"وزاري خليجي" في توقيت مهم.. اجتماع تعزيز التضامن ودعم الاستقرار
اجتماع وزاري خليجي، يعقد الأربعاء، ويأتي في توقيت مهم تواصل فيه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهودها لتعزيز التضامن وتصفير المشاكل داخل المنطقة.
يأتي الاجتماع بعد نحو أسبوعين من اتفاق السعودية وإيران على استئناف علاقاتهما الدبلوماسية في خطوة يرتقب أن تتصدر أجندة الاجتماع الوزاري الخليجي.
أيضا يأتي الاجتماع بعد أيام من استقبال دولة الإمارات العربية المتحدة للرئيس السوري بشار الأسد، ضمن خطوات حثيثة ومبادرات رائدة سياسية ودبلوماسية وإنسانية تقودها أبوظبي لإعادة سوريا لحاضنتها العربية.
كما يعد هذا هو أول اجتماع لوزراء خارجية دول الخليج يشارك فيه جاسم البديوي، الذي تولي منصبه كأمين عام لمجلس التعاون الخليجي مطلع فبراير/شباط الماضي.
أجندة الاجتماع
ويجتمع وزراء خارجية دول الخليج، بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون في العاصمة السعودية الرياض، في إطار الدورة الـ(155) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ويترأس الاجتماع بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية بسلطنة عمان - رئيس الدورة الحالية - للمجلس الوزاري، بمشاركة جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأكد البديوي أن المجلس الوزاري سيبحث عدداً من التقارير بشأن متابعة تنفيذ قرارات القمة الخليجية الـ(43) بالرياض، وكذلك المذكرات والتقارير المرفوعة من اللجان الوزارية والفنية والأمانة العامة، والموضوعات ذات الصلة بالحوارات والعلاقات الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والدول والتكتلات العالمية.
كما سيتم خلال الاجتماع بحث آخر التطورات الإقليمية والدولية، والمستجدات التي تشهدها المنطقة.
تعزيز التضامن الخليجي
ويتصدر أجندة الاجتماع سبل تعزيز التضامن الخليجي عبر بحث عدد من التقارير بشأن متابعة تنفيذ قرارات القمة الخليجية الـ(43) بالرياض، وكذلك المذكرات والتقارير المرفوعة من اللجان الوزارية والفنية والأمانة العامة.
ويكتسب الاجتماع أهمية خاصة كونه يأتي بعد نحو شهرين من استضافة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، لقاء أخويا تشاوريا، بمشاركة عدد من قادة دول الخليج ومصر والأردن، تتويجا لجهود دولة الإمارات في تعزيز التضامن الخليجي والعربي.
ويعد اللقاء ترجمة لتوجهات القيادة الإماراتية بالعمل على "تعزيز التكامل العربي على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية وتستند إلى المصالح المشتركة وتنطلق من التعاون الاقتصادي والتنموي، وتستهدف، في المقام الأول، رخاء الشعوب وتنميتها".
واستضاف الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، لقاء أخوياً تشاورياً حضره كل من سلطان عمان هيثم بن طارق، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وجاء اللقاء الأخوي، الذي عقده القادة في العاصمة أبوظبي تحت عنوان "الازدهار والاستقرار في المنطقة"، بهدف ترسيخ التعاون وتعميقه بين دولهم الشقيقة في جميع المجالات التي تخدم التنمية والازدهار والاستقرار في المنطقة وذلك عبر مزيد من العمل المشترك والتعاون والتكامل الإقليمي.
وأكد القادة على الروابط التاريخية الراسخة بين دولهم، في مختلف المجالات، والحرص المتبادل على التواصل والتشاور والتنسيق المستمر تجاه مختلف التحولات في المنطقة والعالم.
كما أكدوا رؤيتهم المشتركة لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة وإيمانهم الراسخ بأهمية التواصل لأجل البناء والتنمية والازدهار، مشددين على أهمية الالتزام بقواعد حسن الجوار واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وشدد القادة على أن التعاون وبناء الشراكات الاقتصادية والتنموية بين دولهم وعلى المستوى العربي عامة هو المدخل الأساسي لتحقيق التنمية وصنع مستقبل أفضل للشعوب، في ظل عالم يموج بالتحولات في مختلف المجالات.
ويتوج هذا اللقاء جهودا إماراتية متواصلة لتعزيز التضامن الخليجي والعربي.
تعزيز التحالفات الاستراتيجية
أيضا سيكون تعزيز التحالفات الاستراتيجية من ضمن المحاور المهمة على أجندة الاجتماع الخليجي.
واستضافت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماع الحوار السياسي لكبار المسؤولين في وزارات الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية باكستان الإسلامية، الثلاثاء .
وتم خلال الاجتماع بحث عدد من القضايا السياسية والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى مناقشة آليات تعزيز الحوار الاستراتيجي بين الجانبين وتطوير أوجه التعاون بينهما في ضوء مذكرة التفاهم وخطة العمل المشترك التي تم إقراراها للفترة 2022-2026، كما تم بحث بعض القضايا الاقتصادية والتجارية ذات الاهتمام المشترك.
وجاء هذا الاجتماع بعد يوم من استضافة الأمانة العامة لمجس التعاون لدول الخليج العربية اجتماع الحوار السياسي لكبار المسؤولين في وزارات الخارجية بدول مجلس التعاون وجمهورية الهند، الاثنين.
وبحث الاجتماع عدداً من القضايا السياسية والأمن الإقليمي، وناقش آليات تعزيز الحوار الاستراتيجي بين الجانبين وتطوير أوجه التعاون بينهما في ضوء مذكرة التفاهم التي تم التوقيع عليها في سبتمبر/أيلول 2022م، كما تم بحث بعض القضايا التجارية في ضوء الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني التي تم إبرامها في عام 2004م.
وكانت القمة الاعتيادية الـ43 التي عقدت في الرياض 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قد شهدت في اليوم نفسه، القمة الخليجية الصينية الأولى.
جاءت تلك القمة بعد 5 شهور من عقد القمة الخليجية العربية الأمريكية "قمة جدة للأمن والتنمية" في 16 يوليو/تموز الماضي.
أول اجتماع بمشاركة البديوي
ويعد هذا هو أول اجتماع لوزراء خارجية دول الخليج يشارك فيه جاسم البديوي، الذي تولي منصبه كأمين عاما لمجلس التعاون الخليجي مطلع فبراير/شباط الماضي، خلفا لمواطنه الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الذي شغل هذا المنصب لمدة 3 أعوام، ليكون سابع أمين عام لمجلس التعاون الخليجي، منذ تأسيسه عام 1981.
دعم القضية الفلسطينية
وفي ضوء بحث بند آخر المستجدات والتطورات، يتوقع أن يصدر عن الاجتماع موقف داعم للقضية الفلسطينية في ضوء المستجدات الحالية، ولا سيما التصريحات العنصرية المتتالية من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
وأدان جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الثلاثاء، التصريحات المسيئة والعنصرية لوزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، والتي أنكر فيها وجود الشعب الفلسطيني، واستخدامه خريطة لإسرائيل تضم المملكة الأردنية الهاشمية لحدود إسرائيل.
وشدد البديوي على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والعنف، ونوه بأهمية تعزيز قيم التسامح والتعايش الإنساني ضمن الجهود المبذولة للحد من التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة التي تقوم بها إسرائيل.
وأكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي على مواقف دول المجلس الثابتة تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعم قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد على ضرورة دعم جميع الجهود الإقليمية والدولية لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، ووضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
العلاقات مع سوريا
أيضا في ضوء بند المستجدات، يتوقع أن تتصدر أجندة الاجتماع، العلاقات مع سوريا، في ظل خطوات التقارب العربي السوري التي تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقبل يومين، استقبلت دولة الإمارات مجددا الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصل إلى البلاد للمرة الثانية بعد زيارتها قبل عام.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية والرئيس الأسد العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل دفع التعاون والعمل المشترك البناء الذي يسهم في تحقيق مصالحهما المتبادلة بجانب عدد من القضايا محل الاهتمام المشترك.
وفي كلمات معبرة، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "إن أشقاءكم في دولة الإمارات يقفون معكم قلباً وقالباً، وإن غياب سوريا عن أشقائها قد طال وحان الوقت إلى عودتها إليهم وإلى محيطها العربي".
وقبل أسبوعين، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية.
وجدد الوزير السعودي التأكيد على أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، والحوار مع دمشق ضروري.
التطورات مع إيران
كذلك ستتصدر العلاقات مع إيران أجندة الاجتماع في ضوء إعلان المملكة العربية السعودية وإيران قبل أسبوعين التوصل إلى "اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران".
ويتضمن الاتفاق –الذي تم بوساطة صينية – تأكيد البلدين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
واتفق الجانبان أن يعقد وزيرا الخارجية في البلدين اجتماعاً لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما.
خطوة مهمة تترجم على أرض الواقع سياسة وتوجهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الحكيمة الهادفة لدعم وأمن واستقرار المنطقة، وتصفير الخلافات.
ولطالما وصفت القيادة السعودية إيران بأنها "جارة للأبد"، وأكدت أهمية التعاون معها، شريطة تغيير سلوكها.
أيضا فإن رعاية الصين لهذا الاتفاق المهم يأتي تتويجا للسياسة السعودية الحكيمة بتعزيز العلاقات مع الصين والتي توجت باستضافة السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي 3 قمم مع الصين، هي القمة السعودية الصينية، والقمة الخليجية الصينية الأولى "قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية"، والقمة العربية الصينية الأولى "قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، بمشاركة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
كذلك فإن رعاية الصين لهذا الاتفاق المهم يرسل برسالة مهمة للمنطقة والعالم عن الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبه الصين في دعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كما أسهم بدعم تلك الخطوة -بشكل غير مباشر- دبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، والتي أثمرت تقدما ملموسا على طريق العلاقات بين الإمارات وإيران، بعد إعادة أبوظبي في أغسطس/آب الماضي سفيرها سيف محمد الزعابي إلى طهران بعد 7 سنوات من إعلانها تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران وسحب سفيرها بطهران تضامنا مع السعودية.
كذلك كان لجمهورية العراق وسلطنة عمان دور بارز في التوصل لهذا الاتفاق عبر استضافتهما جولات الحوار التي جرت بين السعودية وإيران خلال عامي 2021م - 2022م، في رسالة واضحة على الدبلوماسية الحكيمة للبلدين الداعمة للأمن والاستقرار.
وكانت السعودية قد أعلنت في 3 يناير/كانون الثاني 2016 قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران إثر اعتداءات على سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مشهد.
واستضافت العراق وسلطنة عمان جولات مباحثات بين الرياض وطهران عامي 2021 و2022، لبحث قضايا عالقة بين الجانبين لتمهيد الأجواء لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، قبل أن تتوج تلك المباحثات بإعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين برعاية صينية .
COP28.. دعم خليجي
أيضا يحل الاجتماع، فيما تستعد الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 نهاية العام الجاري، في ظل دعم خليجي قوي وثقة كبيرة في جهودها لمواجهة تغير المناخ وبناء عالم أفضل.
هذا الدعم وتلك الثقة عبرت عنها دول الخليج والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في مواقف عديدة.
وكان قادة دول الخليج قد أشادوا خلال القمة الخليجية الـ43 التي استضافتها الرياض في 9 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالدور الرائد الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.
وجددوا ترحيبهم ودعمهم لاستضافة دولة الإمارات العربية المتحدة COP28 عام 2023 لدعم الجهود الدولية في هذا الإطار، كما رحبوا بإعلانها الالتزام بتحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.
وتستضيف الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 والذي يهدف لرسم خارطة طريق للعالم لمواجهة التحدي الأكثر تهديداً لمستقبل كوكب الأرض، وهو تغير المناخ.