السودان يرفع «الإنذار الأحمر».. فيضانات النيل تعيد الجدل حول مخاطر سد النهضة

يشهد السودان هذه الأيام لحظات حرجة مع ارتفاع غير مسبوق في مناسيب نهر النيل، ما دفع وزارة الري والموارد المائية لإطلاق "الإنذار الأحمر" على امتداد الشريط النيلي، وسط مخاوف من فيضانات قد تجرف القرى والمزارع.
في مدن الخرطوم وما حولها، تتكرر مشاهد الأعوام الماضية، حيث يسارع السكان إلى نقل مواشيهم ومحاصيلهم إلى أماكن مرتفعة، في محاولة استباقية للنجاة من المياه الزاحفة.
ومع كل ساعة تمر، يزداد القلق من ضغط هائل على السدود والطرق والمناطق السكنية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الإيراد اليومي للنيل الأزرق تجاوز 730 مليون متر مكعب، مقابل تصريف مرتفع من سدود الروصيرص وسنار ومروي، بزيادات تصل إلى 300 مليون متر مكعب عن المعدلات الطبيعية، وهو ما يرفع مناسيب النيل إلى مستويات تنذر بفيضانات مدمرة.
وزاد الوضع خطورة مع تصريحات وزير الري السوداني الأسبق، عثمان التوم، الذي أكد أن إثيوبيا رفعت منسوب بحيرة سد النهضة فوق الحد المعتاد لأغراض "احتفالية"، ما ضاعف تدفق المياه نحو السودان في وقت حرج يتزامن مع نهاية موسم الفيضان.
التوم حذر في تصريحات تلفزيونية من أن استمرار هذا التصريف سيضاعف المخاطر على السودان، داعياً إلى تنسيق عاجل مع أديس أبابا لضبط مستويات المياه وإعادتها إلى الحدود الطبيعية.
وأوضح أن التنسيق بين البلدين قد يخفف الضغط على السدود السودانية خلال أيام قليلة.
وأكدت الإدارة العامة لمياه النيل في السودان بدورها استمرار ارتفاع المناسيب في المحطات الرئيسية، من الخرطوم إلى شندي وعطبرة وبربر، وصولاً إلى جبل أولياء، مشيرة إلى أن ولايات نهر النيل والخرطوم وسنار والنيل الأبيض ستكون الأكثر تأثراً.
هذه التحذيرات أعادت إلى الأذهان كوارث سابقة، حين اجتاحت الفيضانات مناطق واسعة من السودان، مخلفة خسائر بشرية ومادية جسيمة.
ويرى مراقبون أن تكرار السيناريو وارد بقوة، في ظل غياب خطط وقائية فعّالة قادرة على الحد من الكارثة.
مصر تجدد تحذيراتها من مخاطر سد النهضة
من جانبه، اعتبر وزير الري المصري هاني سويلم أن ما يحدث في السودان دليل على المخاطر التي يشكلها "سد النهضة"، مؤكداً أن مصر لن تسمح بأي أعمال أحادية تهدد حقوقها المائية.
وأضاف أن بلاده تمتلك "سيناريوهات جاهزة" للتعامل مع الأزمة.
وشدد سويلم على أن السد غير قانوني ولن يكتسب شرعية إلا عبر اتفاق ملزم يحمي مصالح دولتي المصب.
وأوضحأن مصر تملك القوة والحق وفق القوانين الدولية لاتخاذ إجراءات إذا لزم الأمر.
ويرى خبراء مصريون أن فيضانات السودان مرتبطة مباشرة بتصريف كميات ضخمة من المياه من سد النهضة، في ظل تعثر تشغيل التوربينات، وهو ما أجبر إثيوبيا على فتح بوابات السد بشكل واسع.
وأشار أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، عباس شراقي، في تدوينة عبر حسابه على "فيس بوك" إلى أن التصريف الحالي وصل إلى أكثر من 700 مليون متر مكعب يومياً، أي ضعف المعدل الطبيعي، معتبراً أن "العناد الإثيوبي" فاقم الأزمة.
وفي الوقت ذاته، شدد خبراء على أن السد العالي في مصر يلعب دوراً حاسماً في حماية البلاد من آثار هذه التصريفات، إذ يستوعب كميات الفيضان بكفاءة عالية دون أن تتأثر مصر بشكل مباشر.
لكن المخاوف تبقى كبيرة في السودان، حيث ما زالت الأمطار مستمرة على الهضبة الإثيوبية، ما ينذر بارتفاعات إضافية في المناسيب.
ويحذر مختصون من أن جسم السد قد لا يتحمل سعة التخزين القصوى البالغة 74 مليار متر مكعب.
إلى جانب ذلك، أثارت صور وفيديوهات متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الذعر، حيث أظهرت مشاهد لقرى غمرتها المياه ومنازل مدمرة، رغم أن بعضها يعود إلى مواسم فيضانات سابقة.