الصفقة الخضراء تثير أزمة في الاتحاد الأوروبي.. من يخلف تيمرمانز؟
تواجه الصفقة الخضراء الأوروبية أزمة كبيرة بعد رحيل فرانس تيمرمانز، رئيس المناخ بالمفوضية، أدت لتوترات سياسية داخل البرلمان الأوروبي.
واستقال فرانس تيمرمانز، نائب الرئيس التنفيذي لمفوضية الاتحاد الأوروبي المسؤول عن السياسات المناخية، قبل شهر، من منصبه في المفوضية الأوروبية ليقود حزبه في الانتخابات البرلمانية المقبلة في هولندا، سعيا لأن يصبح رئيس الوزراء المقبل للبلاد،
شهدت فترة ولاية تيمرمانز العديد من الإنجازات، التي نقلت العمل البيئي والمناخي في أوروبا إلى مراحل متقدمة.
في وداعه، قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إنه جعل الصفقة الخضراء الأوروبية حقيقة واقعة، وبفضله قطعت المفوضية خطوات كبيرة نحو تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي ليصبح أول قارة محايدة للمناخ.
بمجرد رحيله، نهاية أغسطس/آب الماضي، تولي المفوض ماروس سيفتشوفيتش زمام القيادة مؤقتًا لحين اختيار البديل.
يقول مراقبون إن رحيل تيمرمانز أحدث ثغرة في واحدة من أهم الحقائب الوزارية في الاتحاد الأوروبي، مما خلق فراغا في العمل المناخي لن يكون من السهل ملؤه.
- الابتكار الزراعي الأخضر.. هكذا يصبح للغذاء سيف وللمناخ درع
- إبطاء تغير المناخ.. 3 استراتيجيات على مائدة COP28
رجل الصفقة الخضراء
أصبح تيمرمانز مسؤولاً عن الصفقة الخضراء التاريخية للاتحاد الأوروبي في عام 2019، والتي وصفتها فون دير لاين نفسها بأنها "لحظة رجل أوروبا على القمر".
منذ ذلك الحين، قاد عملية تبني سياسات تحويلية تهدف إلى ضمان وصول الكتلة المكونة من 27 عضوًا إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، ونجح في تمرير 12 قانونا مع إجراءات تنفيذية لخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050.
تمكن تيمرمانز من انتزاع التزام الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بخفض تدريجي للانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030، بعد أن نجح في احتواء اعتراضات العديد من البلدان التي دعت إلى تمديد فترة الانبعاثات.
بل ذهب أبعد من ذلك ونجح في إقرار تعزيز هدف خفض الانبعاثات إلى 55 في المائة بدلا من 50 بحلول عام 2030.
تعتبر الصفقة الخضراء الأوروبية، أبرز إنجازات تيمرمانز، وهي أول مبادرة تربط العمل المناخي بحماية البيئة والموارد الطبيعية، من خلال مراجعة جميع القوانين للتأكد من امتثالها للأهداف المناخية والبيئية، بما يضمن الانتقال الأوروبي العادل.
تشمل الصفقة الخضراء، التحول إلى الطاقة النظيفة، مع تعزيز الكفاءة وترشيد أنماط الاستهلاك، بالإضافة إلى تعميم مصادر الطاقة المتجددة وتطوير تقنيات الهيدروجين الأخضر، والتحول إلى الصناعة النظيفة واعتماد الاقتصاد الدائري في الإنتاج والاستهلاك.
وتتضمن الصفقة أيضًا التحول إلى وسائل النقل المستدامة، وليس فقط باستخدام الكهرباء والهيدروجين كوقود، ولكن أيضًا من خلال تعزيز وسائل النقل العام وتخطيط المدن وتوزيع مراكز الإسكان والعمل والترفيه بما يسمح بضبط الاتصالات وحركة المرور.
كما تشمل أهدافا كبرى في ملف الزراعة لعام 2030، مثل رفع نسبة الزراعة العضوية إلى 25 في المائة، وتقليل استخدام الأسمدة بنسبة 20 في المائة، والمبيدات الحشرية بنسبة 50 في المائة.
بجانب خطة عمل "صفر تلوث"، التي تهدف إلى تقليل التلوث في الماء والهواء والتربة إلى مستويات لم تعد تعتبر ضارة بحلول عام 2050.
تشمل الصفقة بنودا أخرى لا تقل أهمية، تستهدف الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الطبيعة كأساس للعمل المناخي، والتشجير وإحياء الأنهار وإعادة التدوير، وإحياء النظم الطبيعية المدمرة والمهددة في جميع أنحاء أوروبا.
لقد كان تيمرمانز أيضًا شخصية بارزة في المفاوضات الدولية، وكان له دور فعال في تسهيل التوصل إلى اتفاق بشأن صندوق الخسائر والأضرار خلال قمة شرم الشيخ COP27.
ثغرة بعد الرحيل
تسبب رحيل تيمرمانز في أزمة كبيرة داخل المفوضية الأوربية، سببها قدرات المرشحين لخلافته على الاستمرار في إدارة الصفقة الخضراء الأوروبية بنفس الطموح والكفاءة، وكذلك القدرة على تولي مسؤولية المفاوضات المناخية الصعبة باسم أوروبا في قمة المناخ المقلة COP27.
وصلت التوترات السياسية المحيطة بالصفقة الخضراء وخليفة تيمرمانز إلى نقطة الغليان في بروكسل، أمس الثلاثاء، حيث رفض البرلمان الأوروبي المرشحين لتقاسم حقيبتي الصفقة الخضراء والمناخ، ماروس شيفتشوفيتش ووبكي هوكسترا.
فشل المرشحان في الفوز بأغلبية الثلثين التي يحتاجانها للتأكيد في منصبيهما، وقال نواب أوروبيون إن السبب في ذلك، هو ضعف خطتهما المتعلقة بالصفقة الخضراء وعدم وضوحها.
وقال مايكل بلوس، المتحدث باسم حزب الخضر الأوروبي أمام البرلمان: "لم يقدما سوى تفاصيل قليلة عن خطتهما، وهو ما كان مفاجأة مخيبة للآمال، إن كونك مسؤول عن الصفقة الخضراء ليس عملاً جانبيًا؛ إنها الأجندة المركزية لهذه المفوضية، وهناك الكثير من العمل الذي ينتظرنا”.
تم حل المأزق بسرعة صباح الأربعاء بعد أن حصل البرلمان على إجابات مكتوبة ومفصلة من المرشحين حول مقترحاتهم التشريعية القادمة للصفقة الخضراء والتي من المتوقع أن تطرحها المفوضية الأوروبية في الأشهر المقبلة.
وبعد تقديم ردودهم، حصل سيفتشوفيتش وهوكسترا أخيرًا على دعم ثلثي لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي، كما هو مطلوب.
وقال رئيس اللجنة باسكال كانفين في مؤتمر صحفي إن الإجابات المكتوبة للمرشحين قدمت "الوضوح" اللازم بشأن القضايا الرئيسية.
سينتقل القرار الآن إلى أيدي رؤساء اللجان البرلمانية وقادة المجموعات، لإجراء تصويت رسمي، غدًا، لتأكيد القرار في جلسة عامة، مع استمرار المخاوف الأوروبية من عدم قدرة المرشحين على سد الفراغ الذي تركه تيمرمانز.