الإخواني خالد المشري.. عراب الفوضى بليبيا بين مزدوجي مصر وتونس
لم يكن مستغربا أن يفزع القيادي الإخواني الليبي خالد المشري محتجا على قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد.
فسعيد الذي استجاب لآمال التونسيين في الخلاص من قبضة التنظيم الإخواني بتجميد سلطات البرلمان وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي يغلق القوس على أوهام الجماعة الإرهاية بعد أن وضع المصريون قبل 6 سنوات حدا لأطماعهم.
سقوط تأخر قليلا لإخوان تونس لكنه يفتح باب الأمل في ليبيا لنهاية عقد من الفوضى برعاية الجماعة.
وفي حين يرتدي المشري وهو -رئيس ما يعرف بالمجلس الأعلى للدولة- ثوبا ليس له ويظهر في دور الناصح ورجل الديمقراطية في المنطقة، ويصف قرارات سعيد الأخيرة بالانقلاب، يدرك الليبيون جيدا حقيقة أنه المعرقل الأول لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
تبديلات في ثوب التنظيم
والقيادي الإخواني معروف في الأوساط الليبية بكونه عراب الانقلابات، حيث سبق ودعم انقلاب فجر ليبيا على البرلمان المنتخب 2014، رغم أنه كان أحد مؤيدي الانتخابات إلا أنه وجد ما يصوغ له البقاء في المشهد السياسي ليصل فيما بعد إلى رئاسة ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري.
- الغنوشي VS المشري.. دبلوماسية تفضح الإخوان وتحرج تونس
- خالد المشري يعلن رفضه قرارات قيس سعيد ويصفها بـ"الانقلاب"
كما عرف الليبيون المشري لأول مرة كمرشح عن تنظيم الإخوان في انتخابات المؤتمر العام -البرلمان حينها- عام 2012 بمدينة الزاوية، ليظهر فيما بعد، ويعلن أواخر يناير/كانون الثاني 2019 استقالته من التنظيم وهو على قمة هرم السلطة التشريعية لديهم؛ مجلس الدولة الاستشاري.
غادر المشري أمام الليبيين خيمة الإخوان التي توشك أن تنهار مع الاضطرابات الشعبية المستمرة والمظاهرات اليومية ضد التنظيم، واقتراب من مؤتمر جدامس الذي كان يعد لإعلان سلطة جديدة فرغب المشري أن يشارك فيها بعيدا عن اسم التنظيم الذي أصبح ملوثا.
ومع دخول البلاد في معارك جديدة عاد المشري لما كان عليه من انتمائه الفعلي لتنظيم الإخوان الذي يسيطر على السلطة في طرابلس وقتها، وأخذ يدافع عن مواقفها خاصة مع استعانتها بأنقرة واستجلاب الاحتلال للقواعد العسكرية غرب البلاد والإشراف على تدفق المرتزقة.
وحاول المشري مرارا تبرير الوجود التركي وإيجاد مسمى شرعي له، واستثناء مرتزقة وقوات أنقرة من أي عملية إخراج للقوات الأجنبية من ليبيا، بالمخالفة للقرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن واتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف 23 أكتوبر 2020.
عرقلة مسار التسوية
ومع انطلاق مفواضات جنيف لتسمية السلطة التنفيذية الجديدة -المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية- تقدم المشري بترشيح نفسه كرئيس للمجلس الرئاسي، وتعهد أمام البعثة الأممية والليبيين والمجتمع الدولي بتنفيذ خارطة الطريق التي تنبسق عن المؤتمر أيا كانت.
وخرجت المفاوضات بالسلطة الجديدة وبمخرجات أهمها تغيير شاغلي المناصب السيادية في الدولة الليبية كما شارك وفد مجلس الدولة في مشاورات بوزنيقة لاختيار معايير اختيار هذه المناصب لضمان شفافية ونزاهة وسلامة الانتقال السلمي إلى استحقاق 24 ديسمبر بانتخابات رئاسية وبرلمانية مباشرة مع الشعب.
إلا أن المشري يعرقل هذه الخطوة إلى الآن ويصر على رفض تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي المتهم بالفساد والولاء لأنقرة، كما يصر على تغيير رئيس المفوضية العليا للانتخابات ما قد يعرقل الوصول للاستحقاق الانتخابي.
كما انقلب المشري على خارطة الطريق للمرة الثانية من خلال رفضه وجود قاعدة دستورية للانتخابات متمسكا بالاستفتاء على الدستور مع علمه باستحالة ذلك لوجيستيا قبل موعد الاقتراع ما ينسف عمليا خارطة الطريق ويؤجل الاستحقاق عن موعده المحدد سلفا.
وبعد أن أدرك المشري استحالة فوزه بالانتخابات الرئاسية أو أي من مرشحي التنظيم كان أول من يلوح بالانقلاب على الانتقال السلمي الوليد في ليبيا، وأعلن أنه لن يقبل بنتائج "انتخابات ديسمبر" حال جاءت بالمشير خليفة حفتر رئيسا للبلاد أو سيف الإسلام القذافي ولوح بحمل المليشيات للسلاح ضد هذه النتيجة، وطالب بأن يكون اختيار الرئيس عن طريق الاختيار غير المباشر من خلال أعضاء مجلس النواب الجديد.
توالي الفضائح
وفي الآونة الأخيرة تهاوت أسهم المشري في أسواق السياسة الليبية إثر ما يتكشف من فضائح، لعل أشهرها حين ابتزّ صحفيا روسيا مقابل الإفراج عن عالمين كانا مختطفين في ليبيا.
وكشفت مكالمة هاتفية مسربة بين المشري، والصحفي الروسي ألكسندر مالكيفيتش حول روسيين اثنين محتجزين في سجون حكومة فايز السراج بطرابلس حينها -مايو/أيار 2020، قيام المشري بابتزاز الصحفي بترتيب مقابلة لفايز السراج مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والاعتراف بحكومته مقابل الإفراج عن عالمي الاجتماع الروسيين.
وفي مايو/أيار 2019 ألقت مليشيا "الردع" الإرهابية بقيادة عبدالرؤوف كاره القبض على ماكسيم شوغالي وسامر سويفان، عالمي الاجتماع الروسيين بتهمة التجسس.
وكان شوغالي وسويفان يقومان حينها باستطلاع للرأي العام في طرابلس، قبيل القمة الروسية الأفريقية، وبعلم وموافقة فايز السراج نفسه، إلا أن الأخير وجدها فرصة لابتزاز الموقف السياسي الروسي وتوجيهه ناحية الاعتراف بحكومته غير الشرعية، ومليشياتها وتنظيماتها الإرهابية.
ويعرف عن المشري أنه من أكبر عملاء قطر وتركيا وأحد مشرعني الغزو التركي للبلاد، من خلال علاقاته الوطيدة بالمليشيات والمخابرات القطرية والتركية على السواء، كما أنه مقرب من مليشيات الزاوية التابعة لتنظيم القاعدة التي يتزعمها الإرهابي شعبان هدية، المكنى بـ"أبوعبيدة الزاوي".
aXA6IDE4LjIyMS4yMzguMjA0IA==
جزيرة ام اند امز