أول اقتراب لـ"المذنب الأخضر" من الأرض منذ 50 ألف عام.. أحد مكتشفيه يعلن التفاصيل (حوار)
قبل نحو 11 شهرا، وتحديدا في مارس/ آذار من العام الماضي، استخدم فلكيان أمريكيان، "مرفق زويكي" العابر في جنوب كاليفورنيا، لاكتشاف "المذنب الأخضر".
ووقت اكتشاف هذا المذنب، كان يوجد داخل مدار كوكب المشتري على بُعد 400 مليون ميل (643 مليون كيلومتر) تقريبا من الشمس، لكنه مر خلال الأول من فبراير/ شباط الجاري، بالقرب من الأرض.
وكشفت الحسابات الفلكية، أن هذا هو الاقتراب الأول منذ 50000 عام، ما يعني أن آخر مرة مر بها بالقرب من الأرض، كان الإنسان العاقل لا يزال يتشارك الكوكب مع الإنسان البدائي "إنسان نياندرتال".
فهل توجد فرصة لمشاهدة هذا المذنب مجددا، لمن فاته مشاهدة الاقتراب الماضي، ولماذا سمي هذا المذنب بالأخضر، وما هي قصة اكتشافه؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها الفلكي برايس بولين، باحث ما بعد الدكتوراة في مركز جودارد لرحلات الفضاء، وأحد مكتشفي المذنب في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية".
*بداية: ما هي قصة اكتشاف هذا المذنب؟
** في مارس/آذار 2022، لاحظنا جسما باهتا "حوالي 25000 مرة أضعف من النجوم الخافتة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة"، وكان ذلك على بعد حوالي 399 مليون ميل (642 مليون كيلومتر) من الشمس، أو داخل مدار كوكب المشتري، وسرعان ما توصلنا إلى أن له ذيلا مميزا، ما يثبت أن الجسم، كان في الواقع مذنبا وليس كويكبا، لأن الكويكبات هي أجسام صخرية، بينما تتكون المذنبات من الجليد وجزيئات الغبار التي تتبخر تدريجيا مع اقتراب المذنب من الشمس، ما يخلق أثرا مرئيا، وكلا النوعين من الأجسام يدور حول الشمس.
وبحلول 12 يناير/ كانون الثاني 2023، كان المذنب قد اقترب من الأرض بحوالي 300 مليون ميل (482 مليون كيلومتر)، وأصبح مرئيا في سماء الليل بالقرب من كوكبة " الإكليل الشمالي" أثناء اقترابه من الشمس، وانتشر انفجار من الجسيمات الشمسية يُدعى القذف الكتلي الإكليلي فوق المذنب ومزق جزءا من ذيله.
*ولماذا تم تحديد الأول من فبراير على أنه الوقت الأفضل لمشاهدة المذنب؟
**بالنسبة للراصدين المحترفين، لم يكن يتعين عليهم الانتظار حتى الأول من فبراير/شباط، ففي 12 يناير/كانون الثاني الماضي، ألقوا نظرة فاحصة على المذنب، عندما اقترب من أقرب نقطة له إلى الشمس (وهي ظاهرة تسمى الحضيض الشمسي)، وفي ليل 26 و27 يناير/كانون الثاني الماضي، كان المذنّب مرئيا شرق كوكبة الدب الأصغر، وفي 30 من الشهر ذاته، كان للمذنب في قمة سطوع تبلغ +4.6، ما يعني أنه أكثر سطوعًا قليلا من أضعف الأجسام المرئية بالعين المجردة، وازداد سطوع المذنب أكثر عندما اقترب من الأرض، وبحلول الأول من فبراير/شباط الجاري، عندما اقترب المذنب من الأرض، على بُعد 28 مليون ميل (45 مليون كيلومتر)، وكان حينها بالقرب من كوكبة "الزرافة"، وبعد بضعة أيام، في 5 و6 من الشهر الجاري، مر المذنّب إلى الغرب من النجم "كابيلا"، ثم يدخل كوكبة "ذي الأعنّة".
*وهل كان بالإمكان رؤية هذا المذنب بالعين المجردة؟
**كان ذلك يتطلب منطقة ذات سماء مظلمة وصافية، فإذا كانت المنطقة التي تعيش فيها بها تلوث ضوئي مرتفع، فلا يمكن رؤيته بالعين المجردة.
*ولماذا سمي بـ"المذنب الأخضر"؟
** المذنب نفسه ليس أخضر، لكن رأسه يتوهج باللون الأخضر بفضل تفاعل كيميائي نادر إلى حد ما، ومن المحتمل أن يأتي التوهج من الكربون ثنائي الذرة (C2)، وهو جزيء بسيط مصنوع من ذرتين كربون مرتبطتين ببعضهما البعض، وعندما تكسر الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس هذا الجزيء، فإنها تصدر وهجا أخضر يمكن أن يستمر لعدة أيام.
*ولمن فاته رؤية هذا "المذنب الأخضر"، متى ستكون المناسبة التالية لاقترابه من الأرض؟
** كانت رحلة المذنب الأخيرة، هي الاقتراب الأول له من الأرض منذ 50 ألف عام، ما يعني أن آخر مرة مر بها بالقرب من الأرض، كان الإنسان العاقل لا يزال يتشارك الكوكب مع الإنسان البدائي "إنسان نياندرتال"، ولسنا متأكدين بالضبط إلى أي مدى سيسافر المذنب بعد ترك الأرض وراءه هذا الوقت، ولكن يبدو أنه في طريقه لمغادرة نظامنا الشمسي بالكامل، وبالتالي قد لا نراه مجددا، وهناك احتمال أن تؤدي جاذبية بعض الأجسام غير المعروفة الموجودة في الفضاء السحيق إلى تغيير مدار المذنب قليلا، مما يعيده إلى مسار يمر عبر نظامنا الشمسي، ولكن إذا حدث ذلك، فمن المحتمل أن تمر ملايين السنين قبل أن يقترب المذنب مرة أخرى من الأرض.
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز