تهديد بالسجن لسياسيين ألمان.. والتهمة "تلوث البيئة"
رأي محكمة العدل الأوروبية، غير الملزم قانوناً، قد تكون له تداعيات تنعكس على سياسيين بارزين في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي
ساحة معركة جديدة يدخلها المدافعون عن البيئة هذا الأسبوع عندما تنظر محكمة العدل الأوروبية في إمكانية فرض القضاة الألمان عقوبات بالسجن على سياسيين رفضوا التقيّد بحظر سير المركبات الملوثة المعمول به في البلد.
وفي قضية تبدأ الثلاثاء، ستعطي المحكمة رأيها في نزاع قديم بين ناشطين بيئيين وحكومة ولاية بافاريا، وهي معركة ضمن جملة معارك أخرى، وسط جدل مستعر في البلد حول الديزل وحظر قيادة المركبات الملوثة.
رأي محكمة العدل الأوروبية، غير الملزم قانوناً، قد تكون له تداعيات تنعكس على سياسيين بارزين في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الحليف للاتحاد الديمقراطي المسيحي، الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وتحاول مجموعة "دويتشيه أومفيلتهيلفه" البيئية دفع الحكومة البافارية إلى تنفيذ تدابير لمكافحة تلوث الهواء في عاصمة الولاية ميونيخ، من خلال المواجهة القضائية التي بدأت في عام 2012.
وقال رئيس المجموعة البيئية يورجن ريش: "نحن نطالب باحترام الحدود الموضوعة لتلوث الهواء".
وتجاوزت مستويات ثاني أكسيد النيتروجين في المدينة الألمانية الجنوبية الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، وبعد قرار نهائي صدر في عام 2014، طالبت محكمة في ميونيخ حكومة الولاية بخطة عمل تتضمن فرض حظر على السيارات التي تعمل بالديزل.
ومع ذلك، يدّعي كل من الناشطين البيئيين والسلطات القضائية أنَّ الحكومة تغضّ الطرف بشكل فادح عن القرار الصادر في 2014.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أحالت المحكمة الإدارية العليا في بافاريا القضية إلى محكمة العدل الأوروبية، مع الإشارة إلى أنَّ "شخصيات سياسية رفيعة المستوى قد أوضحت للمحكمة وعلناً أنَّها لن تطبّق القرار".
وقالت المحكمة إنَّ الغرامة البالغة 4 آلاف يورو التي فُرِضت على الحزب الحاكم "لم تكن فعالة" وطلبت من القضاة في لوكسمبورج تقديم المشورة القانونية حول مدى شرعية تهديد هؤلاء السياسيين بالسجن.
وأكد فيليب رايمر، أستاذ القانون العام في جامعة بون الألمانية، أنها "قضية فريدة من نوعها، لا أعرف أي سابقة لها في القانون الألماني".
ولكن حتى لو بتّت محكمة العدل الأوروبية في أنه من الممكن إصدار أحكام بالسجن على سياسيين، فإن القرار النهائي يبقى بين أيدي المحاكم البافارية.
وأصر ريش على أنَّه لن يتم زجّ أي سياسي في السجن لأن التهديد وحده سيكون كفيلاً بإجبارهم على تنفيذ التدابير التي تطالب بها المحكمة، موضحاً: "أي شخص مهدد بالسجن لديه مفاتيح الأصفاد في جيبه".
بالنسبة لحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الحاكم في مقاطعة بافاريا، من غير الوارد فرض حظر على السيارات العاملة بالديزل في ميونيخ مقرّ شركة "بي إم دبليو".
وقال ناطق باسم وزارة البيئة في الولاية: "فرض حظر على قيادة المركبات هو حل سيئ"، مضيفاً: "نوعية الهواء في بافاريا تشهد تحسّناً، وبالتالي فإن التدابير المتخذة حالياً أثبتت فاعليتها"، في إشارة إلى استثمار الوزارة في تجديد البنى التحتية للنقل العام والتشجيع على استخدام الدراجات.
وفرض حظر على المركبات التي تعمل بالديزل في العديد من المدن الكبرى منذ فضيحة "فولكس فاجن" في عام 2015، بعدما تبيّن أن الشركة العملاقة وضعت برمجية غير قانونية في ملايين السيارات الجديدة العاملة بالديزل بهدف التلاعب بنتائج اختبارات الانبعاثات.
وهذا الحظر مطبق حالياً في شتوتجارت وأجزاء من هامبورج ومن المقرر أن يطبّق في شوارع معينة من برلين في أكتوبر/تشرين الأول.
ووفقاً لشركة "بيريلس" الاستشارية في مجال صناعة السيارات، فإنَّ 60 مليوناً من السائقين في كل أنحاء أوروبا يتأثرون بالحظر المفروض على قيادة السيارات في المدن للحدّ من تلوث الهواء.
لكن هذه القضية مثيرة للجدل بشكل خاص في ألمانيا، إذ توفِّر هذه الصناعة عشرات الآلاف من الوظائف.
وفي خضم غضب أصحاب السيارات وأحزاب المعارضة مثل "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف والحزب الديمقراطي الحرّ (الليبرالي)، اعتمدت الحكومة الفيدرالية قانوناً للحدّ من نطاق الحظر في مارس/آذار.
وأشعل هذا الأمر بدوره غضب الناشطين البيئيين، ففي يونيو/حزيران، اتهم خبير النقل في حزب الخضر شتيفان كون، الحكومة بمحاولة "نسف القانون الأوروبي".
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA== جزيرة ام اند امز