طوابير طويلة من أجل شقة واحدة.. تفاقم أزمة السكن بألمانيا
"محظوظ من يملك سقفا فوق رأسه في برلين" عبارة بدأت بها صحيفة بيلد الألمانية تقريرًا صحفيًا، لكنها تعكس أزمة حقيقية تعيشها البلاد.
وتواجه المدن الألمانية أزمة سكن مركبة تتمثل في قلة المعروض من المساكن في مواجهة طلب متضخم، وزيادة طارئة في أسعار الإيجارات بعموم البلاد.
أزمة ظهرت ملامحها في "لايبنتس شتراسا" في منطقة رلين شارلوتنبورغ؛ حي الطبقة الوسطى غرب العاصمة الألمانية، حين دعت بوابة عقارية قبل أسبوع، الزبائن لمشاهدة شقة خالية هناك.
ورغم تكلفة الإيجار المرتفعة "1071 يورو شهريا"، اصطف العشرات في طابور طويل في الشارع لمشاهدة الشقة المكونة من 3 غرف، أملا في الحصول عليها.
الطابور امتد على طول 150 مترا، من شارع مجاور إلى باب الشقة، بل إن البوابة التي عرضت الشقة تلقت 600 استفسار إلكتروني بعد ساعة واحدة من وضع الإعلان عن الشقة على موقعها، وفق صحيفة بيلد الألمانية.
الصحيفة تحدثت عن مدد انتظار طويلة لمشاهدة الشقة، التي باتت على حد قولها "رمزا للوضع الصعب لأزمة السكن" في برلين.
ورغم النقص في المساكن في برلين، يتراجع عدد الشقق التي يجري بناؤها حديثا للعام السادس على التوالي.
وأعلن مكتب الدولة للإحصاء في برلين-براندنبورغ، مؤخرا، أنه تمت الموافقة على بناء 15186 شقة في المباني الجديدة العام الماضي، أي أقل بنسبة 10.7 في المائة عن 2021.
وهذا عدد ضئيل للغاية مقارنة حتى بعام عام 2017، حين تمت الموافقة على 21.562 شقة جديدة.
لكن التراجع الحاد العام الماضي، مبرر، وفق تقارير صحفية ألمانية، إذ ارتفعت أسعار مواد البناء بشكل كبير في 2022، وارتفعت الفائدة على القروض، لذلك تراجع الكثير من الناس عن خطط البناء المعدة سابقا، وتعامل المستثمرون مع الوضع بحذر.
وتواجه صناعة البناء بالفعل أزمة خطيرة في ألمانيا، وحذر اتحاد المستأجرين والنقابة العمالية للبناء، بالفعل من "كارثة متوقعة في سوق الإسكان" في ضوء النقص الحاد في المساكن في البلاد.
يضاف إلى ذلك، الارتفاع في إيجارات المنازل في ألمانيا خلال الأشهر الماضية، والمدفوعة بالتضخم، فضلا عن إمكانية ارتفاع الإيجارات مجددا في الفترة المقبلة، بسبب قانون جديد تعده وزارة الاقتصاد، للتدفئة في المنازل.
القانون الجديد يحذر استخدام الغاز في التدفئة ما يعني زيادة تكلفة التدفئة في العديد من المنازل التي سيضطر ملاكها للتوجه إلى أنظمة التدفئة الكهربائية.
هذه التحول سيضر المستأجر في النهاية، إذ يسمح القانون لملاك المنازل بتمرير 8% مما يتكبدونه من تكاليف إضافية، إلى المستأجر سنويا، ما يعني زيادة سنوية في أسعار الإيجارات في البلاد.
كل هذه التطورات المتزامنة، وفق مراقبين، تفاقم أزمة السكن في ألمانيا، وتدفع الإيجارات إلى الارتفاع، وتحرك انتقادات كبيرة للحكومة، خاصة في إطار مشروع قانون التدفئة.