من العظمة إلى «الخيبة».. ماسك يودع إدارة ترامب

دخل السياسة الأمريكية من الباب العريض مستشارا مقربا من دونالد ترامب، وكان لا يفارقه البتة خصوصا عند إعلان قرارات التخفيضات الفيدرالية.
لكن بعد أربعة أشهر، أكّد قطب التكنولوجيا، إيلون ماسك، أنه سيترك منصبه بعدما انتقد الرئيس الأمريكي للمرة الأولى منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وأشاد ترامب بماسك ووصفه بأنه "رائع"، معلنا أنهما سيعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا الجمعة مع مغادرة ماسك المولود في جنوب أفريقيا "هيئة الكفاءة الحكومية" (دوج).
وقال ترامب على شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال" الخميس: "سيكون هذا يومه الأخير، لكن ليس فعليا، لأنه سيكون معنا دائما، ويساعدنا على طول الطريق".
"خيبات الأمل"
لكن هذه الكلمات الدافئة لا تخفي "خيبات الأمل" التي تحدث عنها أغنى رجل في العالم بالأسابيع الأخيرة، بشأن دوره في خفض التكاليف الفيدرالية والعقبات التي واجهها في سبيل ذلك.
وأظهر ماسك الذي دائما ما كان موجودا إلى جانب الرئيس الجمهوري معتمرا قبعة عليها شعار ترامب الشهير "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، إحباطا متزايدا من العقبات التي تواجهها "دوج".
ولم يتمكن ماسك من تحقيق هدفه المتمثل في توفير تريليونَي دولار، فيما قدّرت مجلة "ذي أتلانتيك" أنه وفر فقط جزءا زهيدا من هذا المبلغ، رغم فقدان عشرات آلاف الأشخاص وظائفهم.
والآن، سيركز على أعماله في شركتي تسلا وسبايس إكس، بالإضافة إلى هدفه المتمثل في استعمار المريخ.
"الرئيس المشارك"
لكن العلاقة بين الرجلين كانت مختلفة تماما في البداية، حيث كان ماسك أكبر مانح لحملة ترامب الانتخابية لعام 2024، وكانا يتشاركان الكثير، مثل السياسات والرغبة في استئصال ما قالا إنها "دولة عميقة" مبذّرة.
وسُمّيَت هيئة "دوج" على سبيل المزاح تيمنا بعملة "ميمكوين"، لكنها في الواقع لم تكن مزحة، حيث أغلق خبراء تكنولوجيا شباب ناموا في مجمع البيت الأبيض، إدارات حكومية برمّتها، كما قطعت الهيئة جزءا كبيرا من المساعدات الخارجية.
وفي إحدى الفعاليات، ظهر ماسك واضعا نظارتين شمسيتين وهو يحمل منشارا كهربائيا متفاخرا بمدى سهولة توفير الأموال، كما قام في مناسبة أخرى بأداء ما بدا أنه تحية نازية.
وسرعان ما أصبح ماسك الذي أطلق عليه المنتقدون لقب "الرئيس المشارك"، موجودا إلى جانب ترامب باستمرار.
وظهر رجل الأعمال حاملا ابنه الصغير "إكس" على كتفيه خلال أول مؤتمر صحفي له في المكتب البيضاوي، وكان يحضر اجتماعات الحكومة، وركب مع ترامب الطائرة والمروحية والسيارة الرئاسية، وشاهدا المصارعة معا.
وتساءل كثر حتى متى يمكن أن تصمد هذه العلاقة الوثيقة بين ترامب وماسك.
لكن ترامب نفسه بقي مخلصا علنا للرجل الذي وصفه بـ"العبقري".
وفي إحدى المرات، حوّل الرئيس البيت الأبيض إلى ما يشبه وكالة لبيع سيارات تسلا بعدما استهدف محتجون الشركة.
"مودة"
لكن قطب التكنولوجيا واجه أيضا صعوبة في فهم حقائق السياسة الأمريكية.
وقالت إيلاين كامارك من "بروكينغز إنستيتيوشن" لوكالة فرانس برس، إن النهاية "بدأت في منتصف مارس/ آذار (الماضي) عندما كان إيلون ماسك يدخل في خلافات خلال اجتماعات في المكتب البيضاوي وفي مجلس الوزراء".
وفي إحدى المرات، سمعت مشادة كلامية مع وزير الخزانة سكوت بيسنت في أرجاء الجناح الغربي للبيت الأبيض، في حين وصف ماسك علنا مستشار ترامب التجاري بيتر نافارو بأنه "أكثر غباء من كيس من الطوب".
وكذلك، بدأ تأثير المسار السياسي لماسك على أعماله يظهر بوضوح. فقد انتهت سلسلة من عمليات إطلاق الصواريخ التابعة لشركة سبايس "إكس" بفشل ذريع، فيما أعرب مساهمو تسلا عن غضبهم العارم.
وبالتالي، بدأ ماسك يفكر في التراجع، وقال إن "دوج هي أسلوب حياة، مثل البوذية" يفترض أن تستمر بدونه.
وأخيرا، انتقد ماسك مشروع قانون طرحته إدارة ترامب معتبرا أنه سيزيد من عجز الحكومة الفيدرالية ويقوّض عمل وزارة هيئة الكفاءة الحكومية.
لكن كامارك رأت أن رحيل ماسك قد لا يكون نهاية القصة.
وأوضحت "أعتقد أن هناك مودة بينهما وأعتقد أن ماسك لديه الكثير من الأموال التي يمكن أن تساهم في الحملات الانتخابية إذا أراد ذلك. أعتقد أن العلاقة ستستمر".