عام على حكم شولتز.. ألمانيا تحنّ لأيام ميركل
في يوم الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي، كان من الواضح أن أي خليفة للمستشارة الألمانية المخضرمة سيكون طريقه مليئا بالأشواك والعراقيل.
في هذا اليوم أصبح خليفة ميركل في المستشارية أولاف شولتز، من الحزب الاجتماعي الديمقراطي ضمن ائتلاف حكومي، لم تبادله ألمانيا ابتسامته الخجولة على محيا خليفة ميركل الجديد.
فرغم أن ميركل التي تعود عليها الألمان وهي تعبر بهم عباب الأزمات ستة عشر عاما، من الصعب إزالة ظلها، إلا شولتز أيضا لم تسعفه الظروف الدولية.
فخلال أشهره الأولى قامت الحرب في أوكرانيا، وكانت تبعاتها الاقتصادية ثقيلة على اقتصاد ألمانيا، وفورا بدأ النزيف في شعبية شولتز، فيما عجز في ذات الوقت فرض نفسه كزعيم أوروبي على المجتمع الدولي.
هذا النزيف استمر مع شولتز وهو يقترب من الاحتفال بعام على تقلده منصبه، فالاستطلاعات تشير إلى أن 64% من الألمان غير راضين على الحكومة الائتلافية، بل إن 58% من المستطلعين غير راضين عن المستشار، بحسب معهد "إنسا".
أما هذا الوضع فإن أي انتخابات تجرى اليوم، سيكون نصيب شولتز ومن ورائه الائتلاف الحكومي قريبا من العدم، وستكون أغلبيته التي يحكم بها في مهب الريح.
حظ سيء
يبدو أن المستشار الألماني لاحقه نحس مع تحقيق طموحه السياسي، فمع تسلمه القيادة وضع سياسة مالية صارمة، وخطية بيئية متقنة، لكنه برنامجه الحكومي اصطدم بأحداث خارج حدود ألمانيا، مع بدء العملية الروسية بأوكرانيا، وآثارها على الاقتصاد، ودورها في توافد موجات اللاجئين.
لذلك يلتمس نيلس ديدريش؛ وهو أستاذ في جامعة برلين الحرة، العذر لشولتز، قائلا إنه "نظرا إلى الأحداث المأساوية التي جرت هذه السنة، فهو في وضع جيد جدا".
وبالفعل فمع خطاب شولتز أمام البرلمان الألماني في 27 فبراير/ شباط، الذي أعلن فيه زيادة حجم الإنفاق العسكري، بالتزامن مع العملية الروسي، كانت ألمانيا تدخل حقبة جديدة.
شركاء على قلب 3 رجال
عقبة أخرى حالت إلى الوضع المتأزم لشولتز، تلفت إليها أورسولا مونش؛ مديرة أكاديمية التربية السياسية في "توتزينغ"، وهي أن المستشار يقود حكومة غير متجانسة مكونة من ثلاثة أحزاب أهدافها مختلفة.
وتشير مونش إلى أن هذا المعطى زاد من صعوبة مهمة شولتز، وأصبح يقود نظاما سياسيا مشرذما، عكس ما كان عليه الحال في عهد المسيحية الديموقراطية أنغيلا ميركل.
نقاط مضيئة
لم يكن الفشل هو كل حصاد حكومة شولتز، فلديه نقاط مضيئة في أولى سنة من ولايته، على المستوى الداخلي، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور للساعة الواحدة، وتعويضات العاطلين عن العمل.
هذه النقاط الإيجابية لا تسعف شولتز في سياسته الخارجية، فهو يبدو مثل التائه في أورقة المجتمع الدولي، دون بصمة واضحة.
وهذا ما فسرته راشيل ريزو؛ الخبيرة في الفرع الأوروبي لمعهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي، حيث قالت إنه "من الصعب خلافة زعيمة بقيت في السلطة على مدى 16 عاما"، في إشارة لميركل.
وحتى على الصعيد الأوروبي، يرى إريك موريس من مكتب معهد روبرت شومان في بروكسل أن شولتز "من الصعب معرفة موقعه سياسيا".
رغم ذلك كان للمستشار الألماني صوت في الاتحاد الأوروبي، وودعا نهاية أغسطس/ آب، إلى توسيع التكتل، وإجراء مراجعات على نظامه، بما في ذلك وضع حد لحق "الفيتو" لما له من أثر في شلّ المؤسسات.
بيد أن هذا الصوت لم يلقَ آذانا أوروبية صاغية، وأدى إلى أثر سلبي على علاقات باريس وبرلين، ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادا مبطنا إلى المستشار حين قال: "ليس من الجد لا بالنسبة لألمانيا ولا بالنسبة لأوروبا أن تعزل نفسها".
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xNjYg
جزيرة ام اند امز