فرنسا تراهن على الذكاء الاصطناعي.. خطة تحفز جرأة الشركات الصغيرة

في خطوة استراتيجية لمجاراة الثورة التكنولوجية العالمية، أطلقت الحكومة الفرنسية خطة وطنية طموحة تهدف إلى تسريع تبنّي الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال، خصوصًا لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومع نسبة استخدام لا تتجاوز 13% بين تلك المؤسسات، يأتي هذا البرنامج ليُذلّل العقبات عبر التمويل والتدريب، واضعًا نصب عينيه تحقيق طفرة رقمية بحلول 2030، بحسب إذاعة "راديو فرانس".
وأطلقت الحكومة الفرنسية، يوم الثلاثاء، خطة وطنية جديدة تحت اسم "تجرأ على الذكاء الاصطناعي - Osez l’IA"، بهدف تشجيع الشركات الفرنسية على اعتماد حلول الذكاء الاصطناعي في أنشطتها.
وتتضمن الخطة مكونات متعددة تشمل التوعية، التدريب، والمرافقة، إلى جانب إطلاق صندوق ضمان مصرفي يُمكّن من تمويل مشاريع تصل قيمتها إلى 500 ألف يورو على مدى عشر سنوات.
هدف طموح: رقمنة الشركات الفرنسية
تسعى الحكومة من خلال هذه الخطة إلى تحقيق هدف طموح: أن تستخدم 50% من الشركات الصغيرة جدًّا و80% من الشركات المتوسطة نوعًا من حلول الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس المقبلة.
وهو تحدٍّ حقيقي، إذ تشير الأرقام الحالية إلى أن فقط 8% من الشركات الصغيرة جدًّا (TPE) و13% من الشركات المتوسطة (PME) تستخدم فعليًّا الذكاء الاصطناعي.
وقالت كلارا شابّاز، الوزيرة المكلّفة بالتحوّل الرقمي: "الشركات تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي، لكن هناك تردّدًا حقيقيًّا: هل الأمر معقّد جدًّا؟ هل ينطوي على مخاطرة كبيرة؟ هل التكلفة باهظة؟ هذه هي الأسئلة التي تعيق التبنّي الواسع حتى الآن".
تمويل يصل إلى نصف مليون يورو
ولتجاوز هذه العقبات، توفّر الخطة حزمة دعم شاملة، تبدأ بالتوعية والتكوين، وتُتوّج بدعم مالي مباشر، من خلال صندوق ضمان مصرفي سيساعد على تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي بمبالغ قد تصل إلى 500 ألف يورو لمدة عشر سنوات، بحسب طبيعة الحلول المعتمدة.
ويشرح يحيى فلاح، رئيس لجنة الذكاء الاصطناعي في اتحاد الشركات الصغيرة والمتوسطة CPME، أن الهدف لا يقتصر على استخدام أدوات توليد النصوص فقط، بل يتعدّاه إلى "مراحل أكثر تعقيدًا، مثل دمج الذكاء الاصطناعي بشكل معمّق في سلسلة القيمة داخل الشركات".
وأضاف: "تلك المراحل تتطلّب استثمارًا أكبر، وهذا ما يُشكّل تحدّيًا حقيقيًّا أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تفتقر في الغالب إلى هوامش مالية كافية للمخاطرة أو التوسّع".
مكاسب اقتصادية محتملة
يؤكّد المسؤولون الحكوميون أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لن يعود فقط بالإنتاجية، التي قد ترتفع بنسبة لا تقل عن 20%، بل سيُعزّز أيضًا من جاذبية الشركات وقدرتها على المنافسة محليًّا ودوليًّا.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي مرحلة النضج عالميًّا، تسعى فرنسا إلى ألا تكون مجرّد متلقٍ، بل لاعبًا فاعلًا في هذا التحوّل الرقمي، عبر تمكين نسيجها الاقتصادي الأساسي من أدوات المستقبل.