غوانتانامو واحتجاز المهاجرين.. «معضلات» تواجه التنفيذ

تواجه خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستخدام قاعدة غوانتانامو البحرية في كوبا لاحتجاز ما يصل إلى 30,000 مهاجر عراقيل قانونية ولوجستية ومالية متزايدة منذ الإعلان عنها بشكل مفاجئ.
ومع تصاعد الخلافات بين الوكالات الحكومية حول المسؤولية عن تنفيذ القرار، بات الإدراك داخل الإدارة يتزايد بأن هذه الخطة كانت سياسية أكثر منها عملية، وفق شبكة «إن بي سي» الأمريكية.
- بـ30 ألف مهاجر.. ترامب يتجه لإحياء «غوانتانامو» وكوبا ترد
- غوانتانامو في 2025.. المعتقل الذي يزداد كلفة وأسرارا
التكاليف الباهظة
وإحدى أكبر المشكلات التي تعترض تنفيذ الخطة هي التكاليف المرتفعة لنقل المهاجرين إلى غوانتانامو، لا سيما في ظل توجه إدارة ترامب نحو خفض الإنفاق الحكومي.
ففي الرابع من فبراير/شباط، هبطت طائرة عسكرية من طراز "سي- 130" في القاعدة وهي تحمل 9 مهاجرين، بحضور وزير الدفاع بيت هيغسيث. وقدّرت وزارة الدفاع تكلفة تشغيل الطائرة بنحو 20,756 دولارًا لكل ساعة طيران، مما يعني أن رحلة الذهاب والإياب استغرقت ما بين 5 إلى 6 ساعات، وبلغت تكلفتها الإجمالية نحو 207,000 إلى 249,000 دولار، أي ما يعادل 23,000 إلى 27,000 دولار لكل محتجز.
ولتقليل هذه النفقات، تم أحيانًا استخدام طائرات مستأجرة من وكالة الهجرة والجمارك، والتي تعد أقل تكلفة من الطائرات العسكرية.
لكن مسؤولًا في وزارة الدفاع كشف أن الطائرات العسكرية تم تفضيلها لأسباب تتعلق بالمظهر السياسي، رغم استمرار ارتفاع التكاليف حتى مع الطائرات المستأجرة، إذ تحتاج كل رحلة إلى مسؤول من وكالة الهجرة والجمارك لكل مهاجر على الأقل، إلى جانب فريق طبي، مع تكاليف تشغيل تتراوح بين 6,929 و26,795 دولارًا لكل ساعة طيران.
صعوبات لوجستية
إلى جانب التكاليف الباهظة، تعاني المرافق المخصصة للاحتجاز في غوانتانامو من نقص التجهيزات، إذ تفتقر المخيمات هناك إلى التكييف والمياه الجارية، كما أنها لا تستوفي المعايير المعتمدة من وكالة الهجرة والجمارك.
وأبدى مسؤولون في وزارة الدفاع والكونغرس شكوكًا حيال قدرة القاعدة على استيعاب 30,000 مهاجر، خصوصًا أن العدد الأقصى الذي احتجز هناك خلال ولاية ترامب بلغ 178 شخصًا فقط.
تراجع الاهتمام بالخطة
وفقًا لمصادر من وزارة الدفاع والكونغرس، بدأت وجهات النظر تتغير داخل الإدارة الأمريكية بشأن جدوى الخطة، على الرغم من إصرار ترامب على تنفيذها.
ومع ذلك، هناك تزايد في القناعة بأن استخدام قاعدة فورت بليس في تكساس سيكون خيارًا أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
ونتيجة لذلك، من المرجح أن يتم تخفيف نطاق الخطة بدلًا من تنفيذها بصيغتها الأصلية.
كما أن النشاط في غوانتانامو بدأ يشهد تراجعًا، حيث لم تهبط أي طائرة تحمل مهاجرين هناك منذ السبت الماضي، ولم تصدر أي أوامر رسمية بوقف الرحلات، لكن لا توجد رحلات مقررة للأسبوع المقبل.
وبالتزامن مع ذلك، تسعى وزارة الدفاع إلى تقليل عدد القوات المنتشرة هناك، والتي تبلغ حاليًا أكثر من 1,000 جندي أمريكي.
خلافات بين الوكالات الحكومية
وعندما أعلن ترامب عن خطته في 29 يناير/كانون الثاني، فوجئ العديد من المسؤولين في إدارته، بمن فيهم مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي ووزارة الدفاع، بعدم وجود خطط واضحة لتنفيذ المشروع.
وسرعان ما نشب صراع بين الجيش ووكالة الهجرة والجمارك حول المسؤولية عن إدارة المحتجزين، إذ لا يمكن للجيش قانونيًا التعامل مع المهاجرين المحتجزين.
في حين تعاني وكالة الهجرة والجمارك من نقص في الموارد والموظفين، خاصة مع ارتفاع عدد الاعتقالات والترحيلات.
التحديات القانونية
ويؤكد مسؤولون في الكونغرس أن الأساس القانوني لاستخدام الطائرات العسكرية لنقل المهاجرين «هش»، كما لم يتم حتى الآن تحديد الجهة التي ستتحمل التكاليف الضخمة المترتبة على العملية.
وفي خطوة تعكس التعقيدات التي تحيط بالخطة، تم إلغاء زيارة مجموعة من موظفي الكونغرس إلى غوانتانامو لتقييم الوضع، بقرار مفاجئ من وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي زار القاعدة بنفسه الأسبوع الماضي.
الاتجاه المستقبلي
المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، قال في بيان رسمي: «الرئيس ترامب تلقى تفويضًا واضحًا من الشعب الأمريكي لتنفيذ أجندته بترحيل المهاجرين غير الشرعيين. التزام الإدارة بهذه المهمة يظهر في ارتفاع اعتقالات وكالة الهجرة والجمارك بنسبة 627%، وانخفاض عبور الحدود غير الشرعي بأكثر من 90% مقارنة بعهد بايدن».
لكن في ظل العقبات القانونية، والتكاليف الباهظة، والخلافات الداخلية، يبدو أن خطة احتجاز المهاجرين في غوانتانامو لن تُنفّذ بالشكل المخطط له، حيث يتجه البيت الأبيض نحو تقليص نطاقها والتركيز على خيارات أقل تكلفة وأكثر قابلية للتنفيذ داخل الأراضي الأمريكية.
aXA6IDMuMTUuMjM1Ljg1IA== جزيرة ام اند امز