بعد موقف ألمانيا بأزمة أوكرانيا.. هل تجتاح كوريا الجنوبية سوق الدبابات الأوروبي؟
رغم أن ألمانيا أكبر رابع مساهم في دفاع أوكرانيا، لكن تردد المستشار أولاف شولتز في إرسال "ليوبارد 2"، التي تعد دبابة القتال الرئيسية في معظم أوروبا، ساهم في ظهور دور أكبر لكوريا الجنوبية في سوق الدبابات الأوروبي.
وقال الزميل غير المقيم بمعهد "أمريكان إنتربرايز"، بليك هيرزينجر، خلال مقال له منشور بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، إن تراجع ألمانيا عن قرارها بعد مراوغة طويلة جعل الحكومة تبدو غير حاسمة وغير مستعدة للقيادة حتى فيما يتعلق بأمن أوروبا.
ولطالما كانت ألمانيا شريكا دفاعيا لجيرانها الأوروبيين، لكن هذه المسألة زعزعت ثقة عملائها، ما ترك انطباعا بأن السياسة الدفاعية المرتبكة في برلين وقيادتها الضعيفة تشجعهم على استكشاف خيارات أخرى للمعدات الدفاعية.
ورأى هيرزينجر أن مستخدمي "ليوبارد 2"، لا سيما أولئك الذين يواجهون تهديدا روسيا على عتباتهم، يطرحون تساؤلات بشأن الحكمة من الاعتماد على برلين في عنصر رئيسي لقواتهم البرية بعدما شهدوا ترددا الأسابيع القليلة الماضية.
وأشار إلى أن الخطة الفرنسية الألمانية لتطوير بديل لكل من دبابة القتال الرئيسية الفرنسية "لوكلير" والألمانية "ليوبارد 2" تؤثر عليها الإجراءات البيروقراطية، مما يجعل نظام القتال الأرضي الرئيسي غير جاذب لتعليق هياكل القوة عليه في المستقبل.
لكن لا توجد خطوط إنتاج ساخنة للدبابات في أوروبا، الأمر الذي يجعل دبابات ليوبارد الخيار الوحيد الموجود. ومع ذلك، بحسب هيرزينجر، هناك خط إنتاج دبابات آخر مخطط له في أوروبا، إذ فازت شركة "Hyundai Rotem and Hanwha Defense" الكورية الجنوبية بعقود أسلحة ضخمة مع بولندا في 2022، التي تضمنت اتفاقا ينطوي على ألف من دبابات القتال الرئيسية من طراز "كيه 2" و672 من مدافع هاوتزر من طراز "كيه 9".
ومن إجمالي العدد، ستصنع 180 دبابة في كوريا الجنوبية بين عامي 2022 و2025، مع بدء تشغيل الإنتاج المحلي في بولندا بحلول 2026 للـ820 المتبقية.
وبالنسبة لوارسو، بحسب هيرزينجر، تعني الصفقة الحصول على الدبابات بشكل أسرع بكثير مما يمكن لشركة راينميتال الألمانية إرسالها به، وبسعر تنافسي، وكذلك حقق الرغبات البولندية في نقل التكنولوجيا لتعزيز صناعة الدفاع المحلية الخاصة بها.
وقال الزميل غير المقيم بمعهد "أمريكان إنتربرايز" إن كوريا الجنوبية بدأت برنامج دبابات "إكس كيه 2" عام 1995، في محاولة لإبعاد برنامج الدبابات الكورية الجنوبية عن المنصات الأمريكية، لافتا إلى وصول التصميم مرحلة التجربة عام 2007، وبعد استكمال الاختبارات الصارمة وعمليات التقييم، وقعت كوريا الجنوبية عقدا لأولى دبابات "كيه 2" الخاصة بها عام 2014.
وفي حين وصف البعض دبابات "كيه 2" بالأقل تطورا من "ليوبارد 2"، لا تزال دبابة قتال رئيسية عالمية، إذ يمكن مقارنتها بشكل عام مع أفضل الدبابات المنتجة في أوروبا. وفي الواقع، بحسب هيرزينجر، أدت أداء جيدا في تجارب المنافسة أمام ليوبارد 2.
لكن ليست بولندا وحدها؛ حيث انخرطت دول مثل سلوفاكيا في مناقشات مع كوريا الجنوبية بشأن خيارات استبدال دباباتهم القديمة من طراز "تي-72". ومع إرسال العديد من دبابات أوروبا الشرقية القديمة بالفعل إلى أوكرانيا، ربما تكون التصاميم المشتقة من "كيه-2" خيارا جيدا للعديد من الدول المتلهفة لترقية أسطول دباباتها، بالإضافة إلى تنويع علاقاتهم الدفاعية.
وأشار الزميل غير المقيم بمعهد "أمريكان إنتربرايز" إلى أن دبابات "كيه 2" على قائمة النرويج، إذ تقيمها أمام "ليوبارد 2 آيه 7"، قبل توصية رئيس الدفاع النرويجي العام الماضي بالتخلص من دبابات القتال الرئيسية في الجيش النرويجي.
وانضمت النرويج إلى بولندا في طلب 28 من مدافع هاوتزر من طراز "كيه 9" من الشركة الكورية الجنوبية في إطار عقد بقيمة 180 مليون دولار، منضمة بذلك إلى صفوف الدول الأوروبية الأخرى مثل فنلندا وإستونيا في تبني نظام المدفعية الكورية الجنوبية.
وبالطبع من غير المرجح أن تتجه أوروبا بأكملها فورا إلى شراء الدبابات من كوريا الجنوبية، كما أن هناك مخاطر محتملة، بحسب هيرزينجر، مشيرا إلى أن أحد أهم تلك الأمور يتمثل في الجوانب الحساسة لكوريا الجنوبية بشأن روسيا.
وواجهت كوريا الجنوبية انتقادات بسبب رفضها الواضح إرسال مساعدات فتاكة إلى أوكرانيا، لكن يقال إنها كانت مرنة فيما يتعلق بسياستها الواضحة من خلال الموافقة على ما يبدو لتصدير الذخيرة إلى الولايات المتحدة، والتي ستجد طريقها في النهاية بهدوء إلى أوكرانيا.
وبينما تواجه صناعات الدفاع لدى العديد من الدول المتقدمة، بينها الولايات المتحدة، نقصا في الإنتاج في قواعد صناعة الدفاع الخاصة بها، تحتفظ كوريا الجنوبية بالقوة ولديها قدرة قابلة للتطوير على الإنتاج الصناعي الضخم. وتعتبر هذه القدرة على الإنتاج، مقترنة باستعداد سول لإنتاج محلي في أوروبا، ميزة بيع كبيرة مقارنة بالاعتماد على شركة راينميتال، التي قد تحتفظ أو لا تحتفظ بالقدرة على تلبية الطلبات في الوقت المناسب.
كما تجد الولايات المتحدة فوائد غير مباشرة من تشجيع كوريا الجنوبية على متابعة زيادة حصتها بسوق الدفاع في أوروبا، إذ إن لواشنطن مصلحة حقيقية للغاية في صناع الدفاع الكورية الجنوبية القوة التي يمكنها إنتاج أنواع الأسلحة الحديثة المطلوبة لمواجهة عدوان كوريا الشمالية.
aXA6IDMuMTQ1LjE2NC40NyA= جزيرة ام اند امز