أول استراتيجية للأمن القومي في ألمانيا.. مظلة على 3 قواعد
بعد سلسلة من الأزمات والخلافات أزاحت الحكومة الألمانية الستار عن أول استراتيجية للأمن القومي للبلاد، وسط أوضاع عالمية متقلبة.
واليوم الأربعاء، وافق مجلس الوزراء الألماني على استراتيجية الأمن القومي الجديدة، وقدمها في مؤتمر صحفي، لتطرح إجابات ألمانيا على الوضع العالمي الحالي بعد الحرب الروسية الأوكرانية وترسيخ الصين موقعها كمنافس.
- سجال على أجنحة الطائرات.. ماذا تريد ألمانيا من الصين؟
- ذكرى جريمة زولينغن.. هل ترفع ألمانيا الكارت الأحمر للتطرف؟
وقالت الحكومة الألمانية في الوثيقة المؤلّفة من 80 صفحة، التي عرضها المستشار أولاف شولتز ووزراء في حكومته، إنّ "الصين تحاول بطرق مختلفة إعادة تشكيل النظام الدولي القائم على القواعد، وتدّعي بشكل عدواني أكثر فأكثر السيادة الإقليمية وتتصرف باستمرار بشكل يتعارض مع مصالحنا وقيَمنا".
وقال شولتز: "لأول مرة في تاريخ بلادنا قمنا بتطوير استراتيجية للأمن القومي"، وشدد على الاستراتيجية باعتبارها "مساهمة مهمة في ضمان أمن الناس في ألمانيا في ضوء البيئة المتغيرة".
شولتز تحدث عن استراتيجية شاملة لتحقيق الأمن، وقال: "يجب أن تعمل جميع الوسائل والأدوات معًا لحماية بلدنا من التهديدات الخارجية".
بالإضافة إلى الحماية العسكرية، استشهد المستشار الألماني أيضاً بالتعاون الإنمائي والأمني ضد الهجمات الإلكترونية ومرونة سلاسل التوريد كأمثلة، مضيفا: "دون أمن، لا حرية ولا استقرار ولا ازدهار".
ومضى موضحا "بيئة السياسة الأمنية في ألمانيا تغيرت بشكل كبير في العام ونصف العام الماضيين"، في إشارة إلى الحرب الروسية ضد أوكرانيا والهجمات على خطوط أنابيب نورد ستريم.
وفي هذا النقطة تنص استراتيجية الأمن القومي على أن "روسيا اليوم هي أكبر تهديد للسلام والأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية في المستقبل المنظور".
أما وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك فقالت إن "الأمن في القرن الحادي والعشرين يدور حول ما هو أكثر من الوسائل العسكرية والدبلوماسية".
وتابعت: "لقد أظهرت الحرب أن السلام والحرية لا يسقطان من السماء"، مضيفة: "تتقاطع تحديات الأمن في ألمانيا مع جميع مجالات الحياة، وهذا ينطبق على الأدوية، على سبيل المثال، وكذلك على الفضاء الإلكتروني ونظافة المياه".
وفقاً للاستراتيجية الأمنية الجديدة، يجب النظر في التهديدات الخارجية والداخلية معاً في المستقبل.
وبالإضافة إلى المخاطر العسكرية المحتملة، يشمل المنظور الأمني الجديد الهجمات الإلكترونية والهجمات المحتملة على البنية التحتية الحيوية وتغير المناخ.
3 نقاط مركزية
الوثيقة المكونة من 76 صفحة وتحمل عنوان "الأمن المتكامل لألمانيا"، تضع مفهوم الأمن في 3 نقاط مركزية، الأولى مسألة الدفاع، إذ أكدت الوثيقة مجددا هدف إنفاق 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع على مدى عدة سنوات.
وتنص على وجه التحديد على أن "الدفاع الوطني وفي إطار التحالف (الناتو) هو المهمة الأساسية للجيش الألماني. وهذا يشمل أيضاً مساهمتنا في قدرة الردع لدى الحلف، في البداية أيضاً من خلال الصندوق الخاص الذي تم إنشاؤه حديثاً للاستثمار في تسليح الجيش، والمساهمة بنسبة 2٪ في الناتج المحلي الإجمالي في الدفاع على مدى عدة سنوات".
النقطة الثانية هي المرونة؛ إذ ذكرت الوثيقة أنه "يجب حماية النظام الأساسي الديمقراطي الحر بشكل أفضل من التأثير غير المشروع من الخارج، ويجب تقليل التبعية، على سبيل المثال في توريد المواد الخام".
أما النقطة الثالثة في الاستدامة، حيث قالت الوثيقة: "يجب أن يساعد العمل السريع على تحقيق الأمن، في تجنب الأزمات أو التخفيف من حدتها، وهذا ينطبق على قضايا المناخ والتنوع البيولوجي والنظم البيئية والأمن الغذائي".
وتشتق الوثيقة عددا من التدابير من هذه النقاط الثلاث في مجال الدفاع على سبيل المثال، وتشدد على الدفاع المعزز ضد التجسس والتخريب، ومواءمة ضوابط تصدير الأسلحة الأوروبية وتوسيع القدرات السيبرانية والفضائية.
في الواقع، كان من المقرر تقديم استراتيجية الأمن القومي قبل اليوم بكثير، وبالتحديد في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير/شباط الماضي، لكن خلف الكواليس كان هناك خلاف متكرر حول الاختصاصات خاصة بين المستشارية ووزارة الخارجية.
وعلى وجه الخصوص، لم يكن هناك اتفاق حول مسألة مجلس الأمن القومي كنقطة مركزية، إذ خشيت وزارة الخارجية من أن تفقد نفوذها إذا تولت المستشارية قيادة المجلس.
ولتجاوز الخلاف لم يحدث تغيير في الهياكل الحالية ولا استحداث لمجلس أمن قومي على الطراز الأمريكي كما كان منتظرا، بل تستمر الحكومة في التعامل مع الأزمات الأمنية في إطار اجتماعات مجلس الوزراء الأمنية، وفق بيربروك.