صخب النخبة لا يطرب العامة.. محيط ميونخ لا يعبأ بـ"الأمن"
صخب وتحركات سريعة وأجواء رسمية كلما اقتربت من المركز يقابله هدوء وحياة عادية وقلة اهتمام كلما ابتعدت.
المركز هنا فندق بيرنشه هوف مقر انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن، الذي عج منذ يوم الجمعة، بالبذلات الباهظة واللقاءات الثنائية والخطابات القوية، والانتشار المكثف لعناصر الأمن البالغ عددهم 4800 عنصر.
وفي داخل "المركز"، كانت الخطابات واللقاءات الثنائية صاخبة، وأحاديث مقلقة عن "حرب طويلة" في أوكرانيا، و"دعم جديد بمليارات الدولار" لكييف في وقت تعاني فيه كثير من شعوب العالم تحت سطوة التضخم والأزمات الاقتصادية.
فـ"كاميلا هاريس"، نائبة الرئيس الأمريكي تحدثت بوضوح عن أن "الولايات المتحدة ستواصل دعم أوكرانيا مهما طال الأمر"، لافتة إلى أن موسكو "باتت أضعف والوقت ليس في صالحها".
هذا الإصرار الممزوج بالتفاؤل، قابله إنذار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بـ"أشهر وأسابيع صعبة قادمة"، ودعوته لـ"مزيد من الاستثمار في ميزانيات الدفاع في أوروبا، وإعادة بناء عقيدة الأمن الأوروبية لمواجهة التهديدات".
وبين تفاؤل هاريس وقلق ماكرون، وقف المستشار الألماني أولاف شولتز، باحثا عن دور قيادي ألماني في العالم، وردد في خطابه إشارات عن "عالم متعدد الأقطاب"، و"دور ألماني قيادي ينتظره العالم".
وبعيدا عن هذا وذاك، أثارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، مسألة تولي النساء المناصب القيادية، وتحدثت في مداخلة بمؤتمر ميونخ، عن المعضلة التي واجهتها عندما تولت وزارة الدفاع الألمانية قبل سنوات، وهي "هل تضطر للاختيار بين أن تصبح أما جيدة أم وزيرة جيدة؟".
فون دير لاين الأم لـ7 أبناء ولدوا بين 1987 و١٩٩9، قالت إن المرأة العاملة لا تملك مثل هذا الخيار، ولا تملك إلا أن تصبح أما جيدة وتمارس عملها بشكل جيد في آن واحد.
وبالإضافة إلى كل ذلك، كانت إيران تصنع صخبها الخاص؛ وفي أروقة المؤتمر والساحات المحيطة، كان ممثلو المعارضة الإيرانية وإيرانيو الشتات يمارسون الضغط على القوى الكبرى، بالتصريحات والمظاهرات، من أجل دعم المظاهرات المطالبة بالإطاحة بالنظام في الداخل الإيراني.
أما الهامش؛ فهو شوارع وسط مدينة ميونخ جنوبي ألمانيا، وخاصة تلك التي تفصلها أمتار قليلة عن "المركز"؛ حيث كانت الحياة عادية تشبه أي يوم في نهاية الأسبوع، بدون توتر أو تشديدات أمنية أو اهتمام مبالغ فيه.
ففي ساحة مارين بلاتس؛ أهم ساحات ميونخ، والتي تبعد ٥٠٠ متر فقط عن بيرنشه هوف، تزايد أعداد المارة والسياح بمرور الوقت، السبت، حتى بلغ ذروته في المساء، وكان الزحام جليا، ونمط الحياة العادية يفرض نفسه.
فذلك يلتقط شيئا ليأكله من أحد المتاجر، ومجموعة أخرى تحتفل بتوديع صديقها العزوبية، وآخرين يطالعون المباني الأثرية في الموقع باهتمام وشغف كبيرين، دون أن تفرض رسائل النخبة نفسها على الناس العاديين.
كريستين "٣١ عاما" كانت تهرع للحاق بتجمع للأصدقاء، حين قالت لـ"العين الإخبارية": "أعلم أن هناك حدث مهم في المدينة، لكني لا أعلم تفاصيله ولم أسع وراء معرفة معلومات عنه".
وحالة كريستين تنطبق على ٣٦.5% من النساء في ألمانيا، "لا يهتمون بالمعلومات عن السياسة"، وفق استطلاع صدر في 2022، ونشره موقع الإحصاءات الشهير "Statista".
أما غروبر "٥٥ عاما" فكان يبتاع وجبة العشاء من أحد المطاعم الشهيرة في وسط ميونخ، على بعد 400 متر من مقر انعقاد مؤتمر ميونخ، حين قال "لا أعلم شيئا عن هذا المؤتمر".
ووفق الاستطلاع السابق ذكره، فإن 23.1% من الرجال في ألمانيا لا يهتمون بالمعلومات السياسية، ولا يبحثون عنها.
aXA6IDE4LjIyNy43OS4yMDgg جزيرة ام اند امز