"عبد الحق" يشعل الخلاف الإخواني.. الصراعات تفكك التنظيم المأزوم
تطورات جديدة شهدتها جماعة الإخوان الإرهابية، تشعل من جديد الصراع داخل التنظيم المأزوم خاصة بين جبهتي إسطنبول ولندن، ما اعتبره محللون "ينذر بنهاية وشيكة لتنظيم بات في مرحلة تفكك وانهيار".
وبعد إعلان الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين نفسه قائما بأعمال المرشد، كخطوة استباقية تضمن له الادعاء أن الآخر هو من ينازعه منصبه، لم يكن أمام جبهة لندن إلا تنفيذ خطوتها المتأخرة وإعلان القيادي صلاح عبد الحق قائمًا بالأعمال خلفًا لإبراهيم منير الذي وافته المنية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، ليشتعل الخلاف الإخواني مجددا.
وقال محللون لـ "العين الإخبارية" إنه بات من المؤكد أن حالة الانقسام داخل تنظيم الإخوان لن تنتهي، وهي أعمق مما تخيله الوسطاء الذين سعوا للم شمل الجماعة، بعد الفشل في الوصول إلى صيغة توافقية بين جبهات الإخوان المتصارعة، وإصرار كل جبهة أنها هي الممثل الوحيد للجماعة وأن الجبهة الأخرى زالت عن أعضائها صفتهم التنظيمية.
وأكدوا أن إعلان عبد الحق لن ينه الجدل حول من يقود الجماعة ولم يمنع محمود حسين عن الزعم بأنه من يقود التنظيم، ولم يقنع حتى جبهة "الكماليون" بل أشعل فتيل معركة قادمة قد تأخذ الجماعة نحو الفصل الأخير.
وقالت جبهة إسطنبول عبر المتحدث باسمها في تغريدة على تويتر إن "ما ذكر عن انتخاب قائم بالأعمال أمر كاذب"، واصفة ما حدث بـ"المحاولات المتجددة لاستحداث كيانات موازية لمؤسسات جماعة الإخوان أو تسمية أشخاص بمهام ومسميات مدعاة بعيداً عن المؤسسات الشرعية للجماعة تحت دعاوى مختلفة".
وصية منير
وحول القرار الجديد، قال الكاتب والباحث في الإسلامي السياسي، منير أديب، أن إعلان "جبهة لندن" اختيار قائم بأعمال المرشد كان أمر ضروريًا ومتوقعا لاستكمال عمل الإخوان التابعين لإبراهيم منير الذي توفي قبل أشهر، لكن شخص صلاح عبد الحق لم يكن متوقعًا نظرًا لوجود أكثر من شخصية يمكنها قيادة التنظيم ولديها الخبرة الكافية لإدارة الجماعة، في حين أن عبد الحق كان بعيدًا عن هياكل التنظيم وغير ملم بآخر تطوراته.
وأوضح أن اختيار عبد الحق جاء تنفيذًا لوصية إبراهيم منير، كان كتبها قبل وفاته، وأن الإخوان قبلوا بالوصية وانصاعوا لها، رغم تحفظ العديد من قيادات الجماعة لأن الوصية ليست أمرًا لائحيًا.
وأشار إلى أن تأخر إعلان تسمية القائم بالأعمال جاءت لأسباب مختلفة؛ بعضها يخص عبد الحق لكونه كان مقيمًا في دولة عربية ويحتاج نقل إقامته للعديد من الإجراءات.
وأكد أديب أن جبهة إسطنبول ستقف ضد هذا الاختيار بكل ما أوتيت من قوة، وأنهم قد سبق تأكيد رفضهم لكافة الإجراءات التي اتخذتها عناصر "جبهة لندن" لاستكمال إعلان عبد الحق قائما بالأعمال، وهم الآن يعلنون أنهم ضد هذا الاختيار متهمين صلاح عبدالحق ورفاقه بأنهم كيانات موازية.
انشقاقات داخل جبهة عبدالحق
وحول ما إذا كان اختيار عبد الحق سيكون خطوة لوقف الانشقاق، أكد أديب أن العكس صحيح، وأن الجماعة ستشهد مزيدًا من الانشقاقات والخلافات وليس فقط بين الجبهات المعروفة والمنشقة سابقًا، بل من المتوقع أن تشهد جبهة لندن ذاتها خلافات بين أعضائها قد تصل للانشقاق لأكثر من تكتل.
قائم بالأعمال ستار وصورة
فيما اعتبر الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، عمرو عبد المنعم، أن صلاح عبد الحق ليس القيادة الكارزمية التي تجبر الجميع على الدخول في طاعته، بل سيكون مجرد ستار يختبئ خلفه من أصر على اختياره.
وأضاف أن تاريخ التنظيم يؤكد أن الجماعة لم تعرف سوى مرشدين اثنين كانا يقودان الجماعة من القمة إلى القاعة، الأول هو المؤسس "حسن البنا" والثاني هو "مصطفي مشهور".
وحول مستقبل الجماعة، أكد عبد المنعم أن الجماعة لن تتعافى من هزائمها المتتالية ولن تبرأ من مرض الانشقاق الذي ضربها من القمة إلى القاع، "لهذا لا أتوقع لها العودة قريبا مع عبدالحق أو غيره".
لندن لم تقل كلمتها بعد
من جانبه، قال طارق البشبيشي، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والعضو السابق في تنظيم الإخوان الإرهابي، إن اختيار صلاح عبدالحق أو غيره لن ينهي الانشقاق ولن يحل الأزمة، فهي أعمق بكثير مما يتخيله البعض، موضحًا أن الإخوان تنظيم مغلق لا يعرف الرأي والرأي الآخر، ولا يتسامح مع الخارجين عنه أو منه أو عليه، قد يحتفي بآخرين لم ينضموا إليه بأكثر مما يحتفي بعناصر خرجت عن التنظيم.
وأضاف: "نحن أمام مشهد تحول الجماعة إلى ثلاث تنظيمات مكتملة الصفوف، من أول القيادة إلى آخر العناصر، والفريق الذي سيحظى بمباركة المخابرات البريطانية هو المنتصر، أما الآخر سيكون متساقطا على طريق الدعوة،، وطالما لم ينتصر أحد حتى الآن، فأغلب الظن أن بريطانيا لم تحسم أمرها بخصوص الإخوان.
وأكد البشبيشي أن الجماعة في أضعف حالاتها الفكرية والتنظيمية، فما واجهته بعد ثورة 30 يونيو 2013، أكبر من قدرات قادتها سواء كان عبد الحق أو محمود حسين أو حتى تلك المجموعة التي تتبع الإرهابي محمد كمال، إنها لن تعود مرة ثانية بالطريقة التي عرفناها في السبعينيات والثمانينيات وحتى العقد الأول من الألفية الثانية، بل ستعمل على التسلل في المجتمعات.
فساد الإخوان أصبح معلنًا
بدوره، قال هشام النجار، الكاتب والباحث في الجماعات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن إعلان عبد الحق قائما بأعمال المرشد لن ينهي الخلاف بين الإخوان وإنما يعني استمرار الصراع بين جبهتي لندن وإسطنبول "ومزيد من الخلافات".
وأوضح أن وجود جماعة الإخوان عمومًا أصبح على المحك، ومهما حاول التنظيم التدارك فهي خطوة متأخرة كثيرًا جدًا، بعد ما أحدثته الأزمة الكبرى وما تبعها من صدمات من انشقاقات وصراعات داخلية وكشف لعناصر الإخوان ومؤيديهم حقيقة ما يجري في أروقة القيادة من فساد مالي وإداري وأخلاقي.
وأضاف النجار: "لقد فقدت الجماعة البصيرة السياسية، والحنكة، والاحترافية، والنظرة المستقبلية، والاستشرافية، كما أن الجماعة تعاني الآن من شيخوخة تنظيمية أبطأت حركتها وأفقدتها مرونتها السياسية والإعلامية، كما أصاب خطابها المعلن الكثير من عدم المصداقية بعد ثبوت ارتكابهم لجرائم الإرهاب والقتل والتحريض عليه، والتآمر على الدولة وخسارتهم للتعاطف الشعبي".
لا مستقبل للجماعة
من جانبه، قال عمرو فاروق، الكاتب والباحث في الإسلام السياسي والإرهاب الدولي، إن اختيار عبدالحق قائما بالأعمال يعد بمثابة اختيار الضرورة، التي تقدر بقدرها، فهو شخص لم يكن له تطلعات تنظيمية، فضلًا عن كونه طاعنا في السن يقترب من الثمانين، وأن الاتفاق عليه ليس لصفاته، إنما جاء لتفويت الفرصة على التكتلات داخل جبهة لندن ذاتها والمتربصين لفرض رجلهم داخل الجبهة.
وأكد فاروق أن الجماعة في ظل وجود عاملين اثنين لا مستقبل لها، الأول الانشقاقات والفضائح، فالمرحلة القادمة لن تمتاز بالسكون كالأشهر السابقة، فمن المتوقع أن يتم تسريب مكالمات وصور وغيرها لتحطيم كل فريق للآخر، وأن الصراع سيكون على السطح ولن يكون خفيًا في ظل استراتيجية كل جبهة لفرض سيطرتها على اللجان وعلى المكاتب الإدارية التنظيمية، أما العامل الآخر فهو التقارب المصري التركي.
aXA6IDMuMTQ5LjIzNC41MCA= جزيرة ام اند امز