عبدالحق رأس جبهة لندن.. الإخوان نحو المزيد من التفكك والانقسام
ينزلق تنظيم الإخوان نحو مزيد من التفكك والانهيار، بعد قرار جبهة لندن تعيين صلاح عبدالحق القيادي القطبي، قائماً بأعمال مرشد الجماعة.
وينقسم تنظيم الإخوان إلى ثلاث جبهات تتصارع على المال والسلطة ومقاليد السيطرة على الجماعة؛ الأولى هى: جبهة إسطنبول التي يقودها محمود حسين الأمين العام السابق، والثانية : جبهة لندن؛ أما الثالثة فهى جبهة المكتب العام أو تيار التغيير.
وفي تطور جديد، أعلنت جبهة لندن، اليوم الأحد، تعيين صلاح عبدالحق (78 عاما)، قائما بأعمال المرشد العام للجماعة، خلفا لإبراهيم منير الذي وافته المنية في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي.
وفي أول تعليق، قال عبدالحق في بيان أصدره اليوم، إن أولوياته في المرحلة المقبلة هي إعادة التعريف بالجماعة وتعزيز مكانتها ولم شملها، والاهتمام بملف المحبوسين وأسرهم، وتمكين الشباب لإدارة المرحلة، وفقا لما نقلته مواقع إخوانية.
وأوضح البيان، أن عبدالحق حصل على تأييد مجلس الشورى المصري والعالمي للإخوان بإجماع الأصوات كقائد جديد للجماعة.
وفي وقت سابق، نقلت مواقع تابعة للإخوان أن "مجلس الشورى العام المصري للإخوان، ومجلس الشورى العالمي، انتخبا القيادي التاريخي في الجماعة، الدكتور صلاح عبدالحق، قائما بأعمال المرشد العام، خلفا للراحل إبراهيم منير".
وحول تداعيات انتخاب عبدالحق، قال الدكتور هشام النجار الكاتب الصحفي والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن التنظيم يتجه نحو مزيد من الصراعات والانقسامات بعد تعيين عبدالحق.
وفسر النجار: "القائم الجديد بأعمال المرشد سيسعى لإثبات نفسه كبديل لمنير، وندا لمحمود حسين، فيما سيسعى الأخير إلى محاولة إضعاف "جبهة لندن" والتشكيك في شرعية عبدالحق؛ مستخدما أوراق جديدة وتقليدية، ومراهنا على توظيف نقاط ضعفه، لكونه ليس في نفس مستوى قوة إبراهيم منير على مستوى الإدارة والقدرة على المناورة".
"تأثير ضئيل"
وقلل الكاتب الصحفي بالأهرام المصرية، من تأثير خطوة تعيين عبدالحق، قائلا إن الأخير "ليس قائدا عاما للتنظيم ويهيمن على مقاليده، بل مجرد قائد لجبهة من ضمن جبهات عديدة متصارعة".
ومضى قائلا "عدم مقدرة التنظيم خلال المرحلة الماضية على التوافق على قائد عام يوحد التنظيم بكافة جبهاته تحت قيادته، والاكتفاء بعد مرور وقت طويل بمجرد تصعيد قائد لجبهة من الجبهات هو بحد ذاته دليل وشاهد على ضعف الإخوان وشدة الانقسام داخل الجماعة".
وفي ملمح آخر، قال النجار إن خطوة تعيين عبدالحق، لن تؤثر كثيرا على أوضاع تنظيم الإخوان، إذ أن وجود قيادة لجبهة لندن من عدمه لن تؤثر في مجريات أحداث الإقليم التي تجاوزت الجماعة بمراحل بعيدة.
ونبه في هذا الصدد، إلى أن العلاقات المصرية - التركية تتطور بشكل كبير ومتسارع، وفي الوقت الذي تتحرك حكومات أوروبية ضد وجود التنظيم الدولي، فيما تنشغل الجماعة بصراعاتها وانقساماتها الداخلية.
تزايد الصراع
وفي تقدير الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، عمرو عبد المنعم، فإن الصراع سيزداد داخل تنظيم الإخوان، في ظل محاولات جبهة محمود حسين في الفترة المقبلة لتطويق مجموعة عبدالحق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو مجموعات اللجان الإلكترونية التي تنشط منذ أيام للترويج إلى أن عبد الحق جاء لمحاولة الصلح مع النظام المصري.
وقال عبد المنعم في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "ستعمل جبهة حسين في نفس الوقت على شيطنة جبهة لندن بمصطلحات إخوانية مثل أن أعضاء جبهة عبدالحق، من المتساقطين والمنشقين والراحلين والمغادرين، مما سيدفع القيادة الجديدة للرد والعمل علي استعادة مكانتها في صفوف الجماعة".
ونوه الباحث المصري، إلى أن عبدالحق طبيب الأمراض الجلدية في الجماعة، اشتهر بالمجال التربوي؛ لقوة اتصاله بفكر سيد قطب، حيث كان من المتهمين في القضية الشهيرة لتنظيم 65، وتولى مسؤولية "المنتدى الإسلامي العالمي للتربية" لأكثر من 15 عاماً ثم اختفى بعض الوقت.
ورأى أن تأخير إعلان جبهة لندن القائم بالأعمال الجديد يشي بوجود خلافات جوهرية داخل الجبهة، حول صلاح عبدالحق ذاته، خاصة عقب تردد أسماء مثل؛ محمد الدسوقي، ومحمود الإبياري، وأسامة سليمان، ومحمد البحيري، وحلمي الجزار، ما يؤكد استمرار الجماعة على نفس النهج القديم من الانقسامات وتعدد الجبهات.
ورأى عبد المنعم، أن تاريخ الإخوان يؤكد أن المرشد مجرد واجهة وستار فقط، فيما هناك من يدير الأمر من وراء الستار، متابعا: "تاريخ الجماعة لم يعرف سوى مرشدين اثنين كانا يقودان الجماعة من القمة إلى القاعدة؛ الأول هو المؤسس حسن البنا، والثاني هو مصطفى مشهور".
ومضى قائلا "البنا المؤسس كان يعلم بدهاليز وكواليس التنظيم، ومصطفى مشهور؛ لأنه كان المرشد الأقوى والأشرس وأحد كوادر الجهاز السري".
تفكك وانقسام
ومتفقا مع الخبيرين السابقين في قراءتهما لتداعيات قرار تعيين قائما جديدا بأعمال المرشد، أكد سامح عيد الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، أن جبهة منير معرضة للتفكك والانقسام بشكل كبير، إذ أن هناك مجموعات وقطاعات عديدة ترفضه داخل الجبهة، مثل جيل الشباب، ومجموعات عديدة في تركيا، علاوة على محبي ومؤيدي حلمي الجزار الذين كانوا ينتظرون تعيين الأخير قائما بالأعمال.
وشدد عيد في حديث لـ"العين الإخبارية"، على أن صلاح عبدالحق، يفتقد للتوافق العام، فهو غير ملم بالأمور التنظيمية، ومجال عمله تربوي، ولم يتول أي موقع تنظيمي أو منصب إداري من قبل داخل التنظيم، إضافة إلى أنه ليس لديه احتكاك بشباب التنظيم".
وكانت جبهة الإخوان في إسطنبول أعلنت تعيين قائدها محمود حسين قائماً بأعمال المرشد، في 17 نوفمبر/تشرين الثاني في خطوة اعتبرها مراقبون ستشعل حرباً جديدة بين الجبهات الإخوانية المتناحرة منذ سنوات على المناصب القيادية ومصادر التمويل داخل الجماعة، وستعزز الصراعات داخل التنظيم.
وإزاء تلك التطورات، بإعلان (جبهة إسطنبول) تعيين محمود حسين، قائما بأعمال المرشد، وتعيين المعسكر المناوئ في لندن؛ لصلاح عبدالحق، يكون التنظيم قد أصبح له قائمان بأعمال المرشد، واحد في (لندن) والثاني في (إسطنبول)، ولكل منهما متحدث إعلامي ومجلس شورى، علاوة على بروز جبهة ثالثة (تيار التغيير) في تركيا، وهو ما سوف يعمق الخلافات داخل التنظيم بشكل أكبر.