بعد بيان "ناري" ضد بايدن.. ماذا نعرف عن "جمعية البنادق" الأمريكية؟
رغم مرور قرابة 10 أيام على حادث تكساس بأمريكا الذي راح ضحيته 19 طفلاً ومعلمان، ما زالت تداعيات الواقعة التي وصفت بـ"المؤلمة" تتفاعل.
ففي 24 مايو/أيار الماضي، قتل 19 طفلا ومعلمان اثنان، في هجوم على مدرسة ابتدائية في ولاية تكساس الأمريكية، نفذه شاب يبلغ من العمر 18 عامًا، كان يحمل بندقيتين شبه آليتين من طراز إيه آر 15، قيل إنه اشتراهما بعد عيد ميلاده بفترة وجيزة.
ذلك الحادث "المروع"، سلط الضوء على قضية تشغل اهتمامات الأمريكيين وتسببت في حالة من الجدل، بل إنها قسمتهم إلى فريقين؛ الأول يدعو لحظر السلاح وتقييد الحصول عليه، بينما يرى الآخر ضرورة السماح للمواطنين "الصالحين" بحمله.
وبينما يقود الفريق الأول الرئيس الأمريكي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، يقف في الجانب الآخر الرئيس السابق دونالد ترامب وبعض الجمهوريين، بالإضافة إلى الجمعية الوطنية للبنادق.
جدل "واسع"
ذلك الموقف الأمريكي المنقسم، استدعى تدخلا من الرئيس بايدن، والذي تحدث مساء الخميس، وخلفه 56 شمعة تمثل جميع الولايات والأراضي الأمريكية التي تعاني من عنف الأسلحة، داعيًا إلى تعديل التشريعات التي تتيح امتلاك الأسلحة في الولايات المتحدة.
إلا أن تصريحات بايدن لم ترُق لجمعية البنادق (أكبر لوبي للأسلحة في أمريكا)، ما جعلها ترد ببيان شديد اللهجة، أكدت فيه أنها "ستحارب" أي اقتراح ينزع سلاح الأمريكيين الملتزمين بالقانون.
وفيما قالت جمعية البنادق -في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه- إنها تدعم السياسات الموضوعية والحلول الحقيقية التي من شأنها أن تحدث فرقًا، أكدت أنها تؤيد حق أي أمريكي يلتزم بالقانون في الدفاع عن نفسه وأحبائه.
حلول مؤقتة
وأشارت إلى أن أكثر من مليون أمريكي ملتزمين يستخدمون الأسلحة النارية بالقانون للدفاع عن النفس كل عام، معظمهم لا يطلق رصاصة واحدة، مؤكدة أنها ترفض السياسات التي قالت إنه "لا معنى لها"، مثل الكفالة غير النقدية، التي تخلق نظامًا للعدالة من الباب الدوار لا يعرض سوى المواطنين الصالحين للخطر.
ووضعت الجمعية حلولا، لتقليل حوادث إطلاق النار بأمريكا، بينها: تأمين المدارس حتى يكون مدرسونا وأطفالنا في أمان، والتطبيق الصارم لجميع القوانين الأمريكية التي تستهدف المجرمين "العنيفين".
"حظر السلاح".. مساعي بايدن على فوهات "جمعية البنادق"
وشددت على ضرورة محاكمة ومعاقبة المجرمين الذين يخالفون هذه القوانين، والقبض على أي مجرم عنيف أو أي شخص محظور خطير آخر يحاول شراء أو حيازة سلاح ناري، ومقاضاته ومعاقبته.
وأكدت جمعية البنادق ضرورة العمل على تدابير وظيفية وحلول حقيقية، والتي عند تنفيذها ستقلل من الجريمة وستساعد أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية سلوكية خطيرة، مدينة اقتراحات الرئيس بايدن، والتي قالت إنها "تنتهك" حقوق أولئك الذين يلتزمون بالقانون والذين لم يرتكبوا أي جريمة.
ذلك البيان طرح تساؤلات حول أهمية جمعية البنادق الأمريكية، وأهميتها، وقدرتها على التأثير في القرار الأمريكي، وما إذا كانت تستطيع توجيه الدفة، ضد تيار الرئيس بايدن، أم لا؟
فما هي الجمعية الوطنية للبنادق؟
تعتبر الجمعية الوطنية للبنادق أقوى منظمة لحقوق اقتناء السلاح في الولايات المتحدة، وقد رفضت معظم المبادرات للمساعدة في الحد من الجرائم الجماعية، بينها تشديد التحري عن خلفية مشتري الأسلحة.
تأسست من قبل اثنين من قدامى المحاربين الأمريكيين في الحرب الأهلية، في عام 1871، كمجموعة ترفيهية مصممة لتعزيز وتشجيع إطلاق النار بالبنادق على أساس علمي.
بايدن يدعو إلى "حظر" بيع البنادق الهجومية للأفراد
بدأت في ممارسة الضغط السياسي عام 1934، عندما اتجهت للكتابة حول معلومات تتعلق بمشاريع قوانين الأسلحة النارية القادمة، بل إنها دعمت قانونين رئيسيين لمكافحة الأسلحة وهما قانون الأسلحة النارية الوطني لعام 1934، وقانون مراقبة الأسلحة لعام 1968.
وبعد تمرير قانون مراقبة الأسلحة في السبعينيات، أصبحت الجمعية الوطنية للبنادق، أكثر نشاطا على المسرح السياسي، وخاصة بعد أن دشنت معهد العمل التشريعي، ذراع الضغط التي شكلتها في عام 1975، للتأثير على السياسة بشكل مباشر.
وفي عام 1977 شكلت لجنة العمل السياسي الخاصة بها (باك)، لتوجيه الأموال إلى المشرعين، إلا أنها بعد أعوام عدة وتحديدًا في يناير/كانون الثاني 2021، أعلنت إفلاسها في ولاية نيويورك، بهدف تجميد الملاحقات القضائية في حقها.
ويندرج هذا الإجراء في إطار خطة إعادة هيكلة تهدف إلى نقل هذه المجموعة المحافظة والنافذة إلى تكساس حيث تنتشر الأسلحة النارية بكثافة.
أعضاء الجمعية الوطنية للبنادق
جمعت الجمعية تحت لوائها بعض الأعضاء البارزين على مر السنين، بمن في ذلك الرئيس السابق الراحل جورج بوش الأب الذي استقال منها عام 1995.
وكان الممثل الراحل تشارلتون هيستون رئيسا للرابطة الوطنية للبنادق بين عامي 1998 و2003، والذي اشتهر بحمل بندقية فوق رأسه في مؤتمر للرابطة بعد إطلاق النار الجماعي في مدرسة كولومبين الثانوية عام 1999. ومن بين الأعضاء الحاليين المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بالين، والممثل توم سيليك والممثلة وبي غولدبرغ.
وزعمت الجمعية أن أعضاءها قفزوا إلى قرابة 5 ملايينؤ ردا على إطلاق النار الجماعي في مدرسة ساندي هوك في عام 2012، إلا أن محللين في ذلك الوقت شككوا في دقة الرقم، مشيرين إلى أنه يقترب من 3 ملايين عضو.
ميزانية جمعية البنادق
ففي الوقت الذي يخوض فيه المدعون العامون في نيويورك وواشنطن العاصمة حاليا معركة قانونية لحل هذه المنظمة بسبب مزاعم بأن القيادة العليا أساءت استخدام صندوق خيري وإعادة توجيه الأموال للإنفاق الشخصي المترف، تمتلك الجمعية ميزانية كبيرة للتأثير على أعضاء الكونغرس بشأن سياسة الأسلحة، ويديرها واين لابيير نائب الرئيس التنفيذي.
وأنفقت في عام 2020 نحو 250 مليون دولار، في رقم وصفته "بي بي سي"، بأنه أكثر بكثير من جميع مجموعات الدفاع عن ملكية الأسلحة ومحاربة وضع قيود عليها في البلاد مجتمعة.
إطلاق نار في كنيسة أمريكية.. مقتل شخصين وانتحار المنفذ
وتنفق الرابطة رسميا حوالي 3 ملايين دولار سنويا للتأثير على سياسة الأسلحة، إلا أن آخر مبلغ مسجل كان في عام 2014 وقدر بنحو 3.3 مليون دولار، بحسب تقرير لـ:بي بي سي".
وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا في عام 2016، انخفض إنفاق الرابطة على الحملات السياسية، وسط صعود جماعات مؤيدة للرقابة على السلاح، والتي تلقت ملايين الدولارات من المؤيدين الذين يعارضون معظم سياساتها.
أهمية جمعية البنادق
تتمتع بنفوذ غير مباشر كبير من خلال المشاركة السياسية لأعضائها، والذين يصوت العديد منهم بطريقة أو بأخرى في كل ما يتعلق بقضية حظر الأسلحة.
تصنف أعضاء الكونجرس الأمريكي بناء على مواقفهم من مسألة امتلاك السلاح، من "إيه إلى إف"، في تصنيفات علنية تؤثر بشكل "خطير" على استطلاعات الرأي، وقد تكلف المرشحين المؤيدين لفرض رقابة على السلاح مقاعدهم، بحسب "بي بي سي".
وتشير التقديرات إلى أن الجماعات المؤيدة للرقابة على الأسلحة ربما تكون قد تفوقت على الرابطة في هذا الإجراء لأول مرة على الإطلاق في عام 2018.
فوضى الرصاص تشيع القتلى.. إطلاق نار في مقبرة ويسكونسن الأمريكية
وتمارس جمعية البنادق ضغوطا شديدة ضد جميع أشكال الرقابة على الأسلحة، مشيرة إلى أن المزيد من الأسلحة يجعل البلاد أكثر أمانا، متخذة من تفسير مثير للجدل للتعديل الثاني من الدستور الأمريكي حجة تستند عليها.
وتعارض معظم التشريعات المحلية والتشريعية الفيدرالية وتشريعات الولايات التي من شأنها تقييد ملكية السلاح، بل إنها ضغطت ولا زالت من أجل إعادة بيع الأسلحة التي صادرتها الشرطة.
دعوات التشدد
وتدعم جمعية البنادق التشريعات التي توسع حقوق حيازة السلاح مثل قوانين "حمل السلاح علنا"، التي تسمح لمالكي الأسلحة بحمل أسلحتهم غير مخفية في معظم الأماكن العامة.
وعقدت الأسبوع الماضي، مؤتمرًا بمدينة هيوستن بولاية تكساس التي شهدت قبل أيام "مجزرة" في مدرسة روب الابتدائية ببلدة يوفالدي، الواقعة على بعد نحو ساعة برا من مقر إقامة المؤتمر، هاجم فيه ترامب دعوات التشدد في قوانين اقتناء الأسلحة.
وفيما أثار توقيت عقد المؤتمر في تكساس جدلا محتدما، تدفق آلاف من مؤيدي حمل السلاح إلى قصر المؤتمرات الواسع الذي كان يعرض فيه المصنعون على منصات أسلحة شبه رشاشة وتجهيزات صيد.
aXA6IDUyLjE1LjI1NC42NCA= جزيرة ام اند امز