هيمنة عالمية.. خُمس صادرات القمح تخرج من روسيا
وسط التوترات الجيوسياسية والتحديات العالمية، تمكنت روسيا من إحكام قبضتها على إمدادات القمح العالمية، لتبقى ركيزة رئيسة بسلاسل الغذاء.
وبحسب وكالة بلومبرغ للأنباء، ستكون روسيا مصدراً لشحنة واحدة كل 5 شحنات من صادرات القمح في الموسم الذي سيبدأ في 1 يوليو/تموز 2023، في ظل بدء حصاد المحصول الوفير من الأراضي الخصبة، مثل منطقة شمال القوقاز، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.
على النقيض، ستنخفض حصة أوكرانيا عن مستوياتها قبل الحرب بمقدار النصف لتقارب 5%، حيث تكبد الإنتاج أضراراً طويلة الأجل بسبب حقول الألغام وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد.
بزوغ قوى روسية محلية بسوق القمح العالمية
تشكل قوة روسيا المتزايدة في السوق جزءاً من مجهود أوسع؛ فقد انسحبت منها شركات التجارة العالمية، مثل شركة "كارغيل" (Cargill)، لكن سرعان ما أدت تلك التغيرات إلى إعطاء القوى المحلية مزيداً من السيطرة، ما قد يسهل على الشركات المحلية شحن الحبوب المزروعة، وييسر على موسكو التأثير على الأسعار.
من جانبه، قال سكوت رينولدز، أستاذ التاريخ بجامعة جورجيا: "أهمية الحبوب لا تكمن في توفير الغذاء للروس فحسب، لكنها سلعة التصدير الأساسية التي تعزز قوة روسيا الناعمة. فأن تكون أكبر مُصدر للقمح في العالم هو إنجاز تفهمه موسكو جيداً".
وقد صدّرت روسيا حبوباً بقيمة 10 مليارات دولار في العام السابق على الحرب، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وفيما تبدو قيمة تلك الصادرات قليلةً مقارنة بالإيرادات الهائلة من الطاقة، إلا أن أهميتها تتجاوز الدخل.
- خلال الموسم الحالي.. العراق يحقق الاكتفاء الذاتي من القمح
- بداية موسم حصاد الحبوب في أوكرانيا.. الغلة الإنتاجية تتراجع
دراسة الانسحاب من ممر حبوب البحر الأسود
تسلك استراتيجية روسيا للقمح مساراً معروفاً، عبر كسب حصص في الأسواق، ثم استخدام ذلك في دعم نفوذها. واتفاق الممر الآمن لتصدير الحبوب الذي طرحته أوكرانيا، والتي وافقت عليه روسيا بعد ضغط دولي هائل بعد الحرب، يتعرض الآن للخطر.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من يونيو/حزيران 2023، إنه يدرس الانسحاب من الاتفاقية التي تسمح لأوكرانيا بشحن صادرات الحبوب من موانئ البحر الأسود، مضيفاً أن روسيا "خُدعت مرة أخرى".
وأضاف: "نفكر الآن في كيفية الانسحاب من اتفاقية تصدير الحبوب تلك. صدّقت روسيا على الاتفاق لدعم الدول النامية- أصدقائنا، ولرفع العقوبات عن قطاعنا الزراعي". لا توجد عقوبات مباشرة على محاصيل روسيا الزراعية، لكن العقوبات على البنوك أفضت إلى مشكلات في التمويل واللوجستيات لشركات تصدير الحبوب.
حصاد ضخم.. وصادرات قياسية بالأفق
ومع بدء حصاد محصول ضخم من القمح، ينتظر أن تصدر روسيا كميات قياسية للعام الثاني على التوالي. كما أدى محصولها الوفير ومخزوناتها الهائلة إلى تدهور أسعار القمح، لا سيما أن الدولة تتقاضى سعراً أقل على محصولها مقارنة مع الدول الكبيرة الأخرى المنتجة. غير أن موسكو تناور للحد من تلك التخفيضات السعرية واكتساب مزيد من السيطرة على قطاعها الزراعي.
حكام أكبر المناطق إنتاجاً للحبوب في روسيا، إلى جانب شخصيات من أصحاب النفوذ في قطاعي التمويل والأسمدة، حثوا الكرملين في العام الماضي على فرض قيود على دور الشركات الأجنبية في صادرات الحبوب.
بينما زادت جرأة روسيا في استعراض قوتها، وتحاول فرض حد أدنى لأسعار الصادرات. فسعت موسكو في الشهر الجاري لإقرار حد أدنى قيمته 240 دولاراً للطن، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم تحديد هوياتهم نظراً لسرية المحادثات.
ويهدف الحد الأدنى لمساعدة المزارعين، الذين عانوا في صيانة الجرارات والحصول على العمالة في ظل انتشار القوات على نطاق واسع بسبب الحرب. لكن القمح سلعة متقلبة السعر ولها العديد من الموردين، وتعيّن على روسيا خفض الحد الأدنى غير الرسمي للسعر عن 275 دولاراً للطن في مارس، بعد انخفاض الأسعار في أوروبا.