35 لكمة خلال 12 شهرا.. ألمانيا تطبق الحصار على "الإخوان"
مسار متزايد الحدة ومتسارع الاتجاه لمكافحة الإخوان الإرهابية والإسلام السياسي بألمانيا، ظهرت ملامحه في طلبات إحاطة ومشاريع وتقارير.
وأحدث تحرك كان الإثنين الماضي، حين عقدت لجنة الأسرة والمرأة والشباب بالبرلمان الألماني جلسة استماع عامة حول مشروع قانون قدمته الحكومة الفيدرالية بعنوان "مشروع قانون لتعزيز التدابير الرامية إلى تعزيز الديمقراطية والتنوع ومنع التطرف".
وخلال جلسة الاستماع، تناوب خبراء بارزون على تأكيد خطورة الإسلام السياسي والإخوان الإرهابية على النظام الديمقراطي وتماسك المجتمع، وأن خطورتهما تفوق داعش والقاعدة على المدى القصير.
ومشروع القانون نفسه -الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية"- يقر بوضوح "تزايد التطرف الإسلاموي" في ألمانيا في السنوات الماضية، كما حدد أحد أهدافه في مكافحة "الإسلاموية المتطرفة"، واضعا إياها بين أشكال التطرف التي تعادي النظام الديمقراطي الحر والمتنوع.
وجلسة الاستماع التي عُقدت قبل أيام، هي خطوة في إطار دراسة لجنة الأسرة والمرأة والشباب لمقترح الحكومة الألمانية، قبل رفع توصية حوله لإدارة البرلمان، وتمريره في وقت لاحق بجلسة عامة، لأن أحزاب الائتلاف الحاكم تملك الأغلبية المطلوبة لذلك.
كما أن جلسة الاستماع هي الثانية التي تنظر في ملف متعلق بالإخوان خلال أسبوعين، حيث ناقشت جلسة عامة للبرلمان، منتصف الشهر الجاري، مشروعي قرارين عن تجفيف منابع تمويل الإخوان الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسي الأخرى.
المشروعان سالفا الذكر قدمهما الاتحاد المسيحي "يمين وسط" وحزب البديل لأجل ألمانيا "شعبوي" في منتصف مارس/آذار 2022، وكانا نقطة البداية لمسار برلماني يضغط من أجل مكافحة الإخوان، قاد في نهاية مارس/آذار الجاري إلى تقديم الحكومة مشروع قانون يصنف الإسلاموية كتهديد.
وبما فيه هذه المشاريع، أسفر مسار مكافحة الإخوان والإسلام السياسي في ألمانيا خلال الأشهر الـ12 الماضية عن ٣٥ تحركا مختلف المستويات ضد هذه التنظيمات في أوروقة البرلمان والاستخبارات الداخلية بالبلاد، وفق إحصاء خاص بـ"العين الإخبارية".
هذا المسار يكون إجمالا -ووفق رصد "العين الإخبارية"- من 8 تقارير أصدرتها هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" خلال الأشهر الـ12 الماضية، و٥ مشاريع قرارات قدمها حزبا الاتحاد المسيحي "يمين وسط" والبديل لأجل ألمانيا "شعبوي" في البرلمان، فضلا عن مشروع قانون قدمته الحكومة.
وفي البرلمان "البوندستاغ" أيضا، قدمت الكتل السياسية المختلفة ١٢ طلب إحاطة حول ظاهرة جماعات الإسلام السياسي، وفي القلب منها الإخوان الإرهابية، فيما ردت الحكومة بنحو 5 مذكرات رسمية توضح للنواب أنشطة وتحركات الجماعة، وما يدور في فلكها من تنظيمات.
وكان اللافت أيضا أن البرلمان الألماني عقد 4 جلسات، بواقع جلستي استماع، وجلستين عامتين، لمناقشة ملف الإسلام السياسي والإخوان الإرهابية، وفق إحصاء "العين الإخبارية".
هذا الوضع يضرب بقسوة كل ما أسسه تنظيم الإخوان على مدار 7 عقود كاملة في الأراضي الألمانية، إذ يعود أول ظهور للجماعة بالبلاد إلى خمسينيات القرن الماضي على يد سعيد رمضان، صهر مؤسس الجماعة، حسن البنا، وزعيم إخوان سوريا في ذلك الوقت، عصام العطار، اللذين استقرا في ألمانيا، ولم يتعرضا لأي مضايقات حول نشاطهما، وفق دراسة للمركز الاتحادي للتعليم السياسي "حكومي ألماني".
وبالتزامن مع اكتمال تأسيس المركز الإسلامي بميونخ الذي مارس عليه نشطاء الإخوان نفوذا كبيرا، تأسست منظمة الجالية المسلمة الألمانية في عام 1958، لتضع لبنة الوجود التنظيمي الإخواني في البلد الأوروبي.
ولعقود بعد هذا التاريخ، كانت ألمانيا ساحة حركة آمنة لقيادات الجماعة، إذ استغلت الإخوان حرية الحركة، ونجحت في تأسيس شبكة من المراكز والمنظمات يصل عددها إلى 50 في عموم ألمانيا، بالإضافة إلى عدد آخر من المساجد ومراكز العبادة، ومنظمات الضغط.
لكن منذ مارس/آذار 2022 وحتى الآن، تعيش جماعة الإخوان وتنظيمات الإسلام السياسي واقعا مختلفا، وضغوطا من مختلف المستويات في ألمانيا، بما في ذلك البرلمان والاستخبارات، وحتى في أروقة الحكومة.
إذ تخطط الحكومة لعقد مؤتمر لتنظيم مؤتمر حول الإسلام السياسي، بحضور أعضاء فريق خبراء في هذه التيارات، في الصيف المقبل.
كما قالت وزيرة الداخلية نانسي فيسر، في خطاب أمام البرلمان قبل أيام: "المتطرفون اليمينيون ليسوا الأعداء الوحيدين لمجتمعنا المفتوح، فالإسلاموية (مصطلح يستخدم لوصف الإسلام السياسي) وأشكال التطرف الأخرى تهدد ديمقراطيتنا".
وتابعت: "هناك شيء واحد واضح: يجب مكافحة كل شكل من أشكال التطرف ومعاداة الديمقراطية بحزم.. أعتقد أن الديمقراطيين في هذا البرلمان لهم نفس الرأي".
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjIyOSA= جزيرة ام اند امز