علماء يحوّلون زيت الطهي المستعمل إلى بلاستيك فائق القوة وصديق للبيئة
خطوة بحثية واعدة أعلنتها فرق علمية حديثا تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الدائري وتقليل النفايات، حيث نجح العلماء في تحويل زيت الطهي المستعمل إلى أنواع جديدة من البلاستيك القابل لإعادة التدوير، تتميز بقوة استثنائية تمكن بعضها من سحب سيارة كاملة.
وبحسب موقع لايف ساينس، فقد نشرت مجلة Journal of the American Chemical Society دراسة أوضحت أن تحويل المواد غير الصالحة للاستهلاك إلى بوليمرات عالية القيمة يمثل اتجاهًا قادرًا على تغيير قواعد صناعة البلاستيك. وكتب الباحثون في الدراسة: "تدفقات النفايات توفر بديلاً واعدًا للمواد الأولية التقليدية المشتقة من الكتلة الحيوية لصناعة البلاستيك".
وتشير البيانات العالمية إلى أن العالم ينتج نحو 3.7 مليار غالون من زيت الطهي المستعمل سنويًا، يُعاد توجيه جزء منه إلى صناعات مثل زيوت التزييت ومواد الطلاء غير اللاصقة والوقود الحيوي، إلا أن كميات ضخمة منه لا تزال تُهدر. وتقدم الدراسة الجديدة مسارًا مختلفًا، إذ تمكن الباحثون من تحويل هذه الزيوت إلى مواد بلاستيكية قوية وذات قدرة عالية على الالتصاق.
تعتمد الفكرة على التركيب الكيميائي للزيوت، المكونة من سلاسل طويلة من الأحماض الدهنية المرتبطة بجزيء الجلسرين. وقد كسر العلماء هذه السلاسل ثم تحويل نواتجها إلى جزيئات أبسط عبر سلسلة من التفاعلات الكيميائية. في المرحلة النهائية، تم دمج جزيئات الكحول والإستر الناتجة لتصنيع مجموعة متنوعة من بوليسترات البلاستيك، التي تشبه من حيث الخواص الفيزيائية البلاستيك منخفض الكثافة (LDPE) المستخدم في الأكياس ومواد التغليف.
لكن ما يميز البوليمرات الجديدة هو شدة الالتصاق، بفضل احتوائها على ذرات أكسجين قادرة على تكوين روابط قوية مع معظم الأسطح. ولقياس قوة الالتصاق، أجرى الباحثون اختبارًا باستخدام لوحين من الفولاذ المقاوم للصدأ.
المدهش أن اللوحين بقيا ملتصقين بإحكام حتى بعد تعليق ما يصل إلى 123 كيلوغرامًا، كما أثبتت التجربة قدرة اللاصق على سحب سيارة سيدان رباعية الأبواب على منحدر طفيف دون انفصال اللوحين، ما يجعل هذه المواد مساوية أو تتفوق على أقوى المواد اللاصقة التجارية المتاحة.
ويرى الباحثون أن هذه الخواص تجعل البوليمرات الجديدة مناسبة للعديد من الصناعات، مثل المواد اللاصقة في التغليف، ومكونات السيارات، وبعض الأدوات الطبية والإلكترونية.
كما أكدوا أن البلاستيك الناتج يمكن إعادة تدويره بسهولة إلى مكوناته الأساسية ثم إعادة تصنيعه، دون تأثير يُذكر على خواصه بعد عدة دورات من التدوير. الأهم أن بعض هذه البوليمرات يمكن إعادة تدويرها مع أنواع شائعة من البلاستيك مثل البولي إيثيلين مرتفع الكثافة والبولي بروبيلين.
وتشير نتائج الدراسة إلى إمكانية الاعتماد على مخلفات الزيوت غير الصالحة للاستهلاك كمصدر متجدد لصناعة مواد بلاستيكية صديقة للبيئة، ما يمهد الطريق لتقليل الاعتماد على البلاستيك المشتق من النفط وتحقيق تقدم ملموس نحو اقتصاد دائري مستدام.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNCA=
جزيرة ام اند امز