منار سعيد "بنجامين بوتن" المصرية لـ"العين الإخبارية": مرضي بلا علاج
منار سعيد؛ فتاة مصرية تحارب اليأس وتواجه سهام المجتمع التي تضرب في قلبها بقوة، بعد أن ابتعد عنها الجميع لمرضها الذي يغير ملامحها.
على غرار الفيلم الهوليوودي الشهير "الحالة المحيرة لبنجامين بوتن" (The Curious Case of Benjamin Button)، أصيبت الفتاة المصرية منار سعيد بمرض نادر يصيب 500 شخص في العالم فقط، جعلها تبدو كأنها تتخطى السبعين في ريعان شبابها.
منار سعيد، عمرها لا يتخطى 23 عاما، لكن مرض "ليبويد بروتينوزس" (Lipoid proteinosis) النادر الذي أصابها منذ الصغر جعلها امرأة عجوزا.
"العين الإخبارية" تلتقي الفتاة المصرية لتروي مأساتها، وتكشف عن المضايقات والمشاهد الصعبة التي تعرّضت لها منذ إصابتها بهذا المرض الذي يصيب ما يقرب من 500 شخص في العالم ويغير ملامحهم ويجعل الفتيات الشابات كالسيدات المسنات..
ما طبيعة مرضك؟
اسمه وفقا لعالم الطب Lipoid protinosis، يؤدي إلى تراكم البروتين في الجسم متسببا في تجاعيد جلدية وتغيير في الأحبال الصوتية وصعوبة في التنفس، وهذا المرض أعتقد أنه مصاب به نحو ٥٠٠ شخص بالعالم، وأنا المصرية الوحيدة الذي أعاني منه.
هل أنت مولودة بهذا المرض؟
لا، هذا المرض أصابني بعد ولادتي ودخولي إلى الحياة بعام وأربعة أشهر، وفقا لما ذكره لي والدي، وأنا أدركت هذا المرض في بداية المرحلة الابتدائية، وقتها فقط علمت أنني مصابة بمرض نادر في وجهي.
هل مرضك وراثي؟
نعم، أبي وأمي تربطهما صلة قرابة، وسبق أن أُصيب به أحد أقاربنا، لكنه توفي، والأطباء قالوا لي إنني أصبت بهذا المرض وراثيا، والحمد لله على كل شيء هذا قدري وأنا أشكر الله عليه.
متى لجأتِ للعلاج؟
لجأت للعلاج في مرحلة مبكرة، ولكن جميع الأطباء أجمعوا على أن مرضي ليس له علاج، لأنه موجود بالدم وله تأثير كبير على عدد من الأجهزة في جسدي أبرزها أنه غيّر شكل صوتي وأجهد الأجهزة التنفسية والعصبية والتناسلية، ويترك دائما في وجهي البثور التي يصعب محوها، وحاليا أنا منتظرة التجارب العلمية الطبية في مجال تعديل الجينات التي من المحتمل أن تحدث فارقا مهما في حالتي.
عمليات التجميل كان لها دور في حالتك؟
نعم، لجأت في الوقت السابق لعمليات التجميل لمحو هذا المرض خصوصاً من وجهي، ولكنها لم تؤتِ ثمارها بسبب تمكن المرض مني وانتشاره في دمي بشكل كبير، وفشل الطب في وجود علاج له.
هل سبّب مرضكِ مضايقات لكِ؟
كثيرا، فأنا وحيدة والدي وأمي، ومرضي جعلني أتعرض لمواقف مُحرجة منذ طفولتي، فالأمر زاد وتعرضت لبعض المشاهد الصعبة خلال المرحلة الابتدائية، وأنا أتذكر موقفا لا يذهب عني ولا يفارق ذهني، في يوم كنت في الشارع، وكان هناك طفل صغير يقترب مني ويتحدث معي، وفجأة تدخلت والدته بكل عنف وقسوة وأجبرت صغيرها بالابتعاد عني، وقالت له: "ابعد عنها أحسن تعديك (تصيبك بالعدوى)"، في تلك اللحظة شعرت بالألم والوحدة الشديدة في الحياة.
هل يتعامل أصدقاؤك معك بشكل طبيعي؟
خلال المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كان زملائي يتجاهلونني ولا أحد يرغب في الاقتراب مني، فالكل يخشى شكلي على الرغم من معاملتي المحترمة لهم بكل هدوء، ولكن الجميع يتعامل معي على أنني مريضة ولا أحد يحاول تفهم حالتي. من بين المواقف الصعبة التي لا أنساها في المرحلة الابتدائية، جاءت معلمتي ذات يوم لتقول لي: (هل يمكنني لمسك، أم سأصاب بالعدوى؟) فبكيت وقتها وكنت لا أريد الذهاب مرة أخرى للمدرسة، ولكن قربي من الله، وكلام أبي وأمي معي، جعلني أشعر بالقوة وأوجه المجتمع.
أتعجب كثيراً لطريقة تعامل الناس معي، لماذا هذا الشكل المتدني؟ بعد التحاقي بإحدى الجامعات، وجدت الأمر مشابها للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، فقررت فرض شخصيتي على الجميع وإظهار نفسي بالصورة الصحيحة التي يجب أن يراني بها المجتمع، وبالفعل نجحت في هذا الأمر قليلا، ولكن المضايقات لم تتركني، ففي إحدى المحاضرات الدراسية، تحدثت مع دكتورة جامعية في شؤون الدراسة، وأثناء حديثنا سخرت من صوتي، ولا أعرف السبب، ولكنى اتخذت عهدا ألا أقف معها مرة أخرى، حتى تخرجت في كلية أصول الدين قسم عقيدة وفلسفة، وحاليا حصلت على درجة الماجستير في علم الفلسفة.
مرضك يُشعرك بالشيخوخة؟
الناس ترى أنني مصابة بالشيخوخة وعجوزة في نفس الوقت، ولكن أنا عكسهم تماما، فأنا صغيرة في السن ولدى طموح كبير.. أنا لست مُسنة حتى أجلس في البيت أو أكون طريحة الفراش، فالعمر أمامي وإن شاء الله سأنتصر على من يحاولون هدمي والنيل من عزيمتي، وسأظل محاربة لقسوة الحياة فأنا مستعدة لها.
هل تريدين العمل؟
هذا الأمر يرهق تفكيري يوميا، كيف أكون ناجحة ومتفوقة؟ عملي الآن أن أحصل على الدكتوراه في علم الفلسفة وأثبت أنني ناجحة في العلم، وبعدها أفكر هل يوجد مكان وظيفي يستحق مجهودي.
ما هوايتك المفضلة؟
قراءة القرآن والكتب الدينية والفلسفة والسفر، فمنذ الصغر وأنا أعشق التغيير وأريد الذهاب إلى الأماكن البعيدة التي تحتوي على شواطئ مثل الإسكندرية وشرم الشيخ والغردقة ومرسى مطروح، فالبحر يشعرني بالسعادة والهدوء.