ذكرى جريمة زولينغن.. هل ترفع ألمانيا الكارت الأحمر للتطرف؟
30 عاما مرت على جريمة اليمين المتطرف بحق أسرة تركية في زولينغن، ولا يزال اليمين المتطرف والنازي يمثل الصداع الأكبر لأمن البلاد.
وتأتي ذكرى حرق منزل عائلة من أصول تركية في مدينة زولينغن، في وقت تعاني فيه ألمانيا صعوبات كبيرة في مواجهة اليمين المتطرف، وبعد أشهر من إحباطها انقلاب كامل على السلطة وقف خلفه مجموعة من حركة مواطني الرايخ المتطرفة.
وبمناسبة حلول الذكرى السنوية الثلاثين لفاجعة زولينغن، نددت وزيرة الداخلية الألمانية الحالية نانسي فيزر بفشل الحكومة الألمانية آنذاك في مكافحة التطرف اليميني في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وفي تصريحات لصحف مجموعة "فونكه" الإعلامية الصادرة اليوم الأحد، قالت الوزيرة المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتز الاشتراكي الديمقراطي إن هذا الهجوم لم يأت من فراغ بأي حال من الأحوال.
وأوضحت أن "الحكومة في تلك الفترة لم تتصرف بكل وضوح من أجل إيقاف التطرف اليميني القاتل" وذلك بعد حوادث الشغب اليمينية المتطرفة في روستوك-ليشتنهاجن التي استهدفت مكتب الإيواء الرئيسي لطالبي اللجوء ودارا لعاملين فيتناميين في ربيع 1992، وحوادث الشغب اليمينية المتطرفة في مدينة هويرسفيردا في خريف 1991 والتي استهدفت دارا لعاملين أجانب ودارا للاجئين.
كما أشارت الوزيرة إلى الحريق المتعمد لمنزلين تقطنهما عائلتان تركيتان في مدينة مولن في خريف 1992 ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة بإصابات خطيرة.
ورأت فيزر أن الحكومة في وقت هذه الهجمات، لم تواجه الكراهية بشيء ولم تضع خطا أحمر.
وأعربت الوزيرة عن اعتقادها بأن النقاشات التي جرت آنذاك والمليئة بشعارات جاءت على حساب هؤلاء الضحايا، وقالت إن قيادة الحكومة آنذاك كانت تفتقر إلى مواساة الضحايا والتعاطف معهم والاهتمام بهم "ولا يزال هذا الأمر مخزيا للدولة الألمانية حتى اليوم".
وفي التاسع والعشرين من مايو /أيار عام 1993، قتل خمس نساء وفتيات من عائلة جينك التركية الأصل في الهجوم في مدينة زولينغن، فيما أصيب 17 فردا من العائلة بإصابات خطيرة.
وأدين أربعة أشخاص يمينيين متطرفين تراوحت أعمارهم بين 16 و23 عاما في عام 1995 بتهمة القتل في هذه الواقعة، وهم حاليا أحرار بعد تنفيذ عقوبة السجن.
ويعد هذا الهجوم حتى اليوم واحدا من أخطر الجرائم العنصرية في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية.
ورغم هذه الفاجعة وما تلاها، لا تزال ألمانيا تعاني حتى اليوم من مشاكل اليمين المتطرف دون حلول ناجعة لهذا الخطر، إذ لا يزال اليمين يمثل تهديدا وصل حد التخطيط لانقلاب عسكري ووضع تصور لحكومة ملكية عنصرية، لكن أحبطته السلطات في نهاية العام الماضي.
كما أن عدد جرائم العنف اليمينية المتطرفة سجل في العام الماضي ارتفاعا بنسبة 12%، وزادت الهجمات على اللاجئين على نحو خاص، وفق وزيرة الداخلية الألمانية.
وقالت فيزر "لهذا السبب فإننا نتعامل بكل حزم، فالوقاية والحزم هما أساس استراتيجيتي في مواجهة التطرف اليميني، وذلك يستلزم أن يكون هناك على جانبنا أجهزة أمنية شديدة اليقظة وجيدة التجهيز".
وتابعت: "كما يستلزم أيضا بالدرجة الأولى وعلى عكس ما كان في عام 1993 التعاطف مع ضحايا العنف اليميني المتطرف، فالأمر يتعلق ببشر حمايتهم هي أهم واجباتنا".
ورأت الوزيرة أنه لا يمكن إضافة شيء جديد إلى الدروس المستفادة من هذا الهجوم "وقد تبين لنا اليوم على نحو جلي للغاية أن التطرف اليميني هو الخطر المتطرف الأكبر على ديمقراطيتنا وعلى الناس في بلادنا".
ووفق مراقبين، فإن الحكومة الألمانية لا تزال تعاني في مواجهة اليمين المتطرف، رغم تقديمها مشاريع قوانين لمكافحة التطرف بكل أشكاله في الأشهر الماضية، وأن المشكلة لا تزال تحتاج وقتا لمعالجتها.