مآسي حوادث إطلاق النار بأمريكا.. هل تُحيي قانون حظر الأسلحة؟
مذبحة جديدة تعطي سمات مروعة للحوادث الدموية التي تتسبب فيها آلات القتل التي يختارها الجناة بحوادث إطلاق النار الجماعية في أمريكا.
وتأتي هذه المآتم التي أصبحت مألوفة الآن لتلك المآسي ببعد جديد، حيث يصف الأطباء ما تفعله هذه الأسلحة بالضبط، وهي تفاصيل لم تذكر سابقا احتراما لمن فقدوا أرواحهم، بحسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ويتزامن هذا مع موجة من الغضب وعدم الفهم بين أقارب الضحايا والأمريكيين الذين يريدون تغيير سهولة توافر البنادق التي يمكنها حصد العديد من الأرواح في ثوان.
وتوجد مطالبات جديدة لتجديد الحظر على الأسلحة الهجومية المنتهي منذ فترة طويلة، الذي يرفض الجمهوريون التفكير فيه بدعوى انتهاك الحقوق الدستورية.
وقال الدكتور ديفيد بوم، طبيب الولادة الذي عالج ضحايا بموقع حادث إطلاق النار الذي وقع، الإثنين، بهايلاند بارك في ولاية إلينوي، لـ"سي إن إن": "الراحلون تعرضوا للنسف بتلك الأعيرة النارية، تعرضوا للنسف".
وأوضحت السلطات أن المشتبه فيه استخدم "بندقية فائقة القوة"، والتي وصفها المتحدث باسم فرقة العمل المعنية بالجرائم الكبرى بمقاطعة ليك بأنها مشابهة لـ"بندقية AR-15".
وأضاف بوم: "بعض الجثث حرفيا كان بها إصابات نزع أحشاء، من قوة هذا السلاح والرصاصات. وكان هناك شخص آخر أصيب إصابة لا توصف برأسه".
وأعادت تعليقات بوم إلى الذاكرة الشهادة المروعة التي أدلى بها الدكتور روي غيريرو، طبيب الأطفال الذي عمل بالمستشفى في أوفالدي بولاية تكساس، الذي استقبل الضحايا والمصابين من مذبحة مدرسة روب الابتدائية في مايو/أيار.
وكان غيريرو قد وصف أن "طفلين سحق جسدهما بشدة جراء الرصاص الذي أطلق عليهما، وتمزق اللحم على جسدهما لدرجة أن الدليل الوحيد على هويتهما كان ملابسهما الملطخة بالدماء."
وتؤجج مثل تلك الشهادات الدعوات لإجراء سياسي، لكنها لم تفعل الكثير حتى الآن لإعادة تشكيل سياسة الحد من الأسلحة.
ومن جديد، دعت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، الثلاثاء، الكونجرس إلى الموافقة على القيود على الأسلحة الهجومية، والتي حذفت من قانون السلاح الذي تمت الموافقة عليه مؤخرًا، ويعتبر أهم إجراء سلامة يتعلق بالأسلحة النارية خلال عقود.
مشتبه فيه متهم بالقتل
ويزعم أن المشتبه فيه، روبرت كريمو الثالث، أطلق أكثر من 70 رصاصة من أحد الأسطح قرب مكان الحادث باستخدام بندقية "مشابهة لبندقية AR-15".
وكانت "AR-15"، بندقية نصف آلية، ضمن أنواع الأسلحة المحظورة بموجب حظر الأسلحة الهجومية لعام 1994، الذي انتهى عام 2004.
وأشارت "سي إن إن" إلى أن بنادق AR-15 أو الأسلحة التي تشبهها استخدمها مطلق النار بحادثة أوفالدي الذي قتل 19 طفلًا ومعلمين، وكذلك الجاني بحادثة إطلاق النار في بوفالو، والقاتل بحادثة بمدرسة ثانوية في فلوريدا عام 2018، وفي عدد لا يحصى من حوادث إطلاق النار الجماعي الأخرى في الولايات المتحدة. ويتم شراؤها في كثير من الأحيان بطريقة قانونية.
ومع ذلك، فإن فرص تجديد حظر الأسلحة الهجومية ربما لم تكن أسوأ من أي وقت مضى منذ انتهاء صلاحية القانون الأصلي قبل ما يقرب من عقدين من الزمن.
وأشار زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الثلاثاء، إلى أن احتمالات صدور أي تشريع جديد للحد من الأسلحة في أي وقت قريب قاتمة، لافتا إلى أن حادث إطلاق النار الأخير "مثال آخر على طبيعة المشكلة. المشكلة هي الصحة العقلية وأن أولئك الشباب الذين يبدو أن يحصلون على الإلهام لارتكاب مثل تلك الفظائع. لذا، أعتقد أن مشروع القانون الذي وافقنا عليه استهدف تلك المشكلة".
وتتوافق تعليقاته مع تصور الجمهوريين أن توافر الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها الجناة بحوادث إطلاق النار الجماعي ليست مشكلة، كما أظهرت الفائدة السياسية للقانون الجديد للزعيم الجمهوري، بما أنها تعني أنه يمكنه الدفع بأن الكونجرس تحرك بالفعل عند وقوع مذابح أخرى في المستقبل.
لكن القانون الحزبي الذي وقع عليه الرئيس جو بايدن الشهر الماضي، والذي لم يحظر الأسلحة الهجومية، أظهر حدود الإرادة السياسية للكونجرس في التحرك، بالرغم من دعم الأغلبية في البلاد لمزيد من تدابير السلامة المرتبطة بالسلاح.
وتقلص انعدام شهبة المحافظين لحظر تلك الأسلحة الدافع السياسي للمشرعين الجمهوريين للتحرك.
قانون جديد عفا عليه الزمن؟
في أعقاب حادث إطلاق النار في هايلاند بارك، أشار بعض الساسة المحليين إلى أن حرية بعض الأمريكيين في امتلاك أسلحة هجومية تعني حتما أنه يمكن أن تحرم تلك الأسلحة الآخرين من الحرية الكاملة – في الحياة نفسها – عند يسيء مسلح استخدامها.
لكن حتى الأغلبية الوطنية القوية التي تؤيد تشديد قوانين السلاح ستعاني للتغلب على العقبات بمجلس الشيوخ لاسيما الإجراءات التي تمنح الأقلية قوة عظمى، كما تعمل الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا على تخفيف قوانين الأسلحة، وهو ما قد يحبط أيضًا جهود الإصلاح طويلة الأمد.