عبدالحق مرشدا.. منير يحدد من قبره معركة الإخوان المقبلة
لا يوجد تنظيم مغلق وشخصي أكثر من الإخوان، وحتى إن مات المؤثر في أروقة الجماعة، فإن صدى وصاياه وأفكاره يظل صاخبا ومؤثرا.
هذه القاعدة التصقت بالإخوان الإرهابية منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، وبالتحديد منذ زمن حسن البنا الذي أسس الجماعة وترك أفكاره تقودها ضد الحداثة وتغير الزمن، ثم لعب المتطرف سيد قطب الدور نفسه في ترسيخ فكرة الإرهاب العنيف.
واليوم، تعيد القاعدة لتثبت نفسها مجددا، حيث صمدت وصية للقائم السابق بأعمال المرشد العام، إبراهيم منير، أكثر من 4 أشهر، لتفرض نفسها وتعيد صياغة مستقبل الجماعة؛ بل مستقبل الصراع داخلها.
وبعد أشهر من تأخر إعلان جماعة الإخوان خليفة لمنير، الذي وافته المنية مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت اختيار صلاح عبدالحق القيادي القطبي، أحد تلاميذ سيد قطب والمتهم في قضية تنظيم 1965، مرشدا جديدا.
وكان منير قد أوصى بأن يتولى صلاح عبدالحق قيادة الجماعة حتى أعلنت بعد 4 أشهر اختياره، ليدير ما بقي من مستقبل.. إن كان لها مستقبل.
فشل المفاوضات
وتكشف خطوة تعيين عبدالحق رسميا بعد فترة طويلة من الصمت، فشل المفاوضات بين جبهتي لندن وإسطنبول، والتي قادتها قيادات في التنظيم، لطرح أي من الشخصيات البارزة في الجبهتين لتقود "الإخوان" في المرحلة المقبلة، سواء محمود حسين من جبهة إسطنبول والذي نصب نفسه مؤخرا مرشدا عاما، أو حلمي الجزار من جبهة لندن.
ويعود فشل محاولات الصلح بين الأطراف الإخوانية المتنازعة إلى تمسك محمود حسين بـ"أحقيته" في قيادة الجماعة، مقابل إصرار جبهة منير على طرده، والتمسك بعبدالحق.
وقبل أشهر، قالت مصادر لـ"العين الإخبارية" إنه بعد اعتذار القياديين في جبهة لندن محمد عبدالمعطي الجزار ومحمد الدسوقي لأسباب صحية، وتردد محمد البحيري في قيادة الجماعة، ارتأت الجبهة أن صلاح عبدالحق عضو تنظيم 1965، والمتهم رقم 33 في القضية الأولى مع سيد قطب وقيادات التنظيم هو الأنسب لقيادتها في المرحلة الحالية.
ويعد اختيار جبهة لندن صلاح عبدالحق مرشدا عاما (قائما بالأعمال) بمثابة محاولة "هادئة" لاختيار شخص لا اعتراضات عليه، كونه مناسبا ومقبولا من كافة الأطراف.
الصراع المقبل
وعبدالحق من جيل محمد بديع المرشد العام ومحمود عزت ومحمد البحيري ومحمد عبدالمعطي الجزار، وهو قطبي يؤمن بـ"جاهلية المجتمع" والتغيير بالقوة المسلحة.
كما كان الرجل متهما في قضية تنظيم سيد قطب رقم 33، فيما كان لا يزال طالبا في كلية الطب جامعة عين شمس، وحكم عليه -آنذاك- بعشر سنوات سجنا قضاها، ثم سافر لسلطنة عمان في بداية مرحلة انتشار الإخوان بالخليج، ثم استقر في السعودية فترة طويلة.
ويمتاز القائم الجديد بأعمال مرشد الإخوان بمحاضراته التربوية والدعوية، ولم يُعرف عنه توليه مناصب إدارية عليا في التنظيم، ولم ينخرط في أي صراع على القيادة أو على الأموال.
وبصفة عامة، لم يُعرف عن عبدالحق رأي فقهي أو سياسي مخالف لاختيارات الجماعة، ولم يعترف بأخطاء الجماعة ولم يراجع أفكاره.
ووفق مراقبين، فإن وصية منير بتعيين عبدالحق، وصمودها طوال الأشهر الماضية حتى تنفيذها اليوم، تصيغ بشكل أو بآخر مستقبل الصراع بين الإخوان، ليتحول إلى صراع عبدالحق وحسين الذين يتنازعان قيادة الجماعة، بعد أن كان الصراع يحمل اسمي "منير وحسين" طوال عامين.
aXA6IDMuMTQ0LjI5LjIxMyA= جزيرة ام اند امز