بيان الوزاري الخليجي.. خارطة طريق لتعزيز التكامل ورسائل لإيران والعالم
خارطة طريق شاملة لتعزيز العمل الخليجي المشترك ودعم الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، رسمها بيان المجلس الوزاري الخليجي في دورته الـ155.
البيان الصادر، مساء الأربعاء، في ختام اجتماع وزراء خارجية دول الخليج في مقر الأمانة العامة بالرياض برئاسة بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، وزير الخارجية العماني رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز مسيرة التعاون ومواقفها من مختلف القضايا العربية والدولية.
56 بندا شملها البيان تتناول رؤية دول الخليج وموقفها إزاء 15 قضية وموضوع، يأتي على رأسها تعزيز العمل الخليجي المشترك، ومكافحة الإرهاب، والقضية الفلسطينية والعلاقات مع إيران، والاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، والأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وأزمة سد النهضة.
دول الخليج أكدت دعم "الحل السياسي" في كل من سوريا واليمن وأفغانستان، إضافة إلى الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
وفي أكثر من بند، أعادت التأكيد على احترام استقلال وسيادة الدول على أراضيها، ورفض التدخلات في شؤونها الداخلية، كما رسم المجلس الوزاري خارطة طريق لعلاقات حسن جوار مستدامة مع إيران، تتضمن عددا من الالتزامات والمتطلبات، مرحبا باتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية-الإيرانية بوساطة صينية قبل أسبوعين.
التكامل الخليجي.. رؤية شاملة
فيما يتعلق بتعزيز العمل الخليجي المشترك، تضمن البيان رؤية دول الخليج لتعزيز مسيرة التعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والأمنية والاجتماعية.
في الشأن السياسي، اطلع المجلس الوزاري على ما تقوم به اللجان العاملة في إطار مجلس التعاون من جهود لتنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بشأن تعزيز العمل الخليجي المشترك، التي تم اعتمادها بالقمة الخليجية الـ(36) ديسمبر/كانون الأول 2015م، ووجه بسرعة استكمال تنفيذها.
أيضا اعتمد المجلس الوزاري الإطار العام لمهام ومسؤوليات لجنة العمل الخيري المشترك بدول مجلس التعاون.
كما اطلع المجلس الوزاري على سير العمل في خطوات تحقيق التكامل العسكري المشترك بين القوات المسلحة لدول مجلس التعاون، واستمرار استكمال متطلبات القيادة العسكرية الموحدة ووحداتها والمراكز التابعة لها، ورحب في هذا الصدد باتخاذ الإجراءات اللازمة لعقد دورة الدفاع الخليجي الأولى خلال شهر سبتمبر/أيلول 2023م، كما رحب بتشكيل لجنة الصناعات الدفاعية بين دول المجلس.
وفي الشأن الاقتصادي، استعرض المجلس الوزاري مسيرة التكامل الاقتصادي والتنموي وأكّد أهمية الاستمرار في إنهاء متطلبات استكمال الاتحاد الجمركي، وتطبيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطني دول المجلس في مجالات السوق الخليجية المشتركة.
وفيما يتعلق بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين مجلس التعاون ومختلف دول العالم، أكد البيان أهمية تعزيز علاقات الشراكة والتعاون والحوار الاستراتيجي مع كافة الدول الشقيقة والصديقة، ونوه في هذا الصدد بمخرجات اجتماعات مجموعات العمل المشتركة التي عقدت مؤخرا بين مجلس التعاون وكلا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والهند وباكستان.
مكافحة الإرهاب.. مواقف ثابتة
وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أكد المجلس الوزاري مواقفه وقراراته الثابتة تجاه الإرهاب أياً كان مصدره، ونبذه كافة أشكاله وصوره، ورفضه دوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله.
وأكد دعم الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب، ومشاركة دول المجلس في التحالف الدولي ضد داعش.
وبين المجلس أن التسامح والتعايش بين الأمم والشعوب من أهم المبادئ والقيم التي بنيت عليها مجتمعات دول المجلس، وتعاملها مع الشعوب الأخرى.
وأدان المجلس العمليات الإرهابية التي تتعرض لها العراق والصومال وأفغانستان، كما أدان استمرار الدعم الأجنبي للجماعات الإرهابية والميلشيات الطائفية في العراق ولبنان وسوريا واليمن وغيرها.
جزر الإمارات.. دعم قوي
فيما يتعلق الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وجه المجلس الوزاري رسالة دعم قوية للإمارات، مؤكدا مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران جزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ودعم سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة، واعتبار أن أية ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران في الجزر الثلاث باطلة ولاغية وليست ذات أثر على حق سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث.
ودعا المجلس الوزاري مجددا إيران للاستجابة لمساعي دولة الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
العلاقات مع إيران.. متطلبات وشروط
وفيما يتعلق بالعلاقات مع إيران، رحب المجلس الوزاري باتفاق السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بوساطة صينية.
وأعرب المجلس عن أمله أن يشكل هذا الاتفاق خطوة إيجابية لحل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية، وإقامة العلاقات بين الدول على أسس التفاهم والاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والالتزام بميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والقوانين والأعراف الدولية.
وأكد المجلس الوزاري أهمية التزام إيران بعدم تجاوز نسبة تخصيب اليورانيوم التي تتطلبها الاستخدامات السلمية، وأهمية الحفاظ على الأمن البحري والممرات المائية في المنطقة.
القضايا العربية.. دعم الاستقرار
على صعيد موقفه من مختلف القضايا العربية، أكد المجلس الوزاري مواقفه الثابتة من مركزية القضية الفلسطينية، ودعمه سيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو/حزيران 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
ودعا إلى مضاعفة جهود المجتمع الدولي لحل الصراع، بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفق تلك الأسس.
كما أدان المجلس الوزاري تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني وتواصل الاستيطان، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف استهداف الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، وطرد الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية.
وفيما يتعلق باليمن، أكد المجلس الوزاري دعمه الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له في تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، ودعا الحوثيين للاستجابة إلى الدعوة التي وجهها مجلس القيادة الرئاسي، للتفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، بما يحفظ لليمن الشقيق سيادته ووحدته وسلامة أراضيه واستقلاله.
وفي الشأن السوري، أكد المجلس الوزاري مواقفه الثابتة تجاه الحفاظ على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها، ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، ودعم الحل السياسي للأزمة السورية.
كما عبر المجلس الوزاري عن مواقف مجلس التعاون الثابتة مع الشعب اللبناني الشقيق ودعمه المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وللقوات المسلحة اللبنانية.
ودعا المجلس الوزاري الأطراف اللبنانية لاحترام المواعيد الدستورية وتطلع إلى انتخاب رئيس للبلاد وفقاً للدستور اللبناني، والعمل على كل ما من شأنه تحقيق تطلعات الشعب اللبناني الشقيق في الاستقرار والتقدم والازدهار.
وفيما يتعلق بالعراق، أكد المجلس الوزاري مواقفه وقراراته الثابتة تجاه العراق، ودعم الجهود القائمة لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في العراق، مشدداً على أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضي العراق وسيادته الكاملة وهويته العربية الإسلامية.
وفيما يتعلق بالموقف الخليجي من التطورات في السودان، أكد البيان أهمية الحفاظ على أمن السودان وسلامته واستقراره، والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها، ومساندة السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق.
دعا المجلس الوزاري الأطراف السودانية للاستجابة لهذه الجهود واستمرار الحوار وتحقيق التوافق لإتمام العملية السياسية، للوصول إلى اتفاق نهائي يلبي تطلعات الشعب السوداني الشقيق، ويعزز أمن البلاد واستقرارها وازدهارها في جميع المجالات.
وفي الشأن الليبي، جدد المجلس الوزاري تأكيد حرصه على الحفاظ على مصالح الشعب الليبي، وعلى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في ليبيا، وضمان سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها ووقف التدخل في شؤونها الداخلية، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية.
على صعيد الشأن الدولي، أكد المجلس الوزاري أهمية استعادة الأمن والاستقرار في أفغانستان، والوصول إلى حل سياسي توافقي يأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة مكونات الشعب الأفغاني.
سد النهضة.. دعم مصر والسودان
وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة، وجهت دول الخليج رسالة دعم قوية لمصر والسودان، حيث أكد المجلس الوزاري أن الأمن المائي لجمهورية السودان وجمهورية مصر العربية هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ورفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل.
كما أكد دعم ومساندة دول مجلس التعاون لكافة المساعي التي من شأنها أن تسهم في حل ملف سد النهضة بما يراعي مصالح كافة الأطراف، مؤكدين ضرورة التوصل لاتفاق بهذا الشأن وفقاً لمبادئ القانون الدولي وما نص عليه البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر/أيلول 2021م.
الأزمة الروسية الأوكرانية.. دعوة للحوار
وفيما يتعلق برؤية دول الخليج لحل الأزمة الروسية الأوكرانية، أشاد المجلس الوزاري بجهود الوساطة التي تبذلها المملكة العربية السعودية والزيارات الناجحة التي قام بها وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إلى روسيا وأوكرانيا، وأعرب المجلس عن دعمه جهود وقف إطلاق النار، وحل الأزمة سياسياً، وتغليب لغة الحوار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات.
ودعا طرفي الصراع إلى الدخول في حوار دبلوماسي للتوصل إلى وقف الحرب وإنهاء الصراع بما يتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لاستعادة الأمن والسلم والاستقرار في القارة الأوروبية والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
مكافحة الإسلاموفوبيا
وأدان المجلس الوزاري تكرار حرق نسخ من المصحف الشريف في عدد من العواصم الأوروبية خلال الآونة الأخيرة، مؤكداً أهمية تصدي حكومات تلك الدول للممارسات المستفزة لمشاعر ملايين المسلمين حول العالم.
وأشاد المجلس بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع باعتماد يوم 15 مارس/آذار من كل عام، ابتداء من عام 2023 لمكافحة الإسلاموفوبيا، يتم خلاله نشر ثقافة التسامح الديني والحوار والتعايش.