أدوات التجنيد والتعبئة.. "الإخوان" تطلب المدد من ميكافيلي ولوبون
في العلن، تبدي الإخوان فهما خاصا وشاملا للدين وبعدا عن مصادر المعرفة الغربية، لكنها تبطن العكس، وتستغل الأخيرة لتحقيق أهدافها.
هذا على وجه الدقة خلاصة دراسة جديدة لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أعدها الباحث وائل صالح، تحت عنوان "جماعة الإخوان المسلمين والعلوم الاجتماعية والإنسانية: هل قرأ البنا جوستاف لوبون ومكيافيلي؟".
الدراسة التي استندت إلى وثائق من منشورات الإخوان التاريخية، كشفت عن المدى الذي من الممكن أن تكون الجماعة قد تأثرت به من الإنتاج المعرفي الغربي في مجالي العلوم الإنسانية والاجتماعية في التنظير وفي هيكلة أيديولوجيتها.
كما تبين كيف قرأ البنا وجماعة الإخوان مفكرين غربيين مثل ميكافيلي (صاحب مقولات يُفهم منها “الغاية تبرر الوسيلة” وأن “السياسة ليس لها أي علاقة بالأخلاق”)[14] وجوستاف لوبون صاحب كتاب “سيكولوجية الجماهير”، وهي عناوين تساهم في ثقل أدوات الجماعة في التعبئة والتجنيد.
الدراسة التي طالعتها "العين الإخبارية" على موقع "تريندز" ذكرت أيضا "يتبين لنا من الوثائق كيف أنه لم يكن لدى جماعة الإخوان في مراحلها الأولى أية حساسية من اللجوء إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، بشكل علني لإعداد دعاتهم والاستفادة من تلك العلوم، لتحقيق أهداف الجماعة، مما يدحض ما تصدره جماعة الإخوان عن نفسها، من أن تدينهم قائم بالكلية على فهمهم الصحيح للإسلام وتمامية ذلك الفهم".
واستندت الدراسة إلى تحليل مضمون وثيقتين رئيسيتين هما: مقال “على من تجب الدعوة؟” الذي نشره حسن البنا في مجلة الفتح عام 1928، ويستعين فيه بمقولة لميكافيلي.
كيف تعد مجندا للمتطرفين؟
أما الوثيقة الثانية فهي اللائحة العامة للمنهاج الثقافي للإخوان الصادرة عام 1940، وفيها تظهر كتب العلوم الاجتماعية والإنسانية، ومن بينها كتب الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون، التي فُرضت قراءتُها على متدربي الإخوان في الدورات التدريبية لإعداد القادة والدعاة.
وفرضت الإخوان لائحة المنهاج الثقافي، على من يرغب من الجماعة في أن يصبح داعية باسمها، ما يعني أنها كانت تعد أناسا قادرين على تجنيد الأتباع ونشر أفكار الجماعة في أكبر عدد ممكن من الناس؛ فقراءة هذه الكتب لم يكن بهدف التثقيف ولكن ثقل الأدوات.
إذ طالبت الجماعة على عناصرها القيادية قراءة كتب في الفلسفة وعلم النفس، وهي مبادئ علم النفس، وتاريخ الفلسفة وتطوراتها وأشهر النظريات الفلسفية، ومبادئ علم الأخلاق قديمًا وحديثًا، والتربية وتاريخها وتطور نظرياتها، ولمحة عامة عن التصوف.
كما تضمنت قائمة الكتب المفروضة، علم النفس لأمين مرسى قنديل، وعلم النفس للإبراشي ومظهر سعيد، ومبادئ الفلسفة لأحمد أمين، والفلسفة الشرقية واليونانية والإسلامية والحديثة للدكتور محمد غلاب.
فضلا عن علم الاجتماع لمصطفى فهمي، وعلم الاجتماع ومشاكله ترجمة إبراهيم رمزي، وعلى هامش السياسة حافظ عفيفي، وروح الثورات لجوستاف لوبون، وروح الاجتماع لجوستاف لوبون.
ندوات البنا
وتزامن فرض هذه الكتب، مع محاضرات لحسن البنا كانت تسمى “حديث الثلاثاء.. دروس متتابعة في الثقافة العامة”، وكانت تُعقد بدار الإخوان بميدان الحلمية الجديدة، بعد صلاة العشاء من كل يوم ثلاثاء.
وكان البنا يلقي محاضرات بعناوين لافتة وغير معتادة في ذلك الوقت، وتحمل أهدافا سياسية وتعبوية: “الفرق السياسية وأثر السياسة في الفكرة الإسلامية قديمًا (الشيعة والخوارج)”، و”النهضة الغربية الحديثة وأثرها في الفكر الإسلامي”، و”التيارات الإصلاحية الحديثة والفرق الإصلاحية المعاصرة”، و”الغزو الغربي العلمي والروحي للعالم الإسلامي وأثره فيه”.