اليمين المتطرّف يؤرق ماكرون وشولتز.. من المرشح للخسارة؟
قلق متباين في برلين وباريس من تنامي قوة اليمين المتطرف، لكن السلطة في كلا البلدين لا تواجه نفس التهديد الانتخابي من ذلك التيار.
وسيحرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي سيخاطب الشباب الأوروبي الثلاثاء من مدينة دريسدن التي كانت ضمن "جمهورية ألمانيا الديمقراطية" السابقة، على التحذير مجدداً من إغراءات التطرّف.
"أوروبا قوية، مزدهرة وإنسانية" عبارة قالها ماكرون في جامعة السوربون في 25 أبريل/نيسان، سيتردّد صداها عندما يتحدث أمام كنيسة السيدة العذراء في دريسدن التي دُمّرت في عام 1945 وأُعيد بناؤها بعد سقوط جدار برلين.
قبل عشرة أيام من الانتخابات الأوروبية يبدو التحدّي الذي يمثّله اليمين المتطرّف بالنسبة لماكرون أكبر ممّا هو بالنسبة للمستشار أولاف شولتز في ألمانيا، حيث يعاني "حزب البديل من أجل ألمانيا" تراجع شعبيته، خصوصاً في ظل الفضائح الكثيرة التي طالته.
وبعدما انتُخب إيمانويل ماكرون في عام 2017 بناء على وعد بهزيمة "القوميين"، لم ينجح في منع تقدّم حزب "التجمع الوطني" الذي كانت ترأسه مارين لوبن وبات يرأسه جوردان بارديلا، ويتصدّر استطلاعات الرأي للانتخابات الأوروبية بحصوله على أكثر من 30% من نوايا التصويت، متقدماً بفارق كبير على المعسكر الرئاسي الفرنسي (15-17%).
بل إنّ مارين لوبن قد تخلفه في الانتخابات الرئاسية لعام 2027، على الرغم من أنّ هذا السيناريو لا يزال افتراضياً، إذ يقول ماتيو غالار مدير الدراسات في معهد "إيبسوس" إنّه "بات من الممكن جداً أن تصل الجبهة الوطنية إلى السلطة، الأمر الذي يقابله (ماكرون) برفض قوي إلى حدّ ما".
"ليسوا جميعاً مجرمين"
على الضفة الأخرى لنهر الراين لم يحصل "حزب البديل من أجل ألمانيا" سوى على 15 إلى 17% من نوايا التصويت للانتخابات الأوروبية التي ستجري في التاسع من يونيو/حزيران، بعيداً عن 23% التي كانت متوقعة في نهاية عام 2023.
لكن في "جمهورية ألمانيا الديموقراطية" السابقة، إذ ترك توحيد ألمانيا آثاره لا يزال "حزب البديل من أجل ألمانيا" يعدّ ملجأً بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بأنّهم منسيون في تقاسم ثمار النمو.
غير أنّ الدينامية ليست هي نفسها بين حزب "التجمّع الوطني" وحليفه الألماني السابق الذي بات على خلاف معه.
ويقول الخبير السياسي جاكوب روس من معهد الأبحاث الألماني "دي جي آي بي"، إنّ "حزب البديل من أجل ألمانيا يواصل تطرّفه منذ سنوات، ولا يزال بإمكاننا رؤية ذلك في حملته للانتخابات الأوروبية".
تأسس هذا الحزب في عام 2013، حين طغت على مؤسسيه المتشكّكين في أوروبا الذين عقدوا العزم على الظهور كبديل للحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعّمه أنغيلا ميركل، شخصيات متطرّفة مثل بيورن هوكه رئيس الحزب في تورينغن (شرق).
وتمكّنت هذه الشخصيات من فرض رؤيتها المناهضة للمهاجرين والمعادية للمثليين، وصولاً إلى حدّ إظهار بعضها الحنين إلى الماضي النازي.
ومؤخراً، اعتبر رئيس قائمة الحزب للانتخابات الأوروبية ماكسيميليان كراه أنّ أعضاء قوات الأمن النازية الخاصة (إس إس) خلال الحقبة النازية "ليسوا جميعاً مجرمين"، الأمر الذي عدّ الخطوة الأخيرة التي أكملت حلقة القطيعة مع التجمّع الوطني.
"تثبيت الحضور"
وكانت وسائل إعلام كشفت عن مشاركة أعضاء في "البديل من أجل ألمانيا" في اجتماع لليمين المتطرّف لمناقشة خطّة للطرد الجماعي للأجانب والمواطنين الذين يعتبرون غير مندمجين بشكل جيّد في المجتمع. وأثار ذلك غضباً في ألمانيا، بينما أعربت مارين لوبن عن "خلافها التام" مع هذا التوجّه.
وفي أبريل/نيسان فُتح تحقيق للاشتباه في حصول ماكسيميليان كراه على تمويل روسي وصيني، كما أُلقي القبض على أحد مساعديه في البرلمان الأوروبي للاشتباه في كونه عميلاً للصين.
وفي هذا الإطار يقول جاكوب روس إنّ "الأمر المؤكد هو أنّ جميع الأحزاب التي (نتوقع) لها نتيجة أسوأ من عام 2019، لم تستفِد من الفضائح المحيطة بحزب البديل من أجل ألمانيا".
في فرنسا، تنتهج مارين لوبن "استراتيجية تثبيت الحضور والتطبيع"، وفقاً لماتيو غالار، الذي لفت إلى أنّه "في نظر شريحة متزايدة من الناخبين، أصبح حزب التجمّع الوطني مثل الأحزاب الأخرى".
ويوضح الخبير في إيبسوس أنّه "من المستحيل تماماً أن يصل حزب البديل من أجل ألمانيا إلى السلطة في عام 2025، حتى لو حقّق نتائج جيدة لأنّه لن يكون لديه حلفاء لتشكيل ائتلاف".
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز