الألمان على أبواب بنوك الطعام.. طوابير الجوع تتمدد بأكبر اقتصاد أوروبي
في الوقت الذي تكافح فيه ألمانيا أقوى اقتصاد في أوروبا أعلى معدل لتضخم منذ أكثر من 30 عاما يتزايد الطلب على بنوك الطعام.
ويأتي هذا التوافد على بنوك الطعام مع فقدان العديد من المواطنين الألمان القدرة على شراء احتياجاتهم الأساسية من الطعام.
فمع تقليص ميزانياتهم بسبب ارتفاع الأسعار، يلجأ الألمان للحصول على المساعدة لشراء الضروريات الأساسية التي لم يعد بإمكانهم تحملها في متاجر بيع الأغذية الكبرى.
وفي هذا الإطار قالت جابرييل وشاه، 65 عامًا، وهو تنتظر في طابور انتظار لأحد بنوك الطعام في بيرناو، بالقرب من برلين: "أحيانًا عندما أعود إلى المنزل بعد ذهابي إلى السوبر ماركت، أبدأ في البكاء تقريبًا، لأنني لا أستطيع شراء أي شيء بعد الآن"، لذا فانها تلجأ لبنك الطعام حيث يمكنها أن تملأ عربة التسوق بحوالي 30 يورو بحسب ما ذكرت موقع شبكة يورونيوز.
وأضافت: "الخبز، بما أنني وحدي فإن تكلفته أكثر من 2 يورو يوميا، هذا بدون الزبد والنقانق، التي كانت تكلفني في سابق الأمر أقل من يورو أصبحت الآن تكلف أكثر من "2" يورو".
وتفاقمت الأسعار في أكبر اقتصاد أوروبي بسبب حرب روسيا على أوكرانيا، حيث وصل التضخم إلى 7.9٪ على أساس سنوي في ألمانيا في مايو/أيار، وهو أعلى مستوى منذ إعادة توحيد البلاد في عام 1990.
تزايد أعداد غير القادرين
على الجانب الآخر ذكر يوخن برول، رئيس مجلس إدارة اتحاد بنوك الطعام في ألمانيا "تافل دويتشلاند" أن عدد الأفراد الذين لم يعودوا قادرين على تحمل نفقات الضروريات، مثل توفير طعام كاف تزايد نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا والارتفاع الحاد في الأسعار. وهذا يشكل ضغطا على بنوك الطعام في ألمانيا.
ويقول برول إن هؤلاء هم أيضا أشخاص يكسبون القليل لكنهم لم يكونوا معتمدين على المساعدة حتى وقت قريب.
وأضاف: "في السابق كانوا بالكاد يتدبرون نفقاتهم لكن الآن لم يعد بإمكانهم تحمل نفقات الأسعار المرتفعة للغذاء والوقود والطاقة"، مشيرا إلى أنه يُجرى علاوة على ذلك إرسال لاجئين في بعض الأحيان مباشرة إلى بنوك الطعام من قبل مكاتب الرعاية الاجتماعية دون تنسيق مسبق.
ليس مجانيا
ورغم أن الطعام في بنوك الطعام ليس مجانيا حيث تحاول تلك البنوك توفير أنواع مختلفة من الأطعمة بأسعار مخفضة تضمن توفير نفقات تشغيل تلك البنوك.
وتعتمد تلك البنوك على المتطوعين والتبرعات من محلات السوبر ماركت، لكنهم ما زالوا ومع ارتفاع تكاليف الطاقة وسط الحرب في أوكرانيا، يواجهون ضغوطا متزايدة خاصة فيما يتعلق بتكاليف نقل الطعام في بعض الأحيان إلى العملاء.
وعن هذا تقول مالينا جانكو، مديرة بنك الطعام في برناو: "في بعض الأحيان نرفع الأسعار بمقدار 20 أو 50 سنتًا لأننا نحتاج إلى المال للتزود بالوقود".
حي كوبينيك نموذج
ويعتبر حي كوبينيك شرقي العاصمة الألمانية برلين نموذجا آخر لتزايد أعداد الألمان المحتاجين إلى الطعام، حيث يُجرى هناك توزيع مواد غذائية في هذا الموقع، وأتاح النادي الواقع هناك ساحته في دار المشجعين للقيام بهذا الغرض.
وفي هذا الإطار تقول كارول زيله، رئيسة مركز التوزيع الخاص بجمعية "رغيف وروح" الخيرية في حي كوبينيك إن العدد زاد بالفعل، حيث كان يتم تقديم الطعام في السابق لـ300 أو 320 شخصا، والآن أصبح العدد أكثر من 500 شخص يوميا.
أكثر من 960 بنكا للطعام
ويوجد في ألمانيا أكثر من 960 بنك طعام ترعاها العديد من الشركات، مثل مخابز محلية ومجازر ومتاجر مواد غذائية ومطاعم، وكذلك شركات سيارات وبنوك. وتتبرع هذه الجهات بأطعمة مثل الفاكهة والخضروات والخبز ومعجنات ومنتجات الألبان.
وفي ولاية بافاريا بجنوب ألمانيا شهدت بنوك الطعام زيادة في عدد المنتفعين بنسب تتراوح بين 50 و150%، بحسب بيانات بيتر تسيلس، رئيس اتحاد بنك الطعام البافاري.
ويقول تسيلس إن أكثر من 90% من المسجلين الجدد لاجئون من أوكرانيا، موضحا أن التزايد الكبير في الأعداد دفع بعض بنوك الطعام إلى حظر استقبال منتفعين جدد.
اندفاع مذهل للتسجيل
وفي مدينة بايرويت على سبيل المثال كان هناك "اندفاع مذهل للتسجيل" فور رفع تجميد القبول. ويعمل تيليس متطوعا لدى بنوك الطعام منذ 14 عاما، لكنه يرى أن هذا هو أكبر تدفق للمعوزين حتى الآن، حتى إنه لم يصل إلى هذا الحد خلال أزمة اللاجئين في عامي 2015 و2016.
وتقول جوانا ماتوزاك، مسؤولة الاتصالات في مؤسسة تافل (مؤسسة خيرية تقوم بدعم بنوك الطعام): "على المستوى الوطني، ازداد الطلب على بنوك الطعام بشكل واضح منذ بداية العام".
وأضافت أن الوضع مختلف للغاية حسب المدينة ولكن "الطلب تضاعف في بعض بنوك الطعام" مستشهدة على وجه الخصوص بالعاصمة الألمانية برلين.
دور الحكومة
وفي خضم تلك التحديات يتساءل بعض الألمان عن الدور الذي تلعبه حكومتهم في مواجهة تلك الصعوبات وعن هذا يقول بيتر بيهما، المتقاعد البالغ من العمر 69 عامًا، "إنه ليس مجرد منتج واحد".
وأضاف "كل الأسعار ترتفع. لا أعرف أين توجد مساعدات الدولة"، معربا عن عدم قناعته بالإجراءات المعلنة من قبل حكومته والموجهة لإغاثة الأسر.
وخفضت ألمانيا الضرائب على الوقود بشكل ملحوظ، كما خفضت أسعار النقل العام لمدة ثلاثة أشهر، ووعدت بدفع مبلغ استثنائي قدره 300 يورو للموظفين الخاضعين للضريبة.
يأتي هذا في وقت تطالب فيه بنوك الطعام ومنظمات الرعاية الاجتماعية بمزيد من المساعدة لمواجهة الضغوط الجديدة المتعلقة بارتفاع أسعار السلع الأساسية والتضخم.
ويأمل نوربرت ويتش، مدير بنك الطعام في بيرناو، أن يتم إدخال قانون جديد ينظم التخلص من الطعام من قبل المتاجر الكبرى.
وقال "كنا نطالب الحكومة منذ فترة طويلة بسن قانون لإجبار المتاجر الكبرى على التخلي عن سلعها غير المباعة، كما هو الحال في فرنسا. لم يحدث شيء حتى الآن".
aXA6IDMuMTQxLjI5LjE2MiA= جزيرة ام اند امز