مجلس التعاون الخليجي.. 39 عاما من العمل المشترك ومواجهة التحديات
الوثيقة التأسيسية تبنت ما يربط الدول المؤسسة لمجلس التعاون الخليجي من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة.
كمظلة سياسية واقتصادية وثقافية تجمع أبناء الخليج العربي، تأسس مجلس التعاون الخليجي قبل 39 عاماً؛ لتعزيز العمل المشترك في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.
ففي يوم 4 فبراير/شباط 1981، أعلنت دول الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والبحرين وسلطنة عُمان، والكويت وقطر، وثيقة تأسيس مجلس التعاون الخليجي.
ولم يكن مجلس التعاون وليد بداية ثمانينيات القرن الماضي؛ بل بدأت الرغبة تتزايد لدى دول مجلس التعاون في إنشاء اتحاد اندماجي لهم، منذ إعلان الحكومة البريطانية الانسحاب من دول الخليج في يناير/كانون الثاني عام 1968.
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 1971، مثل اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة نواة لتكوين مجتمع خليجي عربي واحد، يضم جميع البلدان التي تشترك في العوامل التاريخية والجغرافية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
وأدت الدعوات لوحدة خليجية التي أطلقتها دولة الإمارات والبحرين دوراً كبيراً في ذلك قبل لقاء دول المجلس على هامش مؤتمر القمة العربية، الذي عقد في الأردن عام 1980.
وبعد سلسلة من الاجتماعات التحضيرية، عقد وزراء خارجية الدول الخليجية الست مؤتمراً في الرياض بتاريخ 4 فبراير/شباط 1981، ووقعوا في ختام أعمال ذلك المؤتمر على وثيقة إعلان قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ حيث أعلنها حينها وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل.
مبادئ مصيرية
تبنت الوثيقة التأسيسية ما يربط الدول المؤسسة لمجلس التعاون الخليجي، من علاقات خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابه أساسها العقيدة الإسلامية، ووحدة تراث هذه الدول، وتماثل تكوينها السياسي، والاجتماعي والسكاني، وتقاربها الثقافي والحضاري.
ولم تخرج فكرة إنشاء مجلس التعاون للحظة عن الأهداف القومية للأمة العربية، وفي نطاق ميثاق جامعة الدول العربية، الذي حث على التعاون الإقليمي الهادف إلى تقوية الأمة العربية.
أما المبادئ الرئيسية التي أقيم عليها، فكانت المساواة في السيادة، وتسوية المنازعات بالطرق السلمية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والانتماء الكامل للعروبة والتنظيمات العربية، والتمسك بسياسة عدم الانحياز ونبذ الأحلاف والقواعد.
أجهزة مجلس التعاون
ولضمان الانسيابية والمرونة في خطوات وقرارات مجلس التعاون الخليجي، تم الاستقرار على 3 أجهزة، كان أولها المجلس الأعلى، وهو السلطة العليا، ويتكون من رؤساء الدول الأعضاء، وتكون رئاسته دورية حسب الترتيب الهجائي لأسماء الدول.
ولعل أبرز الاختصاصات وضع السياسة العليا لمجلس التعاون، والخطوط الأساسية التي يسير عليها، والنظر في القضايا التي تهم الدول الأعضاء، والتوصيات والتقارير والدراسات والمشاريع، التي يرفعها إليه المجلس الوزاري تمهيداً لاعتمادها، وتعيين الأمين العام.
وينص النظام الداخلي للمجلس الأعلى على اجتماعه في دورة عادية كل سنة، ويجوز عقد دورات استثنائية بناءً على طلب أي من الأعضاء وتأييد عضو آخر، وفي هذه الحالة ينعقد المجلس خلال 5 أيام على الأكثر من تاريخ توجيه الدعوة للدورة الاستثنائية.
ثم يأتي المجلس الوزاري، ويتكون من وزراء الخارجية للدول الأعضاء، أو من ينوب عنهم من الوزراء. وتكون رئاسته للدولة التي تولت رئاسة الدورة العادية الأخيرة للمجلس الأعلى، وإذا دعت الضرورة تسند الرئاسة للدولة التالية في رئاسة المجلس الأعلى.
أما ثالث أجهزة المجلس فهي الأمانة العامة، والتي تتصدى للمهام الإدارية، وتتكون من أمين عام، يعينه المجلس الأعلى من مواطني دول مجلس التعاون، لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويعاون الأمين العام أمناء مساعدون، وما تستدعيه الحاجة من موظفين من بين موظفي الدول الأعضاء، ولا يجوز الاستثناء إلا بموافقة المجلس الوزاري.
وأخيراً هيئة تسوية المنازعات، والتي يتم تشكيلها من العدد المناسب من مواطني الدول الأعضاء، غير الأطراف في النزاع الذي يرى المجلس الأعلى اختيارهم في كل حالة على حدة، حسب طبيعة الخلاف؛ على ألا يقل عددها عن 3، وللهيئة أن تستعين بمن تشاء من الخبراء والمستشارين.
إنجازات وتكامل
ومنذ أول قمة لقادة مجلس التعاون الخليجي عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال شهر مايو/أيار عام 1981، مر قطار القمم الخليجية بـمحطات مهمة على مدار 39 عاما، ورغم ما مرت به المنطقة من ظروف وتحديات؛ فقد استمرت دورية انعقاد القمم الخليجية طوال نحو 4 عقود.
وتشمل مسيرة القمم الخليجية منذ تأسيسها انعقاد 65 قمة خليجية، هي 39 اعتيادية، إضافة إلى قمة الرياض الحالية، و17 تشاورية، و4 استثنائية (بينهم قمة خليجية أمريكية) وقمتين أخريين خليجية أمريكية، إضافة إلى قمة خليجية مغربية بالرياض، وقمة خليجية بريطانية بالمنامة.
وحققت مسيرة العمل الخليجي المشترك، خلال السنوات الماضية العديد من الإنجازات والمشروعات التكاملية، بما في ذلك إنشاء السوق الخليجي المشترك، والاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، والربط الكهربائي، وهيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، والهيئة القضائية الاقتصادية، وغيرها من الهيئات المتخصصة في مختلف المجالات الدفاعية والأمنية والتنموية.
وأسهم مجلس التعاون الخليجي في تعزيز الشراكات الاستراتيجية الإقليمية مع عدد من الدول العربية والتكتلات السياسية؛ إذ إن من بين الأهداف الرئيسة للمجلس تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله في جميع الميادين بما في ذلك تنسيق سياساتها وعلاقاتها تُجاه الدول الأخرى، والتكتلات والتجمعات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
aXA6IDMuMTM3LjE2Mi4yMSA= جزيرة ام اند امز