الاقتصاد العالمي 2022.. التعافي يترنح على جسر الركود
في جميع أنحاء العالم، تومض الأسواق بوادر تحذيرية من أن الاقتصاد يتأرجح على حافة ركود قد يكون معتدلا، لكن تبعاته ستكون صعبة.
وعلى مدار الربع الثالث 2022، وأول شهرين من الربع الأخير من العام الجاري، تسارع نبض الأضواء الحمراء مع تصارع الأسواق مع الواقع، إذ أذكى الفيدرالي الأمريكي المخاوف من ركود يبدأ من الولايات المتحدة وينتقل شرقا.
والشهر الجاري، تعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة حملته الأكثر عدوانية لتشديد السياسة النقدية منذ عقود لانتزاع التضخم من الاقتصاد الأمريكي، في وقت بدأت تبعات هذا التشديد تطال غالبية دول العالم.
هناك الآن فرصة بنسبة 98% لحدوث ركود عالمي، وفقًا لشركة الأبحاث Ned Davis، الأمر الذي يجلب بعض المصداقية التاريخية الواقعية؛ وهي ذات قراءة الشركة التي أشارت لاحتمالية ركود قبيل الأزمة المالية العالمية.
ويبدو أن هناك مجموعة من الاتجاهات التي تشير إلى وقوع ركود يبدأ من الولايات المتحدة خلال العام المقبل، وينتقل بعدها إلى دول العالم، بسبب زيادات أسعار الفائدة ومخاوف الأسواق التي انتابتها في 2022.
الدولار الأمريكي الجبار
يلعب الدولار الأمريكي دورا كبيرا في الاقتصاد العالمي والتمويل الدولي؛ وهو الآن أقوى مما كان عليه منذ عقدين. فعندما يرفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة، فإنه يجعل الدولار أكثر جاذبية للمستثمرين في جميع أنحاء العالم.
في أي مناخ اقتصادي، يُنظر إلى الدولار على أنه مكان آمن لركن أموالك؛ أي يكون لدى المستثمرين حافز أكبر لشراء الدولارات، عادة في شكل سندات حكومية أمريكية.
لكن في حين أن الدولار القوي هو ميزة جيدة للأمريكيين الذين يسافرون إلى الخارج، إلا أنه يسبب صداعا لأي شخص آخر خارج السوق الأمريكية.
تراجعت قيمة الجنيه البريطاني واليورو واليوان الصيني والين الياباني بسبب قوة الدولار إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة على القروض السيادية والفردية، كما أنه يجعل استيراد المواد الأساسية مثل الغذاء والوقود أكثر تكلفة بالنسبة لتلك الدول.
رداً على ذلك، ينتهي الأمر بالبنوك المركزية التي تكافح بالفعل التضخم الناجم عن الوباء إلى رفع معدلات أعلى وأسرع على أسعار الفائدة لدعم قيمة عملاتها.
وتخلق قوة الدولار أيضًا تأثيرات مزعزعة للاستقرار في وول ستريت، حيث تقوم العديد من شركات S&P 500 بأعمال تجارية في جميع أنحاء العالم؛ فإن كل ارتفاع بنسبة 1% في مؤشر الدولار له تأثير سلبي بنسبة 0.5% على أرباح S&P 500.
توقف المحرك الاقتصادي لأمريكا
التسوق هو المحرك الأول لأكبر اقتصاد في العالم؛ والمتسوقون في أمريكا مرهقون في الوقت الحالي بسبب التضخم المرتفع الذي يتجاوز 7%.
الشركات الأمريكية تشد الأحزمة
في منتصف سبتمبر / أيلول الماضي، صدمت إحدى الشركات التي تعمل ثرواتها كنوع من الريادة الاقتصادية المستثمرين.
إذ قامت شركة FedEx، التي تعمل في أكثر من 200 دولة، بمراجعة توقعاتها بشكل غير متوقع، محذرة من تراجع الطلب، ومن المرجح أن تنخفض الأرباح بأكثر من 40%.
في مقابلة له مع واشنطن بوست، سُئل الرئيس التنفيذي للشركة عما إذا كان يعتقد أن التباطؤ كان علامة على ركود عالمي يلوح في الأفق.. أجاب: "أعتقد ذلك.. هذه الأرقام لا تنذر بشء جيد"
فيديكس ليست وحدها، انخفض سهم شركة آبل بعد أن أفادت بلومبرج بأن الشركة ألغت خططا لزيادة إنتاج iPhone 14 بعد أن جاء الطلب أقل من التوقعات.
الأسهم الأمريكية في مسار سيء
تعرضت وول ستريت لضربة قوية خلال العام الجاري، وعلى الرغم من أن الأسهم تسير الآن على المسار الصحيح لأسوأ عام لها منذ عام 2008، إلا أنها ستنهي العام على تراجع كبير مقارنة مع 2021.
خلاصة القول، هو أن هناك عدد قليل من الأماكن الآمنة للمستثمرين لوضع أموالهم في الوقت الحالي، ومن غير المرجح أن يتغير ذلك حتى يصبح التضخم العالمي تحت السيطرة وتخفف البنوك المركزية قبضتها.
الحرب الروسية الأوكرانية
لا يوجد مكان يظهر فيه تصادم الكوارث الاقتصادية والمالية والسياسية بشكل مؤلم أكثر مما هو عليه في المملكة المتحدة.
مثل بقية العالم، عانت المملكة المتحدة من ارتفاع الأسعار الذي يُعزى إلى حد كبير إلى الصدمة الهائلة لـ Covid-19، التي أعقبتها الاضطرابات التجارية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
البريطانيون، الذين يعانون بالفعل من أزمة تكلفة المعيشة، مع تضخم مرتفع وتسع زيادات على أسعار الفائدة منذ ديسمبر/كانون أول 2021، يخشون الآن من ارتفاع تكاليف الاقتراض التي قد تجبر الملايين من مدفوعات الرهن العقاري الشهرية لملايين المنازل على الارتفاع.
الخلاصة.. مستقبل غامض
على الرغم من الإجماع على احتمال حدوث ركود عالمي في وقت ما في عام 2023، إلا أنه من المستحيل التنبؤ بمدى شدته أو المدة التي سيستغرقها.. ليس كل ركود مؤلم مثل الركود العظيم في 2007-2009، لكن كل ركود مؤلم بالطبع.
بعض الاقتصادات، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وربما الاتحاد الأوروبي، لن تكون قادرة بنفس القوة على تحمل الضربة.
aXA6IDMuMTQ1LjU5LjI0NCA= جزيرة ام اند امز