هجوم ماغدبورغ.. «أقصى اليمين» يعزف على أوتار الخوف في ألمانيا
شهران يفصلان الألمان عن الانتخابات، يتوقع أن يكونا في غاية السخونة بعد الهجوم على سوق لأعياد الميلاد، ولعب أقصى اليمين على وتر الخوف.
يخضع القادة الألمان لتدقيق مكثف إثر الفشل في منع وقوع هجوم على سوق لعيد الميلاد في ماغدبورغ الأسبوع الماضي، بعد تلقيهم عدة تحذيرات بشأن المشتبه به، وهو ناشط معادٍ للإسلام لم يخفِ نواياه العنيفة في منشورات على الإنترنت.
ومن المرجح أن تطارد التحقيقات في الإخفاقات الأمنية الأحزاب الحاكمة في ألمانيا لأسابيع قبل الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 23 فبراير/شباط المقبل.
ووفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، قد تغذي هذه التحقيقات شعورًا عامًا بانعدام الثقة وانعدام الأمن بين الناخبين، خاصة مع اندفاع جماعات أقصى اليمين للاستفادة من الهجوم من خلال تصوير قادة التيار الرئيسي على أنهم غير قادرين على حماية الألمان.
وفي محاولة لاستعادة الثقة في أعقاب الهجوم، تعهد القادة السياسيون الألمان بإجراء تحقيق كامل في الثغرات الأمنية وسن قوانين جديدة لتعزيز الشرطة وتعزيز الأمن بعد المأساة التي خلفت خمسة قتلى.
معتقدات غير نمطية
وقال بيتر نيومان، الخبير في شؤون الإرهاب والأمن في كلية كينغز كوليدج في لندن، في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية إنه "في ألمانيا، يفكر الناس بقوة في فئات راسخة وجامدة من متطرف يميني ومتطرف يساري وإسلاموي".
ولأن شخصية المشتبه به غير الاعتيادية تتحدى الروايات السهلة، فقد أصبح الهجوم أيضًا أرضًا خصبة للتكهنات ونظريات المؤامرة، حتى خارج نطاق الجدل الداخلي في ألمانيا، حيث شكك البعض في الروايات الحكومية المبكرة حول المعتقدات السياسية للمشتبه به.
وكتب مالك منصة ”إكس“ للتواصل الاجتماعي، إيلون ماسك، خلال عطلة نهاية الأسبوع: "الإعلام يكذب مجددا"، بينما كان يعيد نشر مجموعة من العناوين الرئيسية التي تنقل عن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر التي أشارت إلى المهاجم بأنه ”معادٍ للإسلام“.
وقبل وقت قصير من الهجوم، أيّد ماسك حزب البديل من أجل ألمانيا "أقصى اليمين"، واصفًا إياه بالحزب الوحيد القادر على ”إنقاذ ألمانيا“.
تركيز على الهجرة
وبصرف النظر عن التكهنات والمعلومات المضللة المتفشية، فإن الرسالة الأكثر شيوعًا التي تروج لها شخصيات أقصى اليمين الأوروبي هي أن دوافع المهاجم ومعتقداته ليست ذات أهمية إلى حد كبير، ويقولون إن كل ما هو مهم حقًا هو أنه مهاجر.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الهجوم سيفيد في نهاية المطاف حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يحتل الآن المركز الثاني في استطلاعات الرأي بعد الاتحاد المسيحي المحافظ، قبل شهرين من الانتخابات المبكرة، بالنظر إلى تعاطف المهاجم الواضح مع الحزب.
وكانت الهجمات السابقة التي شنها إرهابيون- بما في ذلك هجوم بسكين نفذه لاجئ مسلم مشتبه به في مدينة سولينغن "غرب" في أغسطس/آب الماضي - قد عززت على ما يبدو مكانة الحزب في استطلاعات الرأي.
على الرغم من المعتقدات غير النمطية للمشتبه به في هجوم ماغدبورغ، من الواضح أن حزب البديل من أجل ألمانيا يعتزم استخدام الحادث لمضاعفة رسالته المناهضة للهجرة - ومهاجمة أداء الأحزاب الرئيسية في قضية الأمن الداخلي.
استراتيجية واضحة
وأمس، نظم حزب البديل لأجل ألمانيا فعالية تأبين واسعة لضحايا الهجوم في ساحة كاتدرائية ماغدبورغ، حيث أشعل أنصار الحزب الشموع حدادًا على أرواح الأشخاص الخمسة الذين قُتلوا فيما اصيب 200 آخرين في الهجوم، بينما يعزف عازف البوق ترنيمة كنسية.
كان جزء كبير من الجمهور في تلك الأمسية يرتدي ملابس سوداء من الشباب والرجال. وصرخ المشاركون ”رُحّل، رُحّل، رُحّل، رُحّل!“ عندما كان يتحدث أحد على المنصة عن منفذ هجوم ماغدبورغ.
على المسرح، تحدث رجل من حزب البديل من أجل ألمانيا عن أكثر من 30,000 هجوم بالسكاكين من قبل المهاجرين في ثلاث سنوات. وصرخ: ”لا نريد أي اغتصابات جماعية“، "يجب إغلاق الحدود.. ارحلوا، ارحلوا، ارحلوا، ارحلوا".
فيما قالت زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا والمرشحة لمنصب المستشار في الانتخابات المقبلة، أليس فايدل، ”لقد جئنا معًا هنا لإحياء ذكرى ضحايا عمل مجنون.. لقد كان هجوما إسلاميا"، دون أن تكترث بحقيقة أن المنفذ كان مرتدا عن الإسلام ووصفه نفسه بأنه "أشد منتقدي الإسلام عدوانية".
انتقدت أليس فايدل سياسة الهجرة التي تتبعها الحكومة الألمانية، قائلة: ”نريد أخيرًا أن يحدث شيء ما، حتى نتمكن أخيرًا من العيش في أمان مرة أخرى"، ويبدو أن هذه النغمة ستكون شعار الحملة الانتخابية للحزب.
ووفق مراقبين، فإن حزب البديل لأجل ألمانيا يعمل على صياغة حملة انتخابية تستغل الهجوم لجذب الناخبين، عبر تبني خطاب متشدد ضد الهجرة باعتبارها سببا لعدم تحقيق الأمن، واللعب على وتر خوف الناخبين من هذه الهجمات، وتراجع الشعور بالأمن.
aXA6IDMuMTQ3LjUyLjI0MyA= جزيرة ام اند امز