أنهار الجليد على أعتاب الاختفاء.. تغير المناخ يهدد سويسرا
فقدت الأنهار الجليدية السويسرية 2.4% من حجمها هذه السنة وسط ظاهرة ذوبان واسعة بسبب حرارة الصيف والغبار من الصحراء.
وتعد هذ النسبة أعلى من المعدل المسجل بين عامي 2010 و2020 البالغ 1.9%، ليتراجع حجم الأنهار الجليدية السويسرية رغم تساقط كميات كبيرة من الثلوج خلال الشتاء الماضي.
وتراوح الانحسار السنوي في الحجم بين 1 و3% سنويا على مدى العقدين الماضيين، باستثناء عامي 2022 و2023، حين اختفى ما يقرب من 10% من حجم الأنهار الجليدية السويسرية، وهو مستوى قياسي.
وقال ماتياس هاس، مدير شبكة المسح الجليدي السويسرية "غلاموس" لوكالة فرانس برس، إن مستويات ذوبان الجليد هذا العام كانت "ضخمة مرة أخرى".
حذر هاس من أن الأنهار الجليدية "على وشك الاختفاء"، وقال: "لن تبقى موجودة بعد 100 عام، إلا إذا تمكنا من تحقيق استقرار في المناخ".
انحسار كبير
تقدر مساحة الأنهار الجليدية بـ775 كيلومترا مربعا، وهي مساحة أقل بنسبة 28% مقارنة بعام 2000.
ورغم أنها أقل من العامين الماضيين، إلا أن الخسارة في الحجم في 2024 تظل "كبيرة".
استفادت الأنهار الجليدية السويسرية من ظروف مواتية بشكل استثنائي حتى شهر يونيو/ حزيران، إذ تساقطت ثلوج في الشتاء بنسبة 30% أكثر من المتوسط، فيما سُجلت بداية ممطرة للصيف.
رغم ذلك، فإن حرارة الصيف وغياب الثلوج الجديدة في الصيف والغبار الذي يهب من الصحراء، أضعفت آمال مدير "غلاموس" الذي يقول إنه "يشعر بخيبة أمل مرة أخرى" لكنه "ليس مندهشا للغاية".
- جريمة مناخية منظمة.. منطقة الأمازون إلى «نقطة اللاعودة»
- تغير المناخ يفتك بسكان آلاسكا الأصليين.. دمار قرية تعود للعصور الوسطى "صور"
3 عوامل للانخفاض
توجد ثلاثة عوامل تفسر الانخفاض الكبير في الأنهار الجليدية خلال عام 2024.
بداية، حرارة الصيف، مع متوسط درجات حرارة مرتفع جدا في شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب. وفي أعلى محطات الأرصاد الجوية السويسرية، كانت القيم لشهر أغسطس/آب أعلى من تلك المسجلة في عامي 2003 و2022، اللذان سجلا معدلات حرارة مرتفعة بشكل خاص.
عانت أيضا الأنهار الجليدية من قلة تساقط الثلوج في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/آب. هذا بالإضافة إلى تلوّن سطح الغطاء الثلجي بفعل غبار الصحراء الكبرى في فصلي الشتاء والربيع، ما أدى بتسريع ذوبان الجليد، ليصبح أغسطس/آب هو الشهر الذي شهد أكبر خسارة للجليد منذ بدء القياسات.
تؤدي الترسبات الداكنة على الجليد إلى تقليل تأثير البياض، حيث كلما كان السطح أفتح اللون، زاد عكس الضوء وبالتالي الحرارة.
لم تتمكن شبكة غلاموس حتى الآن من تحديد تأثير غبار الصحراء بدقة، لكن الدراسة ترى أنه "من المعقول" أن يؤدي إلى زيادة معدلات الذوبان بنسبة 10% إلى 20% مقارنة بالظروف الطبيعية.
نتائج مثيرة للقلق
تعتبر نتيجة معدلات الذوبان الهائل مثيرة للقلق، إذ "لم تعد الأنهار الجليدية قادرة على توفير كميات كبيرة من المياه الذائبة إلى المناطق الواقعة أسفل مجرى النهر"، وفق "غلاموس".
تسلط الدراسة الضوء على أن الأمتار الستة من الثلوج التي رُصدت عند نهر كلاريدنفيرن الجليدي في منتصف مايو/ أيار قد اختفت تماما بحلول سبتمبر/ أيلول.
يوضح هذا الوضع "الحاجة الملحة إلى التحرك الآن" لمواجهة الاحترار المناخي، على ما يؤكد هاس، في حين أن ذوبان الأنهار الجليدية سيطرح مشكلات كبيرة لإدارة الموارد المائية.
اضطرت سويسرا وإيطاليا مؤخرا إلى إعادة رسم حدودهما عند سفح جبل ماترهورن، بسبب تعديل خط فصل المياه بعد ذوبان نهر جليدي.
وتجري حاليا تغطية العديد من الأنهار الجليدية جزئيا بقماش مشمع لجزء من العام لحمايتها من الحرارة.
لكن هذا يقلل فقط من الذوبان بنحو 50%، وفق هاس الذي يشير إلى أن ذلك "لا يتم لإنقاذ نهر جليدي"، ولكن للحفاظ على النشاط الاقتصادي في موقع محدد، كحلبة تزلج على سبيل المثال.
aXA6IDQ0LjIwMC4xMjIuMjE0IA== جزيرة ام اند امز