التزامات باريس المناخية في خطر.. فرنسا تفشل بكبح غازات الدفيئة خلال 2025

في وقت تتعرض فيه فرنسا لموجة حر استثنائية، كشفت بيانات جديدة عن توقّف انخفاض انبعاثات غازات الدفيئة، ما يهدّد التزامات باريس المناخية ويدقّ ناقوس الخطر بشأن قدرة البلاد على بلوغ أهدافها البيئية.
أرقام صادمة تكشف ركودًا مناخيًا
وفقًا لتقرير أولي صادر عن منظمة Citepa المكلّفة من الحكومة بحساب البصمة الكربونية الوطنية، فإن انبعاثات الغازات الدفيئة في فرنسا شهدت ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.2% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
كما توقّع التقرير أن الانخفاض السنوي لن يتجاوز 0.8% فقط، وهو أبطأ وتيرة مسجّلة منذ عام 2018 (باستثناء فترة ما بعد كوفيد).
هذه النتائج تأتي في وقت كان يُفترض أن تُخفض فيه فرنسا انبعاثاتها بنسبة 5% سنويًا حتى عام 2030، لتحقيق الهدف الأوروبي المتمثل في تقليص الانبعاثات بنسبة 55% مقارنة بعام 1990، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
الوزيرة تحذر: لا وقت للتردد
وصفت وزيرة التحوّل البيئي الفرنسية، أنييس بانير-روناشيه، هذه الأرقام بأنها "سيئة جدًا"، ودعت إلى "نهضة جماعية". وفي تصريحها لصحيفة "لوموند"، أشارت إلى أن "الارتباك السياسي، والتراجع عن السياسات المناخية، والتصريحات الشعبوية غير المسؤولة" ساهمت في إضعاف الجهود البيئية.
وأكّدت الوزيرة أن انخفاض الانبعاثات "ليس فقط أمرًا ضروريًا بل ممكنًا"، منتقدة الرسائل المتناقضة الصادرة من بعض الجهات السياسية والتي ترسل إشارات خاطئة للرأي العام.
قطاعات متعثرة.. والشتاء يعمّق الأزمة
أوضح تقرير Citepa أن استهلاك الغاز والتدفئة في المباني السكنية والتجارية ارتفع بنسبة 5.2% بسبب شتاء أكثر برودة، ما ساهم في توقّف وتيرة الانخفاض. وفي المقابل، يُتوقّع أن تشهد باقي فصول السنة انخفاضات طفيفة لا تتجاوز 1.8% في الربع الثاني و0.8% في نهاية العام.
كما أشار التقرير إلى أن القطاعات الوحيدة التي يُتوقّع أن تسجّل تراجعًا واضحًا هي: الصناعة والبناء: -2.4%، والزراعة والغابات: -1.3%، في حين يُتوقّع أن يظل قطاع النقل ثابتًا، وسيتباطأ قطاع الطاقة في تخفيض الانبعاثات بشكل حاد (-0.9% فقط بعد انخفاضات بلغت -7% في 2023).
السياسات البيئية في مهبّ الريح
في الذكرى العاشرة لاتفاق باريس للمناخ، عبّرت منظمات بيئية عن خيبة أملها من أداء الحكومة الفرنسية. وقالت آن برينغو، مديرة البرامج في شبكة العمل المناخي (RAC): "من غير المعقول أن تتوقّف فرنسا عن خفض الانبعاثات في وقت تتفاقم فيه آثار التغير المناخي... ما يحدث ليس حتمية بيئية، بل خيار سياسي يناقض رغبة المواطنين".
كما أشار المجلس الأعلى للمناخ في تقريره الأخير إلى "تراجعات مقلقة" في مجالات حساسة مثل الحد من التوسع العمراني (ZAN)، وحظر السيارات الأكثر تلوّثًا في المدن الكبرى (ZFE)، وتقليص الدعم الحكومي لتجديد المنازل (MaPrimeRénov).
مقارنة دولية تُظهر فقدان فرنسا للزخم
تُظهر الأرقام أن فرنسا، التي كانت تُعد من الدول الرائدة في تقليل الانبعاثات، بدأت تفقد زخمها، تمامًا كما يحدث في ألمانيا (-3% في 2024 بعد -10% في 2023) والمملكة المتحدة (-3.6%).
في المقابل، سجّل الاتحاد الأوروبي انخفاضًا كبيرًا بلغ 8.3% في 2023، أي أقل بـ 37% من مستويات 1990، في حين تقترح المفوضية الأوروبية تخفيضًا جديدًا بنسبة 90% بحلول عام 2040.
الولايات المتحدة، أكبر مصدر تاريخي للانبعاثات، تشهد بدورها ركودًا، حيث سجّلت انخفاضًا ضئيلًا بنسبة -0.2% فقط عام 2024.
الطريق إلى 2030: هل يفشل الطموح الفرنسي؟
الهدف الفرنسي الحالي يقضي بتقليص الانبعاثات بنسبة 40% بحلول 2030، لكن من المنتظر أن يتم رفع هذا الطموح إلى -50%، وهو ما يتطلب خفضًا سنويًا بنسبة 5% بين عامي 2022 و2030.
ومع أن فرنسا تمكّنت منذ عام 1990 من تقليص انبعاثاتها بنسبة 31%، فإن التحديات المقبلة تتطلّب تغييرات جذرية في القطاعات "الأصعب تكلفة" مثل الصناعة، والطاقة، والنقل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA==
جزيرة ام اند امز