"واقعية دون سذاجة".. سياسة ألمانية جديدة تجاه بكين
أعلنت ألمانيا، الخميس، خطة استراتيجية جديدة للتعامل مع نهج الصين، مع اعتماد مجلس الوزراء وثيقة تهدف إلى إعادة تحديد العلاقات مع بكين.
وكتب المستشار الألماني أولاف شولتز في تغريدة عبر "تويتر": "هدفنا ليس الانفصال عن (الصين) لكننا نريد خفض الارتهان الحرج في المستقبل"، وعرض الاستراتيجية الجديدة قائلا إنها تأتي ردا على "الصين التي تغيرت وتتبع تشددا متزايدا".
من جهتها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إن "السياسة التي قالت الحكومة إنها ستكون ضمن مقاربة الاتحاد الأوروبي للتعامل مع الصين، تهدف إلى أن تكون واقعية لكن ليست ساذجة".
ونشرت هذه الوثيقة بعد أشهر من المداولات داخل الحكومة الألمانية حول استراتيجيتها حيال الصين.
وفيما دعت بيربوك، من حزب الخضر، إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا حيال بكين والتركيز أكثر على حقوق الإنسان، ساند شولتز وهو من الحزب الاجتماعي الديمقراطي موقفا أكثر ليونة، لذلك دخل الطرفان في مفاوضات للوصول إلى أرضية مشتركة حول كيفية التعامل مع بكين.
وتمثل سياسة الصين الجديدة توازنا دقيقا بين بيربوك وشولتز داخل الحكومة الألمانية، وتصف بكين بأنها "شريك ومنافس نُظمي".
وذكرت الوثيقة أن "الصين هي أكبر شريك تجاري منفرد لألمانيا، لكن في حين يتراجع اعتماد الصين على أوروبا باستمرار يزداد اعتماد ألمانيا على الصين في السنوات الأخيرة".
وقالت الحكومة الألمانية في الوثيقة إنها لا تعتزم "عرقلة التقدم الاقتصادي والتنمية في الصين" لكن "في الوقت نفسه هناك حاجة ماسة لخفض المخاطر".
وأضافت الوثيقة أن برلين "تراقب بقلق كيف تسعى الصين للتأثير على النظام الدولي بما يتماشى مع مصالح نظام الحزب الواحد، وبالتالي التقليل من شأن أسس النظام الدولي القائم على القوانين مثل وضع حقوق الإنسان".
وتأتي الوثيقة المكونة من 64 صفحة، وسط تحرك أوسع في الغرب لتقليل التبعيات الاستراتيجية على الصين، والتي وصفها صناع السياسة بأنها "تزيد المخاطر" وسط مخاوف بشأن سعي بكين بشكل متزايد لتأكيد هيمنتها في المحيطين الهندي والهادئ.
الوثيقة الألمانية قالت بوضوح إن "الصين حازمة بشكل متزايد في محاولاتها لتغيير النظام الدولي القائم على القواعد، مع ما يترتب على ذلك من عواقب على الأمن العالمي".
وتابعت أن "قرار الصين توسيع علاقتها مع روسيا له تداعيات أمنية فورية على ألمانيا".
ومضت قائلة إن "ألمانيا ستواصل تعزيز وجودها العسكري وتعاونها مع شركائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، محذرة من أن "الوضع الراهن لمضيق تايوان لا يمكن تغييره إلا بالوسائل السلمية والموافقة المتبادلة".
الوثيقة الاستراتيجية قالت أيضا إن "التصعيد العسكري سيؤثر أيضا على المصالح الألمانية والأوروبية".
ووفق الوثيقة ستوسع ألمانيا علاقاتها الوثيقة مع تايوان مع الاستمرار في الالتزام بـ"سياسة الصين الواحدة"، التي تعترف بحكومة الصين باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين.
وفيما يتعلق بالاقتصاد حددت الاستراتيجية مقترحات لتقليل التبعيات الحرجة على الصين في كل القطاعات الاقتصادية، بما يتماشى مع ما تم الاتفاق عليه سابقاً من قبل الاتحاد الأوروبي.
لكن هناك قلق متزايد في ألمانيا بشأن تأثير استراتيجية الحد من المخاطر وتقليل التبعيات، على اقتصاد البلاد الذي يعاني بالفعل من الركود، نظراً لعلاقاتها التجارية القوية مع الصين التي أصبحت أكبر شريك تجاري منفرد لبرلين في عام 2016.