معجزة ألمانيا في خطر.. "سر روسي" يهز عرش اقتصاد الـ"4 تريليونات"
يقف الاقتصاد الألماني في مرحلة فارقة من تاريخه، مع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بعد أن فقدت برلين أهم مورد للطاقة.
ألقت الحرب في شرق أوروبا بتداعيات كارثية على الصناعة الألمانية، في ظل تفاقم أزمة الطاقة وارتفاع أسعارها، وهو ما أثر على صناعات عدة أبرزها الأغذية الحديد والصلب والسيارات والسيراميك والزجاج والطباعة.
ما يقرب من 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي تستهلكها برلين في العام الواحد، الأخطر بالنسبة لأكبر اقتصاد في أوروبا أنه يستورد 55% من هذه الكمية من روسيا.
وفقا لبيانات فوربس، يؤدي وقف إمدادات الغاز الروسي لألمانيا بالكامل، إلى خسائر فادحة للاقتصاد تصل إلى 193 مليار يورو (203 مليار دولار)
في أغسطس/أب 2022، نشر زولتان بوزار، المحلل الاستراتيجي في مجموعة "كريدي سويس"، مخططا يوضح كيف أن "4 تريليونات دولار إجمالي الناتج المحلي لألمانيا تعتمد على 20 مليار دولار من الغاز الروسي".
السؤال الذي طرحه زولتانهو: كيف تمكنت ألمانيا من تشغيل معجزة اقتصادية قائمة على التصدير لعقود بتكلفة زهيدة من الغاز الروسي.
الأخطر يطرح نفسه، مع اختفاء الغاز الروسي الرخيص في المستقبل، هل تتغير الصورة بالنسبة للاقتصاد الألماني، وهل تتأثر هوامش الربح لسنوات قادمة؟
شركة Allianz Trade نشرت دراسة الإثنين الماضي، قالت فيها إن الصناعة الألمانية ستدفع حوالي 40% مقابل الطاقة في عام 2023 مقارنة بعام 2022، قبل أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا، وفقا لـ"oil price".
قالت أليانز تريد، شركة التأمين الائتماني: "الصدمة الكبيرة لأسعار الطاقة ما زالت تنتظر الشركات الأوروبية".
في عام 2022، خففت التدخلات الحكومية من الضربة الفورية الناجمة عن ارتفاع الأسعار حيث حدت روسيا من صادرات الوقود إلى الغرب، وتم تمويل عجز الميزانية الناتج على الفور من قبل البنك المركزي الأوروبي.
لكن هذا الأمر لن يستمر، فالأسعار ستشهد زيادات قريبا ستضر بأرباح الشركات في جميع أنحاء أوروبا بنسبة 1-1.5% وستؤدي إلى انخفاض الاستثمار، والذي قد يصل في حالة ألمانيا إلى 25 مليار يورو (27 مليار دولار)، وفقًا لتقديرات أليانز تريد.
الجانب المشرق هو أن الموارد المالية للشركات الألمانية قوية، في حين أن الحد الأقصى لسعر الغاز الذي تفرضه الدولة قد يساعد (ما لم يجعل الأمور أسوأ بكثير).
في الوقت نفسه، قالت الدراسة إن المخاوف من أن الأزمة قد تؤدي إلى تراجع التصنيع وأن خسارة القدرة التنافسية ضد الولايات المتحدة مبالغ فيها، لأن تكاليف العمالة وأسعار الصرف لها تأثير أكبر على التصنيع من أسعار الطاقة.
وأضافت أنه بينما كان المصدرون يخسرون حصصهم في السوق في مجالات مثل الأغذية الزراعية والآلات والمعدات الكهربائية والمعادن والنقل، كان المستفيدون من آسيا وأفريقيا وليس الأمريكيين.
في غضون ذلك، قالت وزارة الاقتصاد الألمانية السبت الماضي، إن دفعة الحكومة الألمانية لمرة واحدة لمساعدة الأسر الخاصة والشركات الصغيرة بأسعار الغاز وهي المرحلة الأولى من الحزمة التي سيتم استكمالها بسقوف أسعار بأثر رجعي تبدأ في مارس/أذار قد كلفت 4.3 مليار يورو حتى الآن.
خصصت برلين 12 مليار يورو، لكن الوزارة قالت إن 4.3 مليار يورو لم تكن التكلفة النهائية لأن العديد من الشركات المؤهلة لم تتقدم بعد بطلب للحصول على المساعدة. لديهم حتى نهاية فبراير/شباط للتقدم؛ وبالحكم من خلال الخسائر الفادحة التي ما زالوا يواجهونها، فإنهم سوف يفعلون ذلك.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yNiA= جزيرة ام اند امز