مرحلة "النفوذ الناعم".. ألمانيا تبحث عن موضع قدم في الساحل
تحولات جيوسياسية جمة يشهدها العالم تجبر ألمانيا على الإبقاء على نفوذها في منطقة الساحل رغم انسحاب قواتها على عجل من مالي.
وأكّد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الجمعة، في باماكو أنّ بلاده لا تزال تعتزم لعب دور مهم في منطقة الساحل رغم انسحاب قواتها من مالي، ولا تريد ترك الساحة مشرّعة أمام بعض الجهات الخارجية.
- "يد خبيرة" من المنطقة تنقذ ألمانياً.. تحرير رهينة في الساحل
- الساحل الأفريقي والإرهاب.. هل تدق ألمانيا المسمار الأخير؟
وقال بيستوريوس، في تصريح للصحفيين في اليوم الثاني والأخير من زيارته لمالي، إنّ "هذه المنطقة بحاجة إلى تعاون الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي وألمانيا لتوفير الاستقرار المفقود هنا، والذي يجب استعادته وضمانه".
وأضاف قبيل لقاء مرتقب مع قائد المجلس العسكري الحاكم الكولونيل أسيمي غويتا "يعني ذلك أن نبقى على اتصال، وألا نغلق الباب، وهو ما لا نفعله، بل العكس تماما".
وتعتزم ألمانيا سحب كل قواتها من مالي خلال فترة تتراوح بين 9 و12 شهراً مع مواصلة المساعدات التنموية، في خطوة فرضها الواقع الجديد في البلاد بعد سيطرة العسكريين على السلطة.
وتشارك ألمانيا بمئات العناصر في "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي" (مينوسما) البالغ عددها 12 ألف عنصر في البلاد التي تشهد نشاطا إرهابيا وأعمال عنف من شتى الأنواع اتّسع نطاقها إلى دول منطقة الساحل المجاورة.
والمساهمة الألمانية هي الأكبر لدولة غربية في مينوسما، وفق تقرير نشرته البعثة هذا الأسبوع.
وذكّر بيستوريوس بأن برلين تعتبر أن شروط مواصلة العمل ضمن مينوسما لم تعد قائمة.
عروض تدريب
وفي النيجر التي زارها، الأربعاء، قال بيستوريوس "هناك تدريب وتعليم، إنّه العرض المقّدم للنيجر وأيضا لدول أخرى في المنطقة ونقول فيه إن كنتم مستعدين للمشاركة في بعثات سواء مينوسما أو غيرها في أفريقيا، فنحن مستعدّون لدعمكم ثنائياً في مجال التعزيز والتجهيز، خصوصاً التدريب".
وشدّد على أنّ مالي ليست مستثناة من عرض التدريب والمشورة هذا، مشيراً إلى وجود 30 مالياً في ألمانيا حالياً لهذه الغاية.
لكنّه أوضح أنّ الجسور مع مالي لم تُقطع بالكامل على الصعيد العسكري، مؤكّداً أنّ بلاده تعتزم مواصلة تدريب قوات دول الساحل.
والجنرالات الذين استولوا على السلطة في باماكو بانقلاب في عام 2020 قطعوا التحالف مع فرنسا وشركائها الأوروبيين في مكافحة الإرهابيين، وقرروا الانفتاح على روسيا عسكريا وسياسيا.
وقرّر المجلس العسكري التعاون مع مئات العناصر الذين يقول إنّهم مدرّبون عسكريون روس، بينما تقول قوى غربية إنّهم مرتزقة من مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، وفق فرانس برس.
وفرض المجلس العسكري قيودا على عمليات مينوسما، وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء أمن العمليات التي تقودها قوات الأمم المتحدة بعد رحيل الفرنسيين ووحدات أخرى.
حرص على النفوذ
في المقابل، شدّد بيستوريوس على أن ألمانيا لا تزال تعتبر نفسها "لاعبا مهما" في منطقة الساحل.
وقال وزير الدفاع الألماني "لا نريد أن تستمر الأوضاع في التدهور هنا، وأن يستفيد آخرون من ذلك"، من دون أن يحدد الجهة المقصودة.
من جهتها شدّدت وزيرة التنمية الألمانية سفينيا شولتسه على ضرورة مواصلة المساعدة المدنية التي تقدّمها بلادها إلى مالي منذ استقلالها.
وقالت إنّه حتى وإن انسحب الجيش الألماني من مينوسما فإنّ التعاون من أجل التنمية يبقى قائما.
وتابعت "هذه المنطقة في حاجة إلى مساعدة، إنها مهمة، وتبذل جهودا للتكيف مع الظروف المناخية، إنها منطقة فقيرة للغاية وتعاني كثيرا من الجوع".
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز