أزمة جائحة كورونا.
وتعد هذه المشاركة جزء من حزمة إنقاذ حكومية تبلغ قيمتها 9 مليارات يورو، والتي تتضمن أيضا قرضا من بنك التنمية الألماني المملوك للدولة.
وإلى جانب القرض والمشاركة في الأسهم، من المقر أيضا أن يكون للحكومة مساهمة صامتة في الشركة (ليس لها الحق في المشاركة في القرارات المهمة)، وهي تستوجب فوائد مرتفعة.
وحصلت الحكومة الألمانية على الأسهم الجديدة بأقل كثيرا من سعر السوق، حيث بلغت القيمة الاسمية للسهم الواحد 2.56 يورو، وبلغ إجمالي قيمة الأسهم التي اشترتها الحكومة نحو 300 مليون يورو.
وقد أدى ذلك إلى إضعاف حصص المساهمين الحاليين.
أول شريحة
وحصلت مجموعة "لوفتهانزا" السبت الماضي، على أول شريحة من المساعدات الحكومية الألمانية، بقيمة نحو مليار يورو من قرض بنك التنمية الألماني المملوك للدولة، وذلك بعد نحو أسبوع على موافقة الجمعية العمومية على حزمة الإنقاذ الحكومية.
ولم يتم بعد تحديد موعد سحب المليارين الإضافيين من القرض البنكي. وتسبب هذا الجزء من المساعدات الحكومية في إثارة انتقادات من مساهمين قدامى بالشركة.
وأكد رئيس لوفتهانزا، كارستن شبور، أن أكبر شركة طيران في أوروبا ستسسعى للحصول على تمويل في أسواق رأس المال لتسديد قروض حكومية، حصلت عليها لمواجهة تداعيات وباء فيروس كورونا، بحلول عام 2023 .
وتابع "شركة لوفتهانزا لن تكون خالية من الديون، لكننا نريد الحصول على قروض سوق المال لتسديد أموال دافعي الضرائب في سويسرا وألمانيا والنمسا. نفضل أن نكون مدينين لسوق رأس المال وليس لدافع الضرائب".
الملياردير العصامي
ورغم إتمام صفقة الإنقاذ، إلا أن هاينز هيرمان تيله، أكبر مساهم في شركة لوفتهانزا للطيران سابقا، يرى أن إصلاح أكبر شركة طيران ألمانية سيستغرق ما يتراوح بين "5 إلى 6 أعوام".
وقال: "نظرا للقروض الشاملة التي يتعين دفع فوائدها وسدادها، فإن تخفيض العمالة والتكاليف المادية لن يكفي، ولابد من مراجعة مساهمات الشركة في الشركات المملوكة لها، ويتعين النظر في كل شيء ليس ضروريا للعمل الأساسي في صورته المطلقة خلال السنوات المقبلة".
ووجه الملياردير العصامي تيله، الذي يمتلك حصة بنسبة 15.5% في لوفتهانزا، انتقادات إلى حزمة الإنقاذ، معربا عن تخوفه من أن تؤدي إلى تزايد نفوذ الدولة في لوفتهانزا.
وتعد الحصة التي تبلغ قيمتها حوالي 300 مليون يورو، جزءا بسيطا من إجمالي الحزمة. ومع ذلك، أثارت غضب مساهمين، ستنخفض حصصهم نتيجة التدخل الحكومي.
كما أثارت غضب منافسين يرون أنه يتم إنقاذ شركة وطنية كبيرة، رغم أن قواعد الاتحاد الأوروبي تمنع ذلك.
وقال مايكل أوليري، المدير التنفيذي لشركة ريان أير الأيرلندية للطيران منخفض التكلفة في بيان قبل إعلان القرار: "هذه حالة مثيرة لدولة غنية عضو بالاتحاد الأوروبي تتجاهل معاهدات الاتحاد لصالح صناعتها الوطنية وعلى حساب دول أفقر".
المفوضية الأوروبية
ورغم الانتقادات، وافقت المفوضية الأوروبية في يونيو/حزيران الماضي على حزمة الإنقاذ الخاصة بالحكومة الاتحادية لشركة الطيران الألمانية العملاقة "لوفتهانزا".
ولكن المفوضية أكدت في الوقت ذاته أن إطلاق الحزمة يرتبط بشرط أن تفي شركة الطيران الألمانية الكبرى بالتزاماتها بتجنب تشوهات المنافسة.
إعادة هيكلة كبرى
وتتجه الشركة الألمانية نحو تنفيذ خطة إعادة هيكلة واسعة النطاق لللمساهمة في رد الأموال التي حصلت عليها من الحكومة الألمانية
تستهدف خطة إعادة الهيكلة تقليل النفقات وزيادة التدفقات النقدية من خلال خفض العمالة وبيع مجموعة من الأصول غير الأساسية.
إلا أن خطة لوفتهانزا لخفض العمالة سيضعها في صراع مع النقابات العمالية القوية في ألمانيا والتي أحبطت في السابق محاولة إدارة لوفتهانزا لتقليل نفقات الطيارين والأطقم الجوية.
لكن مع امتلاك الحكومة الألمانية حوالي 20% من أسهم لوفتهانزا مقابل أموال الإنقاذ، سيكون من الصعب على الإدارة تقليص العمالة.
يأتي ذلك في الوقت الذي زادت فيه خسائر لوفتهانزا خلال الربع الأول من العام الحالي بأكثر من المثلين مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
خسائر
وبحسب بيانات الشركة تراجعت حصيلة المبيعات خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 18% سنويا إلى 6.44 مليار يورو، مقابل 7.8 مليار يورو خلال الفترة نفسها من 2019.
وبلغت خسائر التشغيل خلال الفترة نفسها 1.22 مليار يورو مقابل خسائر تشغيل قدرها 336 مليون يورو في الفترة نفسها من 2019.
كانت لوفتهانزا قد سجلت خلال أبريل/نيسان الماضي تراجعا في أعداد الركاب بنسبة 98.1 سنويا إلى 241 ألف راكب
وفي حين أوقفت لوفتهانزا تشغيل حوالي 700 طائرة من أسطولها الجوي المكون من 763 طائرة بسبب جائحة كورونا، تتوقع الشركة استمرار توقف 300 طائرة من أسطولها عن العمل خلال العام المقبل و200 طائرة في 2022.