مصر وتركيا.. زخم التقارب يزلزل جرف الإخوان "الهاري"
دهس تسارع خطوات استعادة العلاقات الطبيعية بين مصر وتركيا آمال تنظيم الإخوان في الحصول على مكان أو مكسب في المستقبل.
وبعدما أخفق التنظيم في محاولات إفشال هذا التقارب، ثم كرر فشله في الحصول على مكاسب من هذا التقارب، لم يعد أمامه فرصة في أي أمل بالمستقبل وبات كمن ضربه زلزال "على شفا جرف هار".
- جاويش أوغلو بالقاهرة.. تدشين مسار استعادة العلاقات بين مصر وتركيا
- شكري في تركيا.. رسائل مصرية حول سوريا وتطبيع العلاقات
مسار العلاقات الطبيعية
وتدشن زيارة وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو لمصر، السبت، مسارا جديدا على طريق مسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين.
ويزور وزير الخارجية التركي، القاهرة، السبت؛ تلبية لدعوة من نظيره المصري سامح شكري، في زيارة "تدشن لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين".
وقال السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريحات صحفية، الجمعة، إن "زيارة وزير خارجية تركيا إلى مصر، السبت، تُعد بمثابة تدشين لمسار استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين.
إضافة إلى "إطلاق حوار مُعمق حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وبهدف الوصول إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الدولتين والشعبين الشقيقين".
وكشف المتحدث باسم الخارجية المصرية، عن أن "شكرى سيستقبل نظيره التركي في لقاء ثنائي بمقر وزارة الخارجية بقصر التحرير، تعقبه مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، على أن يعقب ذلك مؤتمر صحفي مشتركا.
كما أفادت الخارجية التركية، الجمعة، بأن "جاويش أوغلو سيلتقي خلال الزيارة الرسمية نظيره سامح شكري"، ومن المنتظر أن يتناول الوزيران العلاقات التركية المصرية بكل أوجهها، ويتبادلان وجهات النظر حيال قضايا إقليمية ودولية".
الإخوان المتضرر الأكبر
وحول أثر التقارب المصري التركي على تنظيم الإخوان، قال الدكتور هشام النجار الكاتب الصحفي والخبير السياسي المصري، إن "تنظيم الإخوان المتضرر الرئيسي من تطوير التقارب التركي المصري ووصوله لهذا المستوى".
وأوضح أنه "منذ بدايات مشروع التصالح الذي بدأه الجانب التركي، بخطوات متحفظة أولا، ثم بإجراءات أوسع وأكثر وضوحا، عمل التنظيم الإخواني على التعامل مع هذا الملف بطريقتين؛ لكنه فشل في كليهما".
وأوضح أن "الطريقة الأولى، العمل على إفشال هذا التقارب وإجهاضه في مهده بمحاولة ضرب العلاقة بين الدولتين وإثارة الشكوك في جدوى ومردود هذا التقارب على الحكومة والسلطة في تركيا".
وأردف النجار: "الطريقة الثانية تمثلت في محاولة تنظيم الإخوان أن يكون جزءا من الملف، وأن يستفيد من الخطوة التركية للدخول في حوار ومفاوضات مع الحكومة المصرية على هامش المفاوضات التركية المصرية؛ ولذلك تكرر إرسالها رسائل تتعلق بطلب الدخول في حوار أو الانضمام إلى الحوار الوطني الذي يضم قوى المعارضة بدعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، لكن محاولات التنظيم المتكررة في هذا السياق فشلت هي الأخرى".
وإزاء ذلك، شدد الخبير السياسي المصري، على أن "مسار استعادة العلاقات الطبيعية بين مصر وتركيا، يضر بلا شك بمصالح التنظيم الذي فشل تماما في أن يكون أداة للضغط على مصر؛ لتحقيق مكاسب ومصالح قوى إقليمية كما فشلت في السابق أن تكون وكيلا محليا لتلك القوى".
وتابع: "والآن تفرض العلاقات الطبيعية وفق المصالح المشتركة بين الدول نفسها، ويجري تهميش أدوار جماعات وظيفية سببت مشاكل كبيرة في المنطقة، وتسببت في قطع العلاقات بين الدول".
وبين النجار أن "تلك الدول أيقنت أخيرا أن مصالح الشعوب والدول تقتضي وضع هذه الجماعات في مكانها وحجمها الذي تستحقه دون لعب أي دور سواء محليا أو إقليميا".
تسارع التقارب
وقال الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "زيارة جاويش أوغلو، تأتي فى سياق الخطوات الإيجابية التي يتبناها الجانبان التركي والمصري على سبيل التقارب فيما بينهما، وستساعد كثيرا في التقارب بين البلدين".
وأبرز "عبدالفتاح" أن "الزيارة محاولة تركية لاستثمار الزخم الأخير في العلاقات بين البلدين بعد كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا، ومن قبل المصافحة التاريخية بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان، في قطر، وزيارة وزير الخارجية المصري الأخيرة لتركيا".
وأكد "عبدالفتاح" أن أنقرة "تريد البناء على هذه الخطوات لمزيد من الخطوات التقاربية بين البلدين".
ونبه إلى أنه "حتى الانتخابات التركية نتوقع زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين في الدولتين، واتخاذ المزيد من اللقاءات والخطوات التقاربية، قد تتوج بزيارة الرئيس أردوغان لمصر وقد تؤجل لبعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مايو/أيار المقبل".
وقال إن "هذه الزيارة ستساعد كثيرا في التقارب ما بين البلدين، وربما تعجل من اللقاء المتوقع بين الرئيسين المصري والتركي، وهذا قد يحدث قبل الانتخابات التركية وربما يؤجل لما بعدها".
أهمية الزيارة
واتفق الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، مع ما ذهب إليه عبدالفتاح في قراءة تداعيات وأهمية زيارة رئيس الدبلوماسية التركي لمصر.
وقال تورغوت أوغلو -في حديث لـ"العين الإخبارية"-: "بالزيارات المتبادلة لوزيري خارجية البلدين، فقد عادت العلاقات لطبيعتها بشكل كبير".
وأردف: "ندخل الآن مرحلة تبدأ فيها أنقرة بإرساء الأسس لاتخاذ خطوات مشتركة مع القاهرة في شرق البحر المتوسط وليبيا"، مشيرا إلى أن "تطوير العلاقات بين تركيا ومصر ليس مفيدا للبلدين فقط، وإنما للمنطقة ككل".
ونوه إلى أن "المساعدات الإنسانية الإغاثية المصرية لأنقرة والتصريحات الإيجابية التي جاءت عقب كارثة الزلزال، قطعت مسافة كبيرة في التقارب بين الدولتين".
وفي 6 فبراير/شباط الجاري، وقع زلزالان متتاليان بقوة 7.7 و7.6 درجة جنوب تركيا وشمال سوريا، وتسببا بخسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
وفي 27 فبراير/شباط الماضي، أجرى "شكري" زيارة تعزية وتضامن إلى تركيا عقب كارثة الزلزال ، والتقى جاويش أوغلو.
ورغم أن تلك الزيارة حملت في ظاهرها رسالة تضامن من مصر إلى تركيا عقب كارثة الزلزال التي خلفت خسائر فادحة في تركيا وسوريا، إلا أن وقع تلك الزيارة كان له تأثير مضاعف، وفتح الطريق أمام تقريب العلاقات والتطبيع بين البلدين.
وردا على إمكانية عقد قمة بين الرئيسين رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي يتوج لقاء المصافحة، قال وزير الخارجية المصري، على هامش زيارته لتركيا: "بالتأكيد ستكون هناك اتصالات في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين".
وأكد وزير الخارجية المصري أن بلاده "ستبقى إلى جانب شقيقتها تركيا"، وأن "العلاقات بين البلدين سترتقي لأفضل مستوى"، مشيرًا إلى أن بلاده "تؤمن بقدرة تركيا على تجاوز آثار الزلزال في أقرب وقت".
من جهته، قال وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إن "تطور العلاقات بين تركيا ومصر يصب في مصلحة الطرفين"، مشيرا إلى أن "مصر دولة مهمة بالنسبة للعالم العربي والشرق الأوسط وفلسطين".
وأرسلت مصر منذ اليوم الأول للزلزال حتى الآن أكثر من 1200 طن من المساعدات الإنسانية، كان آخرها السفينة التجارية المصرية التي تحمل اسم "الحرية" والتي رست صباح الإثنين 27 فبراير/شباط، في ميناء ولاية مرسين، محملة بـ525 طنا من المساعدات الإنسانية.
وفي وقت سابق، أرسلت مصر طائرتي مساعدات إغاثية إلى تركيا تضامنا مع الشعب التركي في تخفيف آثار الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد قبل أسبوعين.
وفي 8 فبراير/شباط الجاري أعلن الجيش المصري تسيير 5 طائرات نقل عسكرية محمّلة بكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى سوريا وتركيا.
وعقب الزلزال المدمر، أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قدم فيه التعزية بضحايا الزلزال.
وشكر أردوغان نظيره المصري على المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي الشقيقين.
ومنتصف فبراير/شباط، عقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي اجتماعا مع وفد ضم ممثلي شركات تركية تعمل في مصر، أو ترغب في بدء استثمارات جديدة في السوق المصرية خلال المرحلة المقبلة، ليكون اللقاء الأول منذ 10 سنوات.
تلك التحركات والاتصالات وموجات التضامن الإنساني اعتبرتها وسائل إعلام محلية تركية تمهد لاستعادة العلاقات الطبيعية بين القاهرة وأنقرة، لإنهاء سنوات من القطيعة.
ومرت العلاقات بين البلدين بسنوات من القطيعة بدأت في 2013، وتراجع التمثيل الدبلوماسي لكل منهما إثر اتهام القاهرة أنقرة بدعم جماعة الإخوان الإرهابية، لكن العام الماضي بدأت عملية التقارب بين مصر وتركيا بمحادثات استكشافية بين وزارتي الخارجية، وتصريحات إيجابية من المسؤولين الأتراك.
aXA6IDMuMTQyLjEzMC4yNDIg جزيرة ام اند امز