الإمارات في مجلس الأمن.. رسائل قوية لدعم القضية الفلسطينية
رسائل مهمة وقوية وجهتها دولة الإمارات العربية المتحدة من داخل مجلس الأمن الدولي لدعم القضية الفلسطينية.
رسائل وضعت من خلالها خارطة طريق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى القصير والطويل، من خلال رؤية واضحة شاملة تحمل كل طرف مسؤولية سياساته وأفعاله بشفافية مطلقة، وتدعو إلى خلق بيئة تتيح إعادة إطلاق عملية سلام جدية وذات مصداقية.
موقف إماراتي قوي جديد يأتي بعد أيام من توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
كما يأتي هذا الموقف بعد نحو شهر من اقتناص الإمارات نصرا حيويا للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأرض الفلسطينية، ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
مواقف إنسانية وسياسية ودبلوماسية متتالية توجه من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة رسالة هامة تؤكد أن دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وتوقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة دائما لدعم حقوق الشعب الفلسطيني.
خارطة طريق
ضمن أحدث تلك المواقف، وجهت الإمارات رسائل قوية من داخل مجلس الأمن الدولي، رسمت من خلالها خارطة طريق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
جاء هذا في بيان وفد الإمارات العربية المتحدة في مجلس الأمن بشأن البند المعنون الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، الذي ألقاه الأربعاء، السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة.
تهدئة رمضان
وضمن رؤيتها للوصول إلى تهدئة، شددت دولة الإمارات العربية المتحدة على عدد وترتبط بفلسطين وإسرائيل، وهي:
- الالتزام ببيان شرم الشيخ وتنفيذ بنوده بشكلٍ كامل، خاصة من حيث إنهاء الخطوات أحادية الجانب، قبل أن تخرج الأوضاع عن السيطرة.
- الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، خاصة في ظل المناوشات المتبادلة مؤخراً.
وأبرم الفلسطينيون والإسرائيليون خلال اجتماع عقد في شرم الشيخ بمصر، الأحد، تفاهمات بحضور مصري وأردني وأمريكي لتحقيق التهدئة في رمضان.
وشملت التفاهمات وقف الإجراءات الأحادية واستحداث آلية للحد من والتصدي للعنف والتحريض.
وتضمنت احترام الحق القانوني للسلطة الوطنية الفلسطينية في الاضطلاع بالمسؤوليات الأمنية في المنطقة (أ) بالضفة الغربية والالتزام بعدم المساس بالوضعية التاريخية القائمة للأماكن المقدسة في القدس.
كما جددت حكومة إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية استعدادهما والتزامهما المشترك بالتحرك بشكل فوري لإنهاء الإجراءات الأحادية لفترة من 3 إلى 6 أشهر.
وفي بيان مشترك، تضمن "التزاما إسرائيليا بوقف مناقشة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إصدار تراخيص لأي نقاط استيطانية لمدة 6 أشهر".
وجاء اللقاء استكمالاً للتفاهم الذي تم التوصل إليه في العقبة بالأردن، في 26 فبراير/شباط 2023. وتم عقده لضمان التهدئة قبيل شهر رمضان.
واتفقت الأطراف على إرساء آلية لاتخاذ الخطوات اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب الفلسطيني طبقاً لاتفاقيات سابقة بما يسهم بشكل كبير في تعزيز الوضع المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية.
وأشادت دولة الإمارات العربية المتحدة، في بيانها أمام مجلس الأمن الدولي، بالجهود المكثفة للمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لبناء الثقة بين الأطراف وتدارك التوترات.
وأكدت أن هذه الخطوات هامة مع بدء شهر رمضان المبارك وتزامنه مع مناسبات مقدسة للديانتين اليهودية والمسيحية، وهي الفترة التي عادةً ما تشهد -وحتى دون وجود الاضطرابات الراهنة- توترات حادة، يجب ويمكن تفاديها.
وإيمانا منها بأن حل الصراع على المدى البعيد يستلزم تحديد أسباب إطالة أمده، فجاء بيان الإمارات واضحا في هذا الصدد، حيث أكد أن حلقة العنف هذه ليست وليدة اللحظة، وإنما هي نتيجة (سلسلة من الممارسات غير الشرعية-الاكتفاء بمحاولة إدارة الصراع بدلاً من حله).
المجتمع الدولي.. 3 مطالب
دولة الإمارات العربية المتحدة رأت أن هناك عدة مسؤوليات تقع على المجتمع الدولي ويجب القيام بها لحل هذا الصراع وهي:
- رفض تطبيع التصعيد الراهن.
- توجيه رسالة صريحة مفادها ضرورة التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
- خلق بيئة تتيح إعادة إطلاق عملية سلام جدية وذات مصداقية.
مطالب لإسرائيل
وطالبت الإمارات إسرائيل بـ9 أمور، داعية إياها إلى تطبيقها والالتزام بها وهي:
- ضرورة تراجع إسرائيل عن المصادقة على قانون يسمح بعودة المستوطنين إلى أربع مستوطنات شمالي الضفة الغربية المحتلة.
- الالتزام بما ورد في اتفاق شرم الشيح الأخير من حيث “عدم مناقشة إسرائيل أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إصدار تراخيص لأي بؤر استيطانية لمدة 6 أشهر”.
- ضرورة الوقف الكامل للأنشطة الاستيطانية التي تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات هذا المجلس.
- الوقف الفوري لعنف المستوطنين ومحاسبة مرتكبيه لردع هذه الهجمات المتصاعدة والتي وصلت منذ مطلع هذا العام ثلاثة أضعاف ما كانت عليه منذ عامين.
- على إسرائيل تحمل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
- على إسرائيل وقف اقتحاماتها المتكررة للمدن والقرى الفلسطينية، ومنها جنين ونابلس، والتي أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، الذين ارتفعت أعدادهم بشكل حاد منذ مطلع هذا العام.
- وضع حد لعمليات هدم الممتلكات الفلسطينية والتي زادت بنسبة 68% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ويترتب عليها تداعيات خطيرة، أبرزها التهجير القسري للسكان، لا سيما في القدس الشرقية.
- الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم لمدينة القدس ومقدساتها، واحترام الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية.
- على جميع الأطراف الامتناع عن الخطابات التصعيدية ووقف التحريض على الكراهية والعنف.
موقف الإمارات
بيان دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن هذا الصراع، أكد كذلك رفض جميع الممارسات التي تتعارض مع القيم والمبادئ الإنسانية، وإدانة التصريحات التحريضية ومنها تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى محو قرية حوارة، وأنكر تاريخ ووجود الشعب الفلسطيني.
كما أدانت استخدام سموتريتش خريطة لإسرائيل تضم أراضي من المملكة الأردنية الهاشمية وفلسطين، مؤكدة على مواصلة دعمها لحل الدولتين، حيث يتم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمنٍ واعترافٍ متبادل.
وفي سياق متصل، جدد مجلس الأمن التأكيد في بيانه على أن استمرار أنشطة الاستيطان الإسرائيلية يهدد بشكل خطير إمكانية تحقيق حل الدولتين على أساس حدود 1967، مؤكدا أهمية خفض التصعيد وتجنب الأعمال الاستفزازية.
وشدّد المجلس على تساوي حق كل من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني في التمتع بالحرية والأمن والازدهار والعدالة والكرامة.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد بدأت في تيسير عملية صياغة رد المجلس على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي، ودعمت الانخراط الدبلوماسي المكثف للولايات المتحدة من أجل تهدئة الوضع والتأكد من أن المجلس سيتحدث بصوت واحد بشأن هذه القضية المهمة.
جهود وتصريحات إماراتية واضحة تكللت بإصدار أول قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات، ودعوة إماراتية قوية تؤكد أهمية التزام المجتمع الدولي برؤية فلسطين مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تعوق حل الدولتين.
دعم إنساني متواصل
مواقف سياسية متتالية تخللها موقف إنساني هام، عبر توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في 16 مارس/آذار الجاري بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
تأتي هذه المبادرة بعد نحو 3 شهور من تسلم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى مطلع عام 2021، 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية.
رسائل مهمة
مواقف إنسانية ودبلوماسية وسياسية متتالية تؤكد من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020، لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف أن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
كما تأتي تلك المواقف ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
ومنذ خطوتها الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من عامين، تؤكد الإمارات مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية، انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار والتفاوض في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ولطالما أكدت الإمارات أن الاتفاق الإبراهيمي للسلام لا يتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق سلام عادل وشامل ودائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين.
وأاخيرا يأتي ذلك استمرارا لسياسة دولة الإمارات، منذ تأسيسها، في وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، في نهج أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه القيادة الرشيدة التي تكرس الجهود كافة لإحلال قيم العدالة والسلام.