ألمانيا تبدأ معركة هواوي.. برلين حائرة بين مصالحها ورغبات الغرب
يبدو أن الحكومة الألمانية قد خضعت أخيرا لضغوط أوروبية وأمريكية وقررت أخذ خطوة للخلف فيما يتعلق بالتعامل مع الصين.
وقالت تقارير إن ألمانيا ستقوم بإزالة المكونات الصينية من شبكات الجيل الخامس بحلول نهاية عام 2029، منهيةً سنوات من الجدل الذي جعل البلاد تتأخر كثيرًا عن حلفائها في معالجة ما حذرت منه الولايات المتحدة باعتباره نقطة ضعف رئيسية.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إنه بموجب اتفاق مبدئي مع الحكومة، وافق مشغلو الاتصالات الرئيسيون في ألمانيا على إزالة المكونات المصنوعة من قبل الشركات الصينية هواوي وZTE من شبكاتهم الأساسية - الجزء الأكثر حساسية من الشبكة المحمولة - بحلول نهاية عام 2026.
ونقلت الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الصفقة أن نظام إدارة الشبكة في شبكات الوصول اللاسلكية - البرمجيات التي تتعامل مع الاتصال بين الأجهزة على شبكة لاسلكية - تقرر أن تكون خالية من المكونات الصينية بحلول نهاية عام 2029. لكنهم أكدوا أن الحكومة والمشغلين لم يوقعوا بعد على اتفاق نهائي وأن بعض التفاصيل قد تتغير في الأيام القادمة.
ضغوط تصادمية
لكن التقارير الأخيرة وان صحت، لا يمكن فصلها عن مجمل تطورات سياسية واقتصادية وتجارية هامة بين الغرب وبكين.
وتحت ضغط من الولايات المتحدة، تعهدت ألمانيا العام الماضي بتقليل اعتمادها على التكنولوجيا والمواد الخام الصينية المستوردة وتنويع اعتماد اقتصادها على التجارة مع الصين.
لكن النمو البطيء والاحتكاكات داخل تحالف المستشار أولاف شولتز الثلاثي قد أعاق تنفيذ السياسة.
وأدت هذه الاحتكاكات إلى قيام برلين بتخفيف استراتيجية الصين الأولى للبلاد، التي نُشرت العام الماضي، لإضعاف إصلاح مخطط لنظام فحص الاستثمارات الأجنبية المباشرة الذي يجري مناقشته حاليًا ومعارضة التحركات من قبل الاتحاد الأوروبي للتصدي للواردات الصينية الرخيصة.
ورغم الضغوط، لا يزال مكتب المستشار حريصًا على تشجيع الاستثمار الصيني ومنع انهيار التجارة الثنائية، وفقًا لمسؤولين حكوميين.
ومن ناحية أخرى، فإن هذا القرار، بحسب محللين، سيجعل ألمانيا تتماشى تدريجيًا مع دول أخرى في أوروبا، من المملكة المتحدة إلى السويد ودول البلطيق، التي حظرت المكونات الصينية من شبكات الاتصالات الخاصة بها.
كما يأتي في إطار سياسة تشدد عام تنتهجها بروكسل تجاه بكين، وكان أخرها ما انعكس في ملف السيارات الكهربائية والتعريفات المخطط لها في بروكسل تجاهها وكذلك تحقيقات تتعلق بتوربينات توليد طاقة الرياح الصينية في بعض الدول الأوروبية، حيث قررت بروكسل التحقيقات مع عدة دول تشمل ألمانيا في هذا الشأن.
كما أن بعض الضغوط الداخلية المفترضة يمكن تصورها مع بروز قوى اليمين سياسيا، وهي القوى التي تنحي تقليديا لسياسات حمائية قد تستهدف الصين بشكل كبير.
التأخر من برلين
ونقل تقرير وول ستريت عن نوح باركين، مستشار كبير في قسم الصين بشركة روديم للأبحاث قوله: "يبدو إن ألمانيا تفعل ما فعلته المملكة المتحدة، ولكن بعد 4 سنوات.. لكن من الأفضل أن تأتي متأخرًا من ألا تأتي أبدًا.. لكنها متأخرة جدا".
ويشير الجدول الزمني للاتفاق إلى أن معظم المكونات الصينية سيتم إزالتها فقط بمجرد وصولها إلى نهاية عمرها الافتراضي واحتياجها إلى الاستبدال على أي حال، بحسب باركين.
وتترك صياغة الاتفاقية الأولية بعض المرونة لبقاء المكونات المصنوعة في الصين في شبكات الوصول اللاسلكية بعد عام 2029.
لكن المحللين قالوا إن استبدال أنظمة الإدارة - البرمجيات التي تشغل هذا الجهاز - من المحتمل أن يزيل معظم الثغرات الأمنية.
وفي عام 2022، شكلت المكونات الصينية 59% من شبكات الوصول اللاسلكية للجيل الخامس في ألمانيا، وفقًا لبيانات من مجموعة ستراند كونسولت، وهي مجموعة أبحاث مستقلة في مجال الاتصالات، مقارنة بنحو 41% في المملكة المتحدة، و17% في فرنسا و0% في لاتفيا، ليتوانيا وإستونيا.
وكانت ألمانيا قد ناقشت ما إذا كان ينبغي عليها تقييد استخدام الأجزاء المصنوعة في الصين لأكثر من 6 سنوات دون التوصل إلى نتيجة. وعلى الرغم من الضغط الأمريكي، قاومت الحكومة السابقة بقيادة المستشارة أنغيلا ميركل الحظر لفترة طويلة بسبب المخاوف بشأن التكلفة والانتقام المحتمل من الصين.
وكانت معدات الجيل الخامس المصنوعة في الصين تعتبر منذ فترة طويلة عالية الجودة وأرخص من نظيراتها الغربية. لكن الولايات المتحدة حذرت من أن المكونات الصينية قد تتضمن أبوابًا خلفية تسمح للحكومة الصينية باستخلاص البيانات التي تمر عبر الشبكة أو تمكينها من إيقاف تشغيلها في حالة النزاعات.