الأسهم العالمية في 2023.. أرباح مكثفة بفضل «فزاعة الركود»
ظل الركود يحوم فوق أسواق الأسهم طوال العام، لكن المستثمرين لم يلحظوه في أي مكان تقريبًا وتم تجنبه في عام 2023، وهو ما استفادت منه مؤشرات السوق إلى حد كبير.
ويقول كولن غراهام مسؤول استراتيجية الأصول المتعددة في شركة روبيكو "إذا عدنا إلى توقعاتنا في العام الماضي، فقد كنا نعتقد أن عام 2023 سوف يدور حول الركود في الولايات المتحدة. لكننا كنا مخطئين".
في الربع الثالث بلغ نمو الاقتصاد الأمريكي، وهو الأكبر في العالم، أكثر من 5% بمعدل سنوي. وفي أوروبا، لم يكن الوضع واعدًا، ولكن خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2023، بلغ النمو في دول الاتحاد الأوروبي 0,2%، وفي منطقة اليورو 0,1%.
وترجع قوة الاقتصاد الأمريكي بشكل أساسي إلى قوة المستهلكين الذين تجاهلوا حتى الآن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة على حد سواء، كما يقول فنسنت جوفينز من بنك "جيه بي مورغان".
نتيجة لذلك وبعد عام صعب في 2022، انتعشت أسواق الأسهم وسجل مؤشر "ام أس سي آي للعالم" (MSCI World) مكاسب بنسبة 21% على مدار العام، مقارنة بخسائر تقارب 20% في العام الماضي.
وفي أوروبا، سجلت فرانكفورت وباريس ارتفاعًا مطلقًا جديدًا، في حين سجلت ميلانو أعلى مستوياتها منذ عام 2008 ومدريد منذ عام 2018.
وفي آسيا، وصلت طوكيو إلى أعلى مستوياتها منذ 30 عامًا، بينما في الولايات المتحدة، عادت المؤشرات الرئيسية الثلاثة لتقترب من ذروتها في عام 2021.
السبع العملاقة
لكن ضمن مؤشرات سوق الأوراق المالية، لا شك أن الشركات الأفضل أداء في عام 2023 هي تلك المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
وشهدت شركة نفيديا الأمريكية، الرائدة في سوق أشباه الموصلات المستخدمة لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، نمو قيمتها أكثر من ثلاثة أضعاف في سوق الأسهم لتصل إلى 1,180 تريليون دولار، وهي سادس أكبر شركة في العالم.
وتشكل نفيديا مع عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، غوغل وأمازون وفيسبوك وأبل ومايكروسوفت، بالإضافة إلى تسلا، ما يُطلق عليها اسم "العظماء السبعة" ذات رؤوس الأموال الضخمة والمسؤولة إلى حد كبير عن الارتفاع في أسواق الأسهم في عام 2023.
وحدها أسواق الأسهم في الصين عانت - فقد خسر مؤشر "ام اس سي آي الصين" (MSCI China) أكثر من 10% للعام الثالث على التوالي - وهجرها المستثمرون بسبب تدني انتعاشها عن المتوقع وهشاشة سوق العقارات وتخلف السلطات عن طرح خطة انتعاش ضخمة.
ولكن على المستوى العالمي، لم يلق معدل النمو فضلاً عن أرقام البطالة التي ما زالت متدنية، ترحيباً في السوق لأن ذلك يعني ضمناً أيضاً المزيد من الصعوبات التي تواجهها البنوك المركزية في معركتها ضد التضخم.
ومن خلال قراراتها بشأن أسعار الفائدة الرئيسية أو تدخلاتها في الأسواق عبر إعادة شراء الأصول أو بيعها، تؤثر المصارف المركزية على الأسواق ثم يجري تتبع وترقب قراراتها ومناقشاتها باستمرار. حتى إن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اضطر إلى التدخل في مارس/آذار 2023 لطمأنة الأسواق ومنع إفلاس ثلاثة بنوك إقليمية في الولايات المتحدة، مخافة أن يؤدي ذلك إلى حالة من الذعر في جميع أنحاء النظام المالي العالمي.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة زيادات الأسعار على مدار العام، إلا أن محافظي البنوك المركزية رفضوا تخفيف سياستهم النقدية، بل قاموا بتشديدها أكثر في سبتمبر/أيلول، مما أدى إلى تراجع احتمال خفض أسعار الفائدة الذي كان يأمله المستثمرون.
تبلورت فكرة خفض أسعار الفائدة في الأشهر الأولى من عام 2024 أخيرًا في نوفمبر/تشرين الثاني، مما سمح لمؤشرات الأسهم العالمية بتجربة أفضل شهر لها منذ ثلاث سنوات، وبانخفاض حاد في أسعار الاقتراض في الأسواق.
يوضح كريستوفر ديمبيك، مستشار استراتيجية الاستثمار في مجموعة "بيكتيت ايه ام Pictet AM" أن "توقع السوق أن تخفض المصارف المركزية أسعار الفائدة من دون المرور بمرحلة من الركود الاقتصادي كان له تأثير مباشر" على الأسواق.
واستفادت من هذه الحركة أيضا الشركات الصغيرة التي تغاضى عنها المستثمرون حتى الآن، مما أدى إلى اتساع فجوة التقييم بينها وبين الشركات متعددة الجنسيات خلال العام.
aXA6IDE4LjE5MS4xMjkuMjQxIA== جزيرة ام اند امز