ألمانيا تعتزم ترحيل سوريين "مشتبه بهم".. القصة كاملة
تعتزم السلطات الألمانية ترحيل العشرات من المشتبه بهم الحاملين للجنسية السورية بداية من 2021، بعد أن كان ترحيل السوريين مجمدا.
وكانت الحكومة الألمانية قد جمدت منذ عام 2012 عمليات ترحيل اللاجئين السوريين بشكل كامل، وجددت التجميد 9 مرات متتالية، بسبب الظروف الأمنية والحياتية المتردية في سوريا.
لكن هذا التجميد انتهى من الناحية النظرية، حيث فشل مؤتمر وزراء الداخلية في ولايات ألمانيا الـ16، أمس الخميس، في الاتفاق على تمديد جديد، ما يعني نهاية التجميد المفروض على ترحيل السوريين بشكل عام في نهاية العام الجاري، وفق ما نقلته صحيفة دي فيلت الألمانية (خاصة) عن مصادر رفيعة.
واليوم الجمعة، وافقت الحكومة الألمانية على مشروع قرار مقدم من وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، يقضي بترحيل السوريين المشتبه بهم إلى سوريا، بداية من يناير/كانون الثاني المقبل، وفق شروط معينة، بناء على ما جرى خلال مؤتمر وزراء الداخلية الخميس.
وفي تصريحات صحفية، قال وزير داخلية ولاية بافاريا، يواكيم هيرمان، إن وزراء الداخلية المنحدرين من الاتحاد المسيحي الحاكم (يمين وسط)، لم يوافقوا على تمديد التجميد المفروض على ترحيل السوريين.
وأوضح "رغم هذا القرار، فإن الأمر لا يتعلق بترحيل الغالبية العظمى من السوريين، ويتعلق الأمر فقط بمجموعة صغيرة من المجرمين الخطرين وهؤلاء الذين يمثلون تهديدات أمنية".
ماذا يعني ذلك؟
بصفة عامة، يعني رفع التجميد المفروض على ترحيل السوريين، أن المجرمين والأشخاص الخطرين لم يعدوا في مأمن من الترحيل من الناحية النظرية، وفق دي فيلت.
ويصنف الشخص على أنه "خطير" إذا رأت الشرطة أن بإمكانه ارتكاب جريمة في أي وقت. ووفق التقديرات الرسمية، يعيش حاليا في ألمانيا ما يقرب من 100 إسلامي متطرف يحمل الجنسية السورية، ويمثل تهديدا أمنيا كبيرا.
وقبل أسابيع، عاد الجدل السياسي مجددا حول طريقة التعاطي مع الأشخاص الخطرين أمنيا، خاصة بعد أن هاجم لاجئ سوري شخصين بسكين في مدينة دريسدن، جنوب شرقي البلاد، ما أدى لمقتل أحدهما.
وترى السلطات الأمنية أنها لا تستطيع رقابة كل الأشخاص الذين يمثلون خطرا أمنيا، خاصة في ظل ارتفاع أعدادهم بشكل مطرد، لذلك أوصت بترحيل الخطرين أمنيا ممن لا يحملون الجنسية الألمانية، وفق دي فيلت.
هل الترحيل ممكن؟
يعارض الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) الشريك في الائتلاف الحاكم، أي محاولة لترحيل سوريين إلى بلدهم الأصلي، انطلاقا من صعوبة الوضع الأمني والمعيشي في البلد العربي، لكن معارضته لم تمنع مؤتمر وزراء الداخلية في اجتماع أمس، من إنهاء التجميد المفروض على ترحيل اللاجئين السوريين.
لكن عمليات ترحيل السوريين المشتبه بهم أو الخطرين أمنيا صعبة للغاية من الناحية الواقعية في الوقت الراهن، بل تبدو مستحيلة، رغم اتخاذ القرار من الناحية النظرية، وفق الصحيفة نفسها.
وفي هذا الإطار، يقول وزير داخلية ساكسونيا السفلى (شمال) بوريس بيستوريوس في تصريحات صحفية إن الوضع في سوريا "لم يتحسن ، بل على العكس"، موضحا "النظام المحيط بالحاكم بشار الأسد يقتل ويعذب".
وتابع "ساكسونيا السفلى سوف تقوم بترحيل الجناة أو الخطرين أمنيا إلى سوريا، لكن هذا مستحيل حاليًا من الناحية العملية".
وأوضح "لا تقيم ألمانيا حاليًا علاقات دبلوماسية ولا يوجد أي تمثيل ألماني في سوريا يمكنه ترتيب عملية إعادة المشتبه بهم السوريين إلى الوطن".
ووفق دي فيلت، فإن المحامي الدولي كونستانس دانيال ثيم، أجرى مؤخرا تحليلا قانونيا لإمكانية إعادة المشتبه بهم السوريين إلى سوريا، لصالح حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا غربي ألمانيا.
ووفق ثيم، فإن الحرب الأهلية توقفت في مناطق بعينها في سوريا ويمكن إعادة اللاجئين السوريين إلى هذه المناطق من الناحية النظرية.
لكن هناك مشاكل قانونية تعيق الترحيل من الناحية العملية، فلا توجد أي ضمانات سياسية أو دبلوماسية يمكن تقديمها لقضاة المحاكم الألمانية المعنيين باتخاذ قرارات الترحيل، تفيد بأن المرحلين لن يتعرضوا للتعذيب أو أي معاملة غير إنسانية في سوريا، حسب ثيم.
ثيم قال أيضا "ترحيل المشتبه بهم السوريين إلى سوريا يتطلب تنسيقا وتعاونا دبلوماسيا رفيعا مع الحكومة السورية، وحتى اليوم، لا توجد أي مؤشرات على رغبة الحكومة الألمانية في إقامة هذا النوع من التعاون، إذ ترفض ألمانيا أي تواصل دبلوماسي مع دمشق منذ 2012".
وبالتالي، فإن إنهاء التجميد المفروض على ترحيل السوريين لا يعني القيام بعمليات ترحيل دون تقييم حالة حقوق الإنسان والسلامة الجسدية في سوريا، حتى وإن كان المرحلون مجرمين أو أشخاصا خطرين أمنيا، وفق دي فيلت.
وأوضحت الصحيفة "لا يمكن ترحيل المشتبه بهم السوريين إذا كانت هناك احتمالية لتعرضهم للقتل أو التعذيب، وفق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
ويقيم في ألمانيا حاليا نحو 800 ألف لاجئ سوري دخل معظمهم البلاد في إطار أزمة المهاجرين التي ضربت الاتحاد الأوروبي في 2015.
aXA6IDMuMTM4LjEzNS40IA== جزيرة ام اند امز